كشفت مصادر فرنسية مطلعة على محادثات الرئيس الفرنسي جاك شيراك مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، ان الجانبين عازمان على درس"اجراءات جديدة"، اذا لم تتجاوب سورية مع القرار 1559 بشأن استقلال لبنان وسيادته. وقالت انهما ابديا نية مشتركة وحازمة للحصول على تنفيذ القرار، مؤكدة ان"من السابق لأوانه تحديد ما ستكون عليه الاجراءات لكن النية باعتمادها موجودة بقوة اذا لم تطبّق سورية ما هو مطلوب منها". وأوضحت المصادر ل"الحياة"أن التحرك الأميركي تجاه سورية في الأسابيع والأشهر المقبلة سيكون مرتبطاً بثلاثة أمور، أولها مدى ضبط السوريين لحدودهم المشتركة مع العراق، علماً بأن الجانب الأميركي يعتبر أن هذه الحدود هي بمثافة مصفاة. وذكر أن الأمر الثاني هو ما سيجري مع"حزب الله"الذي تعتبر الولاياتالمتحدة أنه يعرقل مسيرة السلام، وان هذا الموضوع شكل أحد محاور محادثات شرم الشيخ. وأضاف ان الأمر الثالث يتعلق بالانتخابات المقبلة في لبنان، وما إذا كانت ستكون انتخابات حرة أم لا. في غضون ذلك، برزت في نيويورك مؤشرات الى توافق فرنسا مع الولاياتالمتحدة على اللجوء إلى"عصا فرض مجلس الأمن عقوبات على إيران"إذا رفضت طهران اعطاء"الضمانات الموضوعية"القابلة للتحقق ولتأكيد"تخلي إيران عن برنامجها العسكري النووي"، حسب مصادر مطلعة على التفكير الفرنسي. وقالت إن هناك"لقاء في الأهداف بين الولاياتالمتحدةوفرنسا"ليس فقط"لايقاف"البرامج النووية المحظورة، وإنما أيضاً"لتخلي إيران تماماً"عن هذه البرامج. وأضافت ان الحوار الذي يقيمه الثلاثي الأوروبي، الفرنسي - الألماني - البريطاني، مع إيران يصب حالياً في خانة"الضمانات الموضوعية". وذكرت مصادر مجلس الأمن أن الكلام عن عقوبات ضد إيران، الذي جاء على لسان رايس"ما زال مجرد كلام فقط"، علماً بأن مجلس الأمن"لا يستطيع أن ينظر في الموضوع ويتخذ اجراءات ما لم يُطرح الموضوع على طاولة المجلس، وهذا غير وارد الآن". وكانت رايس استعرضت مع الرئيس الفرنسي تصرفات سورية تجاه العراق بالقول ان هناك"عدم يقين"حول طريقة التصرف السورية وذلك"على رغم الكلام الطيب"الذي يصدر عنها في هذا الشأن. ولاحظت المصادر انه في اطار المسار الاميركي لنشر الديموقراطية في المنطقة، والمسار الفرنسي للحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وديموقراطيته، فإن موقف سورية وسياستها يشكلان"مفتاح"التحرك الدولي. وكانت رايس صرحت رداً على سؤال"الحياة"خلال مؤتمرها الصحافي المشترك مع وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه اول من امس، بأن هناك"امكانية متاحة امام الديموقراطية الهشة القائمة في لبنان، لكي تستقر بدعمنا لها"، ولهذا"رعت فرنساوالولاياتالمتحدة القرار 1559". واضافت انه ينبغي ان تكون هناك رسالة واضحة جداً توجه الى سورية لعدم التدخل في المسار الديموقراطي اللبناني والمضي في الانتخابات"، وان القرار 1559"يتناول هذه المواضيع وينبغي ان يطبق". ودعت رايس سورية الى الكف عن دعم الأطراف اللبنانية الرافضة لمسيرة السلام، وان الولاياتالمتحدة تنظر باستمرار الى ما يمكن اعتماده الى جانب قانون محاسبة سورية، لأن"من غير المقبول ان تستمر في تمويل الارهابيين ومساعدتهم"من أجل تدمير نهج السلام وتغيير ديناميكية التطورات اللبنانية. وذكرت المصادر الفرنسية ان شيراك سيستقبل ظهر السبت المقبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن. وأشارت الى أن الشرق الأوسط شكل محور محادثات شيراك - رايس مما يشير الى أن هذه المنطقة"أصبحت الآن في صلب اهتمام الديبلوماسية الأميركية التي تبدو مستعدة للتحرك بالاشتراك مع فرنسا وأوروبا لدفع الأمور الى التقدم". وبالنسبة الى العراق قالت المصادر ان رايس لم تطلب أكثر مما أبدت فرنسا استعدادها لتقديمه، أي تدريب القوات العراقية خارج العراق وتنفيذ اتفاق خفض الدين العراقي ودعم البرامج الأوروبية لإعادة بناء المسار السياسي ولاحقاً المساهمة في الإعمار الاقتصادي. وأضافت ان الجانب الفرنسي أكد ضرورة تحديد أمد منظور لانسحاب القوات المتحالفة من العراق وفقاً للقرار 1546، وردّ الجانب الاميركي بأنه ليس في نيته البقاء أكثر مما يتطلب الأمر، وأن القوات المتحالفة ستغادر العراق فور جهوز القوات العراقية، لكن رايس لم تشأ التكهن بأي موعد لذلك. وبالنسبة للمسار الفلسطيني - الاسرائيلي أشارت المصادر الى انه جرى التطرق لما يمكن القيام به لدفع خريطة الطريق، كما جرى تقويم أوضاع الحكومتين الفلسطينية والاسرائيلية وحدود الآمال التي تواكب قمة شرم الشيخ. وقالت ان لدى شيراك ورايس قناعة بأن شيئاً ما تغير في المنطقة وينبغي اغتنام الفرصة للتحرك، لكن قناعتهما أيضاً هي ان التقدم في هذا الملف لا يزال هشاً. وأضافت ان هذه المواضيع ستبحث بمزيد من العمق خلال قمة شيراك والرئيس الاميركي جورج بوش في بروكسيل في 21 شباط الحالي.