علمت"الحياة"من مصدر فرنسي مطلع أن التنسيق الفرنسي - الأميركي بشأن المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان، في انتظار صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس، لا يزال جيداً، وذلك بعد توقف المسؤولة في الخارجية الأميركية ليز تشيني في باريس وهي في طريق عودتها من مصر الى واشنطن، ولقائها مع مسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية. وقال المصدر إن فرنسا"لن تسمح بأي شكل من الأشكال باستراتيجية زعزعة استقرار لبنان"، فيما أكد مصدر ديبلوماسي غربي أن الولاياتالمتحدة تعتمد الموقف نفسه، وأنها"جدية جداً في الحؤول دون زعزعة الاستقرار اللبناني". وأضاف المصدر الغربي أن الإدارة الاميركية لن تتراجع قطعاً عن سياستها العازمة على مساعدة لبنان على استعادة استقلاله وديموقراطيته"حتى في حال تعرض مصالحها للتهديد". وأشار الى أنه منذ 11 أيلول سبتمبر قامت الولاياتالمتحدة بنقد ذاتي لما جرى في لبنان في الثمانينات، عند مغادرة القوات الأميركية بيروت، باعتبار أن ذلك شكل خطأ استراتيجياً كبيراً. وتابع أن المنطق الأميركي الذي كان سائداً نتيجة اعراض فيتنام والصومال وجعل الإدارة الأميركية غير قادرة على تحمل الخسائر قد ولى. وقال إن"النظام السوري يبدو كأنه غير مدرك للتغييرات والتحولات التي حصلت في العالم، ومنها انه لم تعد هناك حكومة تابعة له في لبنان على رغم المرحلة الدقيقة والمحرجة"التي يمرّ بها هذا البلد. ورأى المصدر أن"مسار استعادة لبنان سيادته وعافيته سيأخذ بعض الوقت، لكن الإدارة الأميركية جدية جداً في المساعدة على ذلك". واعتبر أن الأسرة الدولية"ذهبت بعيداً جداً على صعيد التوصل الى التغيير في لبنان، والولاياتالمتحدةوفرنسا لن تتخليا عن هذه السياسة". ووصف اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ودفعه حياته ثمناً لخروج القوات السورية، بأنه"خطأ استراتيجي"من جانب مرتكبي الجريمة. وسألت"الحياة"المصدر الفرنسي عما يعنيه بعدم السماح بزعزعة استقرار لبنان، فقال إن مجلس الأمن الذي يتولى الملف"يحرص بالتوافق على احترام عدد من الالتزامات التي تشكل الإطار المعتمد للحؤول دون زعزعة الاستقرار اللبناني". واضاف أن مجلس الأمن"قادر على القيام بالكثير لردع بعض التصرفات، ومن ذلك القرار 1595 الذي أتاح اطلاق تحقيق دولي لا مثيل له في تاريخ المنطقة، وتحرك القضاء اللبناني واعتقاله كبار المسؤولين الأمنيين، ومن جهة أخرى فإن الانسحاب السوري أصبح أمراً واقعاً، وكذلك العودة الى الديموقراطية رغم أنها لا تزال هشة وبحاجة الى تعزيز". لكنه أشار الى"ما تبقى"من بنود القرار 1559، أي"الانسحاب الكامل لشبكات الاستخبارات وانجاح نزع السلاح وتمكين لبنان من بسط سيادته وعلاقة مميزة مع سورية ثم العمل على الاصلاح الاقتصادي". واعتبر أن تولي مجلس الأمن للملف اللبناني أدى الى"تغيير أساسي، وفرنسا عازمة على مواصلة العمل على خط المجلس". وعما إذا كان"الحؤول دون زعزعة استقرار لبنان"يعني"عقوبات لسورية"، رأى المصدر أنه"من الأفضل عدم استباق الاستنتاجات التي سيتوصل اليها مجلس الأمن". وأشار الى قول الرئيس جاك شيراك"إن فرنسا تتمنى أن تفهم سورية طبيعة الضغط الذي تمارسه عليها الأسرة الدولية، وأن تغتنم الفرصة للقيام بالاصلاحات المرتقبة منها على الصعيدين الداخلي والدولي". وقال إن فرنسا"لا تعمل بأسلوب التهديد، وما قام به مجلس الأمن بالنسبة الى لبنان ضخم، لكن يبقى الكثير مما ينبغي القيام به، وفرنسا مستمرة في سياسة الضغط لإنجاح تنفيذ القرارات طالما أنه يؤدي الى نتائج، وإذا توقفت هذه النتائج، يكون لكل حادث حديث". وأكد المصدر أن فرنسا"لا تعرف شيئاً عن تقرير ميليس"، وأن الأخير"لم يلتق شيراك أبداً".