لا تزال الأنباء تتواتر حول مسلسل أسمهان. ومع كل خبر جديد نسأل لماذا يكون اكتشاف الخريطة الدرامية العربية أصعب في بعض الأحيان من اكتشاف الخريطة الجينية .... أشياء كثيرة لم تعد مفهومة في هذه الأخبار البسيطة. ربما بسبب سوء طالع هذه النجمة أو تلك، وربما بسبب سوء الطالع الجماعي بعدما صرنا أعضاء طوعيين في مجتمع اتصالي"اجباري"شامل. ما يقودنا الى هذه الكتابة، وفيها بعض النعي لتقاليد عمل لا يراد لها أن تكون راسخة، هو أن الأنباء ما زالت تتواتر بالطريقة التي تغذت منها الصحافة الصفراء في ما مضى وهي تتناول حياة أسمهان. ومنذ الاعلان عن تقديم حياتها في مسلسل درامي من ثلاثين حلقة بدا للجميع أن الطابة مركونة في ملعب عائلة آل الأطرش. ولم نفهم حينها كيف يكونون السبب في المشكلة وكاتب السيناريو هو واحد من أفراد هذه الأسرة العريقة. ثم بدأت الأنباء المتناقضة تهل تباعاً، ومن كل حدب وصوب، عن ترشيح عدد من الممثلات للعب دور أسمهان في المسلسل الموعود. وبدأت المناوشات الاعلامية تخفف أو تزيد من حدة ترشيح هذه الممثلة أو تلك، فتارة تكون المغنية اللبنانية نانسي عجرم، وطوراً الممثلة الفلسطينية الصاعدة نسرين طافش، مروراً بالطبع بكارول سماحة ودينا حايك وصفاء رقماني... وغيرهن. بدا واضحاً للجميع من خلال قائمة الأسماء التي يبدو أنها مرشحة لتزيد وتطول وتراوح في مكانها في الوقت ذاته، ان استعصاء ما في خريطة هذا المسلسل بالذات يسبب هذه الأزمة التي أخذت تتوسع هوّتها كما يبدو بين المخرج نبيل المالح والمنتج فراس ابراهيم وهو ممثل أصبح يملك مؤسسة انتاجية خاصة به، ولا نعرف لماذا تتوسع وكيف، وكأنها هوة رقمية لا أمل بردمها أبداً، مع أن المسألة بسيطة ويمكن حسمها بطريقة من الطرق، بدلاً من أن تتحول الى نوع من عمليات شدّ الأطراف التي قد تنهك أصحابها في الدرجة الأولى من دون فائدة ترجى في العملية كلها، فلا نعرف من يكون الخاسر في مثل هذه الحالة؟ قد يقول قائل ان الخسارة لن تكون جسيمة مادياً إن توقف العمل في هذا المسلسل تماماً، على رغم ما يشاع من أن المنتج قد تكلف حتى هذه اللحظة أكثر من مئة ألف دولار، ولكن الأكيد أن الخسارة المعنوية ستكون كبيرة وستأتي على الأصول والأرقام... والأهم من هذا كله، التقاليد الانتاجية التي يسعى اليها أهل الدراما السورية صبحاً وعشية، ان عبر التصريحات، أو عبر اللقاءات التي تجمعهم دورياً الى الصحافة والاعلام. لم تعد لعبة توزيع الأدوار من الآن فصاعداً- تمتاز بجسارة من أي نوع، لا من جانب المنتج ابراهيم الذي أعلن في لحظة صفاء درامي قبل أيام انه لم يلتق بنسرين طافش، وهو لا يعرفها، مع أنهما زميلان في عالم التمثيل، ويقيمان على خريطة واحدة، وربما اشتركا في مسلسل واحد من قبل... ولا من جانب المخرج نبيل المالح الذي يقرر هو الآخر في لحظة صفاء من نوع آخر انه لم يحسم أمره في خصوص إسناد الدور الى الممثلة الشابة نسرين طافش، مع أنه قد أسنده اليها اعلامياً على الأقل. لقد تعدت عملية شدّ الأطراف مسألة الترويج للمسلسل، ولم يعد لآل الأطرش كما يبدو أي رغبة بمحاولة النفاذ الى عمق المشكلة،وجوهر القصة نفسها. ربما أصيبوا مثلنا - بملل من محاولة استكناه ما يدور بين المخرج والمنتج، اذ تبدو المشكلة بينهما فقط، وقد نصدق فعلاً بوجود لعنة أسمهان التي تطارد كل من يقترب من سيرتها الاشكالية، وكان المالح أول من أوحى لنا بهذه اللعنة، وهو يكاد يكون مسؤولاً عنها بعيداً من تصديقها، لأنه وحده، وهو صاحب تاريخ حافل، بوسعه أن يحسم كل ما من شأنه أن يسهم في عملية شدّ أو حتى تبديل الأطراف، فهو الرقم واحد في العمل الدرامي المنتظر، واذا ما كان هناك ثمة اعتراضات من المنتج المفترض على صاحبة الدور، فإما أنه يقوم بپ"الانقلاب"على المخرج المالح، ونحن هنا لم نطل على بنود العقد الموقع بينهما، أو أنه يترك المالح يقوم بالتغرير بپ"اللعنة"التي بدا أنها لا تطارده وحده، بل تطارد كل تلك الأرواح المتعلقة بالأميرة الأسطورية ونحن منها - التي شاءت يوماً أن تصبح واحدة من الملهمات في عالم الغناء العربي بپ36 أغنية فقط، ورحيل تراجيدي مكلف عن 27 عاماً!