يعتبر عبدالعزيز بوتفليقة 68 سنة الذي عاد أمس السبت الى البلاد بعد ان خضع لعملية جراحية في فرنسا، أبرز صانعي المصالحة الوطنية في الجزائر التي شهدت عقداً دامياً من أعمال العنف منذ انتخابه رئيساً للدولة عام 1999 واعادة انتخابه لولاية ثانية في نيسان ابريل 2004. وقد تأكد ذلك من خلال استفتاءين يهدفان الى عودة السلم الى البلاد بعد سقوط 150 الف قتيل منذ 1992 في اعمال عنف نسبت الى الاسلاميين المسلحين. نظم الاستفتاء الأول حول"الوئام المدني"عام 1999 وادى الى استسلام الاف الاسلاميين، بينما كان الثاني الذي نظم في نهاية أيلول سبتمبر الماضي يهدف الى المصادقة على"ميثاق السلم والمصالحة والوطنية"وطي صفحة الارهاب نهائياً وتعزيز الوحدة الوطنية. كان بوتفليقة الذي كثيراً ما يتعرض للانتقادات التي تتهمه بالنزوع الى التفرد بالحكم بلا منازع والذي كان خصومه يشتبهون في انه يسعى الى تعديل الدستور للتمكن من الترشح لاكثر من ولايتين رئاسيتين، ديبلوماسياً محنكاً لسنوات عديدة. قاد بوتفليقة الديبلوماسية الجزائرية من 1963 الى 1979 بمهارة يعترف له بها حتى خصومه في مرحلة كانت الجزائر تعتبر"قبلة ثوار العالم". ولد بوتفليقة في الثاني من اذار مارس 1937 في وجدة المغرب في عائلة تتحدر من تلمسان الغرب الجزائري وانخرط عام 1956 في صفوف جيش التحرير الوطني لمكافحة الاستعمار الفرنسي في الجزائر. انتخب مباشرة بعد الاستقلال عام 1962 نائباً عن ولاية تلمسان في أول برلمان تأسيسي قبل تعيينه وزيراً للشباب والرياضة في عهد الرئيس أحمد بن بلة 1963-1965. اقصي بوتفليقة عن السلطة اثر وفاة الرئيس هواري بومدين في كانون الاول ديسمبر 1978، ولم يتول أي منصب سياسي منذ تموز 1981. وفي كانون الثاني يناير 1994 رفض تولي رئاسة الدولة التي منحت على الاثر الى اللواء اليمين زروال. وبعد مرحلة تهميش عاد بوتفليقة وترشح الى الانتخابات الرئاسية في نيسان ابريل 1999 مدعوما من الجيش وجبهة التحرير الوطني الحزب الواحد سابقا. وجد بوتفليقة نفسه مرشحاً وحيداً بعد انسحاب منافسيه الستة عشية الانتخابات للاشتباه في عملية تزوير. ووجه له خصومه الاتهام نفسه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نيسان ابريل 2004. عرف بوتفليقة بأنه خطيب مفوه يتحدث بطلاقة باللغتين العربية والفرنسية وهو يحب تحية الحشود كما اشتهر بنوبات غضبه"المسرحية"التي تعود عليها الجزائريون الذين يحبون التعليق عليها. وكثيراً ما يضفي على نظرته الصارمة ليونة بابتسامة ساحرة تعلوها عينان زرقاوان تبرقان من الذكاء. وفي بعض الاحيان ينتابه الغضب الشديد خلال زياراته التفقدية امام عدسات كاميرا التلفزيون العمومي. يحب بوتفليقة التجوال في الجزائر العميقة التي جابها شرقا وغربا مترجلا وسط الهتافات ومزامير الفرق الفولكلورية. ويتذكر الجزائريون بالخصوص بعض حركاته الرمزية مثل تسديده ركلة جزاء في ملعب لكرة قدم او نقاشه مع مصارعي الجودو او الملاكمة والقبلة الطويلة التي وضعها على جبهة عجوز، مع انهم يسخرون من"القبلات الاربع"التي يستقبل بها الزوار الاجانب.