احيا "حزب الله" امس ذكرى العاشر من محرم في مسيرة حاشدة في ضاحية بيروت الجنوبية شارك فيها مئات الآلاف من انصاره، وطغى عليها حدثان: الاساءة الى النبي صلى الله عليه وسلم من خلال الرسوم التي نشرتها احدى الصحف الدنماركية وتظاهرة الاحد الماضي في محلة الاشرفية احتجاجاً على تلك الاساءة وما رافقها من اساءات الى سكان المحلة، الى جانب الحدث الاخير والذي تمثل بالتوصل الى ورقة تفاهم بين الحزب و"التيار الوطني الحر". وفاضت شوارع الضاحية بالمشاركين في المسيرة وبينهم أنصار من حركة"أمل"الذين تجمعوا في ملعب"الراية"في الرويس وبلغت امتداداتهم الى المشرفية وجادة الشهيد هادي نصر الله. وأدى سوء الاحوال الجوية الى اختصار المراسم المتبعة. ألقى الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله كلمة في الحشود مخاطباً الذين"نجحتم في امتحان عطاء الدم، وقدمتم اخوانكم وأبناءكم وآباءكم وفلذات اكبادكم، ارواحاً طاهرة في لبنان، في المقاومة دفاعاً عن لبنان وعن كرامتكم ووطنكم وشعبكم ودينكم ورسالتكم"، وقال:"انتم تقولون لسيدكم الإمام الحسين ان دمك الذي سفك من اجل دين محمد واسم محمد ونبوة محمد ها هو دينه واسمه ونبوته ما زال حاضراً قوياً حياً وما زالت الاجيال على امتداد التاريخ تنتمي اليه وتقتدي بهداه وتدافع عنه". وتوقف عند ما يريده"المستكبرون والطغاة وهو اذلال هذه الامة من خلال اهانة نبيكم". وقال:"نحن امة لا ترضى الذل، امة لا حياة لها بلا عز ولا معنى لها بلا كرامة. نقول اليوم للذين يهينون نبينا ويذلون امتنا. فنحن طلاب وتلامذة مدرسة كربلاء، وهيهات منا الذلة، اليوم ندافع عن كرامة نبينا بالكلمة والتظاهرة والصوت، ولكن فليعلم جورج بوش الرئيس الاميركي وليعلم كل من يوجد في هذا العالم المستكبر، اننا لو اضطررنا ان ندافع عن نبينا بالدم سندافع عنه بالدم. هذا الدفاع عن النبي يجب ان يستمر في كل انحاء العالم، ولتخرس كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية وبوش وكل الطغاة، نحن امة لا يمكن ان نتسامح ولا يمكن ان نسكت ولا يمكن ان نتهاون، عندما ينالون من كرامة نبينا ومقدساتنا". واضاف نصر الله:"اليوم هناك مساع لتسوية هذه الازمة في الوقت الذي يشتد الهجوم من جهة اخرى من صحف جديدة في دول جديدة في اوروبا، لا تسوية قبل الاعتذار، ولا تسوية قبل اصدار قوانين في البرلمان الاوروبي وفي برلمانات الدول الاوروبية. تسن قانوناً وهذه مسؤولية الدول الاسلامية في منظمة المؤتمر الاسلامي المطالبة بسن قانون ملزم للصحافة ولوسائل الاعلام في الغرب تمنع اهانة نبينا. اذا كان هذا الامر لا يمكن ان يتحقق هذا يعني انهم مصرون على مواصلة هذه الحرب. حتى ليلة امس لم يقف رئيس وزراء الدنمارك ليعتذر بل ليسوّف وهم يتعاطون في مكيالين وفي ميزانين، لو كان المستهدف اسرائيل او مقدسات يهودية. ونحن لا نقبل ان يمس بأي مقدسات، لاتباع أي دين، لكن على سبيل المثال، هل كان رئيس الوزراء الدنماركي يخضع ويركع امام الصهاينة واللوبي الصهيوني في العالم ام لا؟ هل الامة الاسلامية اهون على العالم من حفنة من الصهاينة في هذا العالم؟ لا يمكننا ان نسلم بهذه النتيجة". وانتقل نصر الله الى المسألة اللبنانية قائلا:"في لبنان ليس هذا اليوم نهاية المطاف. يجب ان يستمر التنديد بالإهانة بأساليب مختلفة وحضارية ومنضبطة ومدروسة لنوصل صوتنا الى العالم. ما جرى قبل ايام في منطقة الاشرفية يجب ان يعالج ويجب ان يصحح، هذه هي مسؤولية الحكومة، وانا ادعو الجميع الى عدم التهرب من مسؤولياتهم، هناك مسؤوليات عدة في ما حصل، يجب القيام بهذه المسؤوليات، ومعالجة الوضع، ويجب ان نتخلص من بعض التفاهات، كل ما يحصل شيء في