حققت سورية العام الماضي أرقاماً"قياسية"في حجم الاستثمارات الأجنبية، بلغت نحو ستة بلايين دولار. وأثبتت الوقائع صحة الرهان على الاستثمار، إذ بدأت المشاريع الجديدة، خصوصاً في المجالين العقاري والخدمي تظهر للعيان في كل المناطق السورية. وبلغ عدد المشاريع التي شملها قانون الاستثمار الرقم 10 حتى نهاية الشهر الماضي، نحو 600 مشروع قيمتها الإجمالية 358 بليون ليرة سورية، يفترض ان تؤمن 40 ألف فرصة عمل، في مقابل 240 بليوناً في العام 2004. ولا تعكس هذه الأرقام حجم الاستثمار الكلي في سورية، لأن القوانين الأخرى، وفي قطاعات مختلفة، جذبت استثمارات جيدة أيضاً. ? وأوضح معاون مدير مكتب الاستثمار محمد سيف الدين، ان القانون الرقم 10 لا يشمل سوى المشاريع الزراعية والنقل والخدمات. أما المشاريع السياحية فيشملها القانون 168، والصناعة القانون الرقم 21، إضافة إلى تراخيص منحت العام الماضي لمشاريع نفطية، ولتأسيس جامعات ومصارف خاصة حققت أرقاماً استثمارية عالية. وعزا سيف"الطفرة"في الاستثمار العام الماضي، وخصوصاً الأجنبي نحو 100 بليون ليرة سورية، إلى"الطمأنة الحكومية"التي روج لها الرئيس السوري بشار الأسد والفريق الحكومي، ودخول المصارف الخاصة إلى البلاد، ما ساهم فعلياً في ارتفاع معدلات الاستثمار، إضافة إلى الوفرة المالية الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط في الخليج، والتعقيدات التي برزت في الدول الغربية بعد أحداث أيلول سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، ما دفع بالمستثمرين الخليجيين للبحث عن فرص لتوظيف أموالهم. وكانت سورية إحدى ابرز المحطات باعتبارها"بلداً بكراً"استثمارياً. قانون الاستثمار الرقم 10 ومع إعلان الحكومة حاجتها إلى 700 بليون ليرة سورية للاستثمار خلال السنوات الخمس المقبلة، بمعدل 140 بليون ليرة سنوياً لدعم خططها التنموية والوصول إلى نسبة نمو تتجاوز 7 في المئة عام 2010 لا تتجاوز حاليا 3.8 في المئة، فهي تتجه إلى توفير بيئة استثمارية مناسبة. ويجرى حالياً وضع اللمسات الأخيرة على تعديل قانون الاستثمار الرقم 10، وقانون إحداث"الهيئة العامة للاستثمار"، المتوقع إقرارهما بداية العام الحالي. وأشار سيف إلى ان الهدف من القانون الجديد، تلافي كل الثغرات في تنفيذ القانون الرقم 10، على مدى 14 عاماً من التطبيق، لافتاً إلى ان أهم ميزات القانون المعدل، انه يفتح المجال أمام المستثمرين، في معظم القطاعات والنشاطات التي كانت حتى فترة قريبة حكراً على الدولة وتسهل عملهم، وتحقيق التوازن ودعم خطط الدولة الخمسية وعملية التنمية الشاملة. هيئة عامة للاستثمار ويهدف مشروع إحداث"هيئة عامة للاستثمار"، إلى توحيد الجهة المشرفة على الاستثمار، وإعطائها صفة تنفيذية تتولى مهمة تبسيط الإجراءات، واعتماد مبدأ النافذة الواحدة. أما عن نسب التنفيذ الفعلي لهذه المشاريع، فإن الأرقام تبقى نظرية، لأن نسب التنفيذ في السنوات الماضية لم تتجاوز 40 في المئة في احسن الأحوال. ويؤكد سيف، انها وصلت إلى نحو 60 في المئة، وأن من الصعب تحديدها بدقة، لأن القانون يمنح المستثمرين ثلاث سنوات فترة تأسيس، وهي تطول أو تقصر بحسب المستثمر، وفي حال عدم التنفيذ لا يتضمن القانون أية إجراءات رادعة. واللافت في القانون الجديد زيادة حصة الاستثمارات الأجنبية في سورية، التي لم تتجاوز في الماضي نسبة 11 في المئة، الا أنها تجاوزت في 2005 نسبة 30 في المئة. واحتلت الإمارات المرتبة الأولى بين الدول العربية، تلتها السعودية، وبين الدول الأجنبية، جاءت ألمانيا في المقدمة، تلتها تركيا، وجاءت المشاريع العقارية أولاً، ثم الصناعية والنقل والخدمات. استثمارات أجنبية وأكد سيف ان المشاريع المهمة بدأ تنفيذها، مشيراً إلى ان"مجموعة عارف الاستثمارية"الكويتية، اختارت قطعة ارض في منطقة بين جمرايا والهامة، لاطلاق مجموعة مشاريع استثمارية حيوية في سورية بقيمة 16 بليون ليرة، تشمل إقامة مركز للمال والأعمال، وآخر للخدمات الصحية، وثالثاً للتكنولوجيا والتعليم. كما اختارت مجموعة tiger group الأرض لبناء مشروع سياحي كلفته 15 بليون ليرة. ووضعت"المجموعة الاستشارية الألمانية - السورية"التي تضم 26 شركة راغبة في الاستثمار في سورية، اللمسات الأخيرة على ثلاثة مشاريع استثمارية، لتوليد الكهرباء بواسطة الرياح، وإقامة مصنع للإسمنت، وبناء مدينة تكنولوجية. وتجاوزت الكلفة الاستثمارية لمشروعين فقط من المشاريع الثلاثة نحو بليون يورو. وكانت شركة"إعمار"الإماراتية دخلت جدياً في الاستثمار العقاري من خلال مشروع"البوابة الثامنة"، الذي تبلغ كلفته الإجمالية نحو أربعة بلايين دولار، وخصصت الأرض اللازمة له. كما أعطت الموافقة المبدئية على مشروع سياحي كبير على سفوح جبل الشيخ، كلفته نحو 27 بليون ليرة سورية، يضم منتجعات ومنحدرات تزلج وتليفريك. يشار أيضاً إلى مشاريع كبيرة لمستثمرين قطريين، عبر"الشركة السورية - القطرية القابضة"رأسمالها 200 مليون دولار، حيث أعلن عن استثمار بقيمة 194 مليون دولار لإقامة مشروع سياحي في مدينة اللاذقية الساحلية لمجموعة"فينيسيا"، علماً أن الاستثمارات القطرية في سورية تبلغ نحو 500 مليون دولار، ويتوقع أن تتجاوز عتبة الپ1.5 بليون دولار خلال السنوات المقبلة، في ضوء دراسة لمشاريع في مختلف المجالات. كما استقبلت سورية عام 2005 نحو 15 ألفاً من رجال الأعمال الأتراك، إضافة إلى استثمارات روسية بدأت تشق طريقها في مجال التعاون النفطي والغازي، بينها التوقيع على عقد مع"الشركة الروسية للاستثمار"كريديت لإنشاء مصفاة بترول ومجمع بتروكيماوي في مدينة دير الزور شمال شرقي البلاد بقيمة 2.7 بليون دولار.