في وقت فشل وزير بريطاني في إقناع الرئيس عمر البشير بتغيير موقفه الرافض نشر قوة تابعة للأمم المتحدة في إقليم دارفور غرب السودان، أُفيد أن الخرطوم أوفدت قيادات من الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم الى العاصمة الاريترية في زيارة خاطفة تدخل في إطار تحركات استكشافية تُمهّد لمفاوضات قد ترعاها أسمرا مع فصائل متمردة في دارفور رافضة اتفاق أبوجا للسلام في الإقليم. ونُقل عن البشير، في غضون ذلك، أن قرار مجلس الأمن الرقم 1706 القاضي بنشر قوة للأمم المتحدة في غرب البلاد لا يضع دارفور وحدها تحت الوصاية الدولية وإنما السودان ككل، مما يمثّل"استعماراً جديداً". وفي الخرطوم أ ف ب، أعلن وزير التعاون الدولي البريطاني هيلاري بن، مساء الاثنين، انه شدد بقوة أمام البشير على ضرورة نشر قوة تابعة للأمم المتحدة في دارفور. وأوضح للصحافيين بعد لقاء مع الرئيس السوداني ان البشير اصر على رفض مثل هذه القوة لكنه مقتنع بضرورة تعزيز القوات الافريقية المنتشرة في الاقليم. وأضاف بعد محادثات استمرت ساعتين:"كنت في الفاشر دارفور صباح اليوم الإثنين حيث التقيت القائد الجديد للقوة الافريقية لأنني قلق جداً وكذلك الحكومة ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير لتدهور الوضع الأمني ولفرار كثيرين من منازلهم وتعرض عمال انسانيين لاعتداءات وموتهم". وتابع:"لكل هذه الأسباب تدعم الحكومة البريطانية بحزم قرار مجلس الأمن 1706 القاضي بتحويل مهمة الاتحاد الافريقي الى مهمة للأمم المتحدة". وأضاف ان"قائد القوة الافريقية قال لي انه بحاجة للمزيد من القوات ليتمكن من حماية السكان على الأرض ونقل المساعدات الانسانية". وأوضح الوزير البريطاني إثر زيارة استمرت يوماً واحداً للسودان:"نقلت بوضوح للرئيس البشير وجهة نظر الحكومة البريطانية التي ترى ان هذا الأمر هو الذي يجب أن يحصل مع تأكيدي له دعم الحكومة للقوة الافريقية". ورداً على سؤال حول جواب الرئيس البشير، قال بن ان الرئيس السوداني كرر رفضه نشر قوة تابعة للأمم المتحدة وان أقر ب"الحاجة إلى المزيد من القوات في دارفور بسبب تدهور الوضع الأمني". من جهته، قال وزير الخارجية السوداني لام اكول ان"المهم بالنسبة إلى الحكومة السودانية هو تطبيق اتفاق السلام في دارفور"الموقع في أيار مايو الماضي في أبوجا نيجيريا. وحول الهجمات المتكررة التي تشنها القوات النظامية، قال ان"الحكومة تقوم بالدفاع عن النفس ولم تتخذ أبداً المبادرة بمهاجمة مواقع المتمردين". وكانت وسائل الإعلام السودانية ذكرت الاثنين ان الخرطوم وضعت خطة ليتم خلال شهرين نزع اسلحة ميليشيا الجنجاويد الموالية للحكومة والمتهمة بأعمال عنف وبممارسة تجاوزات بحق سكان دارفور، موضحة ان"هذه الخطة ستطبق في الشهرين المقبلين". وأشار الوزير البريطاني الى انه تطرق الى المسار السياسي للأزمة في دارفور مع البشير، موضحاً انه دعا الرئيس السوداني ومني أركو مناوي زعيم الفصيل الرئيسي في"حركة تحرير السودان"الى اقناع الأطراف الأخرى التي لم توقع اتفاق أبوجا بالإنضمام الى عملية السلام. وقال:"انها الوسيلة الوحيدة لإنهاء هذا النزاع". وفي أسمرا، علمت"الحياة"ان وفداً من الحكومة السودانية والمؤتمر الوطني الحاكم زار العاصمة الاريترية زيارة خاطفة استمرت يوماً وسط تكتم شديد. وضم الوفد مستشار البشير الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل ومساعد الرئيس نافع علي نافع ومسؤول الأمن والمخابرات صلاح عبدالله. وكشفت مصادر ديبلوماسية سودانية في أسمرا ان الزيارة تمت في سياق التمهيد للعب اريتريا دوراً في ملف دارفور ورعاية مفاوضات مع رافضي اتفاق ابوجا، علماً انها لعبت دوراً مماثلاً في استضافة المفاوضات بين الحكومة ومتمردي شرق السودان والتي أسفرت عن توقيع اتفاق لإنهاء أزمة الشرق الأسبوع الماضي.