الشارع، انقلاب سياسي وانقلاب من خارج الحدود ولا نعرف من اجتمع ومن خطط، هذه المسألة تحصل في أي مكان، تظاهرة تحصل في أي مكان تظاهرة قائمة وموجودة ليس لها ادارة محكمة حصلت اخطاء ميدانية وتفجر الموقف وارتكبت تلك الاخطاء، التي نرفضها ونندد بها، هذا هو حجم الموضوع عالجوه ضمن هذا الحد". شكر لأهالي الأشرفية وتوجه نصر الله الى اهالي الاشرفية"بكل الشكر على صبرهم ووطنيتهم، وللذين نزلوا ليدافعوا عن كرامة رسول الاسلام كل الشكر لانهم تحركوا بهذا الاندفاع الإيماني". وقال:"وللذين اخطأوا يمكن ان يعاقبوا ولا يستطيع احد ان يتحمل الخطأ في بلد يمر بظروف حساسة، هذا هو حجم الموضوع وهذا هو اطاره، لا نأخذه الى ابعد من ذلك. ما جرى في الاشرفية يجب ان يعالج ويجب ان نستمر كمسلمين ومسيحيين في التعاضد لرفض الإساءة الى أنبيائنا والى مقدساتنا". واثار نصر الله في كلمته المرتجلة قضية"الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الذين ما زالوا محتجزين في سجون ليبيا"، وقال:"ليس هناك أمام ليبيا سوى خيار وحيد، هو اعادة الإمام ورفيقيه، وان الحكم الذي صدر اخيراً عن محكمة إيطالية، هو حكم سياسي، الحكم الذي صدر بعد 26 سنة. وقبل 26 سنة قالوا ان الإمام الصدر لم يصل الى إيطاليا، بعد 26 سنة حكموا ان الإمام الصدر ورفيقيه وصلوا الى ايطاليا، هذا حكم سياسي ومدفوع ثمنه اموالاً وامتيازات لشركات ايطالية، وتعبير عن تواطؤ سياسي بين ليبيا وايطاليا، ونحن نرفضه. وما نؤمن به وما نجزم به وما نقطع به ان الإمام ورفيقيه، ما زالوا في ليبيا ويجب ان يعودوا الى لبنان". ثم تحدث عن الذكرى الاولى ل"حادثة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هذه المناسبة التي هي مناسبة وطنية يجب ان تبقى مناسبة وطنية، لا يجوز ان نحول مناسبة جامعة الى مناسبة ممزقة". وقال:"اللبنانيون جميعاً دانوا اغتيال الرئيس الشهيد، وجميعاً شاركوا في عزائه، اللبنانيون جميعا يريدون معرفة الحقيقة، ومعاقبة القتلة، يجب الرقي بهذه القضية الى مستواها الوطني والانساني". وأسف"لبعض وسائل الاعلام وخصوصاً تلك التي تدعي قرباً وحباً للرئيس رفيق الحريري، ولبعض السياسيين ايضاً الذين يدعون انهم الاخلص والاصدق في قضية الرئيس الحريري كيف"يقصون ويشطبون من وثيقة تعبر عن ارادة تيارين سياسيين كبيرين، الوثيقة التي صدرت عن لقاء حزب الله مع التيار الوطني الحر، والتي دانت كل عمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال، قبل الرئيس الحريري وبعده من مروان حمادة الى جبران تويني، الى كل الاحداث التي حصلت، واكدت ضرورة التحقيق وكشف الحقيقة، تقوم بعض وسائل الاعلام"بقصها"ثم بالتحدث عبر وسائل الاعلام عن ان"حزب الله"والتيار العوني تجاهلا هذه القضية. هذا"عيب"و"كذب"وعدم تحمل للمسؤولية وهذا"إساءة"الى وطنية قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل ان يكون إساءة الى"حزب الله"او الى التيار الوطني الحر". ودعا الى اخراج قضية استشهاد الرئيس الحريري من التوظيف السياسي والمحلي والاقليمي والدولي."لنعرف من هم القتلة والذين ارادوا بنا جميعاً، وبلبنان وسورية والمنطقة شراً وفتنة". وأكد التزام قضية الاسرى في سجون الاحتلال وهي"بالنسبة الينا قضية وفاء". وجدد نصر الله"الوعد والعهد للدفاع عن لبنان وحمايته بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، كما فعلنا قبل ايام"، وقال:"لن نسمح بأن يهدر دم لشعبنا في لبنان ولن نسمح ان تصاب في هذا البلد كرامة ولن نسمح ان تمس له سيادة، طالما ان شباب لبنان هم هؤلاء الشباب المضحون المدافعون المستعدون للشهادة. هذا البلد سيبقى آمناً وعزيزاً وقوياً وكريماً". استعجال