لم تكد تهدأ عاصفة مسلسل"نزار قباني"، حتى بدأت تلوح في الأفق نذر عاصفة جديدة، وهذه المرة مع مسلسل حول حياة الفنانة السورية الراحلة أسمهان آمال الأطرش تعتزم شركة فراس ابراهيم إنتاجه، ويتولى نبيل المالح الإخراج وتعديل السيناريو الذي كتبه، أساساً، المخرج والسيناريست ممدوح الأطرش بالتعاون مع رفعت الهادي، وهو السيناريو نفسه الذي تعرض للتعديل، من قبل، على يد السيناريست قمر الزمان علوش كي يناسب مقاس التلفزيون السوري، ومقص رقيبه الكريم، غير أن المشروع لم يكتمل، آنذاك، بعد أن وضع القائمون على هذا التلفزيون"عقداً كثيرة، وذرائع شتى"في وجه العمل، حالت دون تنفيذه، كما يقول ممدوح الأطرش. ممدوح الأطرش يعد عراب هذا المشروع، ففضلاً عن كتابته السيناريو الرئيس، فإنه بذل جهداً"قانونياً مضنياً"، إذ تنقل خلال خمس سنوات بين محاكم بيروتودمشق والسويداء حتى حصل، قبل أشهر، على قرار من محكمة النقض في دمشق"يجيز تصوير وتنفيذ مسلسل تلفزيوني عن حياة أسمهان"، وبالتوازي مع ذلك كان يفاوض أقرباءه من آل الأطرش بغرض الحصول على الموافقة"العائلية"، وتمت له ذلك إذ حصل على تصريحات خطية من وجهاء آل الأطرش باستثناء كاميليا ابنة أسمهان، التي"تراجعت عن الموافقة مطالبة بمليوني دولار لقاء السماح بتصوير مسلسل عن والدتها"وفق ما يقول الأطرش، غير أن الحكم المشار إليه آنفاً حسم الموضوع، وبدأت الاستعدادات لتصوير المسلسل. مفاجأة هنا تراجع ممدوح الأطرش عن إخراج العمل بسبب المعاناة التي لقيها قبل صدور قرار المحكمة، فهو يقول أنه كره شخصيات العمل نتيجة المعارك التي خاضها في أروقة المحاكم ومنطقة السويداء التي نشأت فيها المطربة الراحلة، وشعر بإحباط شديد جعل القيام بإخراج المسلسل أمراً شاقاً بالنسبة اليه، مما سيترك، بحسب رأيه، تأثيرات سلبية تضر بسلاسة العمل وصدقيته، فآثر بيع النص، وحقوق التصوير، لشركة فراس ابراهيم محتفظاً لنفسه، في العقد المبرم بينهما، بالاطلاع على التعديلات التي ستدخل على النص، ومشترطاً أن يكون"مشرفاً درامياً"على التنفيذ حتى لا تتشوه صورة قريبته أسمهان. وبصفته مشرفاً درامياً فوجئ بالأخبار التي تناولتها الصحافة في الآونة الأخيرة، والتي تقول إن المالح رشح المطربة اللبنانية نانسي عجرم للعب دور أسمهان، ويعلق ممدوح الأطرش، محتداً"لن أسمح بذلك ما حييت، فنانسي عجرم لا تصلح لهذا الدور لا في الشكل ولا في المضمون"، وهو يبدي استغرابه من اختيار مخرج بمكانة المالح لعجرم كي تجسد دور أميرة الجبل أسمهان التي شغلت العالم العربي في الثلاثينات والأربعينات، بشخصيتها الإشكالية. ويتابع الأطرش"إن هذا الاختيار يدل على جهل المالح بحقيقة شخصية أسمهان، ويدلل كذلك بأنه غير قادر على إظهار الغليان الداخلي الذي ميز شخصية أسمهان التي كانت تتمتع بكاريزما خفية، ومؤثرة لن تستطيع عجرم التعبير عنها، بأي حال". ويضيف ممدوح الأطرش:"شخصية أسمهان تحتاج إلى فنانة قديرة وموهوبة كي تجسدها، وان تتمتع بمواصفات وشروط خاصة جداً، لتكون مقنعة درامياً وتستطيع أن تبرز الدور الفاعل والقصير لأسمهان والذي بدأ في سن الرابعة عشرة وانتهى في السادسة والعشرين عندما قُتِلت".الأطرش هو من استخدم هذا الفعل الماضي المبني للمجهول. مسؤولية ما ورداً على سؤال عن الأوراق التي بين يديه حتى يملك حق الاعتراض، يرد ممدوح الأطرش:"أمارس هذا الحق بصفتي صاحب هذا المشروع منذ البداية، ولئن تنازلت عن حقوقي الدرامية كمخرج، وككاتب للنص، فأنا لم أتنازل عن حقوقي المعنوية، بصفتي شخصاً من آل الأطرش، وحريصاً، بالتالي، على سمعة هذه العائلة، ولن اسمح بان يجد هذا العمل النور ما لم يستوف الشروط الدرامية الكاملة، وإبراز دور أسمهان الوطني في سورية ولبنان، إلى جانب دورها الفني المرموق والمعروف". وأعرب الأطرش عن اعتقاده بأن اختيار المالح هذا يعني أنه"لم يستطع إدراك عمق شخصية أسمهان، وخلال اطلاعي على سيناريو حلقتين، أجرى المالح تعديلات عليه، اكتشفت أن لديه قراءة خاطئة، ومخيفة لهذه الشخصية، الأمر الذي سيثير مشكلات لاحقة مع آل الأطرش، فأسمهان، إلى جانب كونها مطربة امتلكت صوتاً عذباً، فهي كذلك كانت أميرة، وهذا ما لم يعه المالح الذي أكن له كل التقدير"، واختتم الأطرش حديثه مكرراً رفضه اختيار عجرم لأداء الدور، معتبراً نفسه مسؤولاً أمام التاريخ وعائلة الأطرش، مؤكداً أنه سيعمل كل ما في وسعه حتى يكون العمل موفقاً، ومعبراً بصدق عن مرحلة صاخبة عاشتها المنطقة العربية، وعاصرتها الراحلة أسمهان.