الحوار وركز نصر الله على مسألة الحوار الوطني الداخلي ودعا الى استعجاله،"سواء في اطار المجلس النيابي، استناداً الى مبادرة الرئيس نبيه بري، او في اطار الحكومة، وفي أي اطار اشمل وأوسع"، وقال:"انطلاقاً من تجربة السبعة اشهر الماضية، هذا بلد لا يمكن ان يحكم بمنطق الاكثرية والاقلية، خصوصاً اذا كانت هذه الاكثرية وهمية، وغير دقيقة، واذا كانت اكثرية نسبية، وليست اكثرية كبيرة وبالغة، هذا البلد بحاجة الى الجميع، نحن نرفض ان يشطب أي تيار سياسي، او أي طائفة، سواء كانت صغيرة ام كبيرة، وأدعو القيمين حالياً على السلطة، الى ان يسلموا بالحقائق التي انتجتها التطورات الاخيرة وان يعرفوا اننا يجب ان نضع ايدينا مع بعضنا بعضاً جميعاً، لنبني بلدنا ودولتنا لتكون دولة قادرة وقوية وتستطيع ان تعالج مشكلات شعبها، وأن تكون لها مكانتها في محيطها الاقليمي وفي المجتمع الدولي". ورأى ان"الطريقة التي يدار فيها لبنان منذ الانتخابات الى اليوم، لا يمكن ان تنتج حكومة قادرة، ولا يمكن ان تبني مؤسسات دولة قادرة وحقيقية. الدولة بحاجة الى رجال دولة وبناؤها بحاجة الى عقول تتصرف على اساس دولة، وليس على اساس فئويات او شخصانيات او انفعالات، او حسابات خاطئة، اليوم لا يمكن ان يستمر الوضع على هذه الشاكلة ولا يمكن ان نستنزف لبنان وشعبه في سجال سياسي وفي مؤتمرات صحافية نهاجم فيها بعضنا بعضاً وفي اتهامات توزع وفي تسريبات مستعجلة". وسأل:"الى اين يدفعون بهذا البلد، تصوروا ان بعض من يدير الدولة هو الذي يسهم اكثر في توتير الأجواء السياسية والطائفية في البلد، ويضع البلد على فوهة بركان، ومن هو خارج الدولة يجب ان يعمل على تهدئة الخواطر ويجب ان يعمل على طمأنة النفوس ويجب ان يعمل على قطع الطريق، هذه معادلة معكوسة. من هم في الدولة والحكومة القوى السياسية التي تدعي انها هي السلطة اليوم في لبنان هي المعنية قبل غيرها ان تكون دقيقة في ما تقول، وان تكون دقيقة في خطابها، وفي حسابتها ومعلوماتها وان تتصرف كدولة ومسؤوليات دولة وليس كميليشيات، وليس كأحزاب منافسة، عندما تكون في الشارع لك حساباتك، اما عندما تكون في الدولة مسؤولياتك مختلفة. ولذلك يجب ان تكون حساباتك مختلفة. نحن نستعجل الدعوة الى حوار وطني، للخروج من المناخ السلبي الذي يعيشه لبنان منذ مدة. وهناك قاعدة اتفاق الطائف، الذي لم يتجاوزه احد، الحكومة اللبنانية مدعوة في المرحلة المقبلة الى التزام الاولويات بعيداً من الجدل وتضييع الوقت في سجالات واتهامات سخيفة كتلك التي قيلت عن مناطق"بنشعي"وغيرها". واعتبر"ان الاولوية هي لمعالجة الوضع الاقتصادي الضاغط، ثم تحصين السلم الاهلي، وترتيب الاوضاع والعلاقة مع سورية وليس على حساب التحقيق الدولي ولا على حساب الحقيقة". وقال:"استمرار الوضع القائم بين لبنان وسورية ليس من مصلحة لبنان على الاطلاق، من يريد ان يخوض حرباً مع سورية او على سورية سيمكنه ان يستفيد من حزبه او جماعته او فئته، ولكن لا يجوز جر الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية ومؤسساتها الى حرب من هذا النوع او الى مشروع من هذا النوع ليس لمصلحة لبنان". وجدد نصر الله"تضامننا مع شعب فلسطين، المقاوم والمضحي، والذي يواجه استحقاقات كبيرة وخطيرة"، كما جدد"تضامننا مع سورية في وجه الهجمة الدولية"، واعلن"تضامننا مع الشعب العراقي ومظلوميته، وسعيه ليحكم بلده وليستعيد حريته وسيادته بالكامل". كما اعلن"تضامننا مع الجمهورية الاسلامية في ايران وحقها الطبيعي والقانوني في الحصول على الطاقة النووية السلمية". ونظم"حزب الله"مسيرات عاشورائية في بعلبك والهرمل وصور وألقيت كلمات اكدت استمرار المقاومة، والوحدة الوطنية.