مشروبات الصودا أصبحت حاضرة في كل الأوقات وفي كل الوجبات حتى وجبات الفطور، فالأطفال يشربونها من دون حساب ولا احتساب تحت مرأى الأهل وبرضاهم جاهلين او متجاهلين مدى ما سيخلفه هذا السلوك الأرعن على صحة أطفالهم فلذات أكبادهم. الأرق والصودا. قبل سنتين ونيف أجريت دراسة اميركية على مئتي مراهق تراوح اعمارهم بين 14 و17 عاماً، فعلى مدى اسبوعين قام هؤلاء بملء استمارات مفصلة عن مأكلهم ومشربهم فجاءت النتائج مدهشة اذ اتضح ان نسبة لا بأس بها من المراهقين يتناولون يومياً نحو ال800 ملغ من مادة الكافيين من طريق مشروبات الصودا، وإذا عرفنا ان الكمية المسموح بها يومياً لهؤلاء من تلك المادة لا تتجاوز ال65 ملغراماً لأدركنا مدى الخطر الذي يلحق بالأطفال نتيجة هذا التصرف المتهور. لقد كشفت الدراسة ان شرب الكثير من الصودا يؤدي الى معاناة الاطفال من اضطرابات في النوم اذ يصابون بالأرق وينامون قليلاً ولا يستطيعون الدخول في عالم النوم إلا بصعوبة كبيرة، وكثيراً ما يتعرض هؤلاء الى نوبات النعاس المزعجة في النهار. البدانة والصودا. الى جانب الأرق واضطرابات النوم المنبثقة من الصودا، فإن هذه الاخيرة ضالعة حتى أذنيها في مشكلة تفشي البدانة عند الاطفال التي اصبحت ظاهرة خارجة عن نطاق السيطرة في كل دول العالم غنيها وفقيرها. وفي هذا النطاق قام البروفسور ديفيد لودفينغ وزملاؤه من مستشفى الاطفال في ولاية بوسطن الاميركية بالتعاون مع رفاقهم من مدرسة هارفارد للصحة العامة، بدراسة لمعرفة مدى العلاقة بين استهلاك مشروبات الصودا ومؤشر كتلة الوزن أي حاصل تقسيم الوزن بالكيلوغرام على الطول بالمتر المربع ولدى المقارنة بين الاثنين، تبين ان في كل مرة يشرب فيها الطفل كأساً اضافية من الصودا فإن مؤشر كتلة الوزن، وبالتالي البدانة، يرتفع الى نسبة عالية تتجاوز الخمسين في المئة. واذا عرفنا بأن الاطفال الاميركيين هم الرواد في شرب الصودا في العالم لأدركنا لماذا تفشت السمنة عندهم. نقص المعادن والفيتامينات والصودا. إن الاطفال في طور النمو والتطور ولهذا فهم في أشد الحاجة الى العناصر المغذية وبخاصة الفيتامينات والمعادن. ففي دراسة اميركية شملت 4 آلاف طفل تراوح اعمارهم بين 2 و17 عاماً، اشارت الى ان اولئك الذين يبالغون في شرب الصودا هم اكثر عرضة من غيرهم لنقص الفيتامينات والمعادن خصوصاً الفيتامين"أ"والمغنيزيوم والكلس، ولا غرابة في ذلك، فالحليب اصبح مادة نادرة في وجبات الصغار. ولكن شتان بين هذا وذاك، فلو ألقينا نظرة متفحصة على مشروبات الصودا لوجدنا انها تتألف من السكر وغاز الكربون وملونات ومعطرات ومحمضيات، أي في مركبات لا قيمة صحية لها على الاطلاق. اما الحليب فهو عنوان الصحة والعافية، اذ يؤمن للطفل حاجته من المعادن والفيتامينات مثل الكلس والمغنيزيوم والفيتامين"أ"والفيتامين ب9 والفيتامين ب12 اضافة الى عناصر مغذية اخرى لها وزنها على صعيد صحة الطفل. هناك ابحاث عدة اشارت الى كثرة وقوع الكسور بين الاطفال المكثرين من شرب الصودا وذلك يعود الى إحلال الصودا مكان الحليب الذي يحمل لهم الكلس اللازم لبناء عظام قاسية صلبة ومتينة قادرة على مواجهة عاديات الزمن. لزوجة الدم والصودا. ان الإدمان على مشروبات الصودا قضى علىعادة حسنة هي شرب الماء، فالأولى لا تستطيع في أي حال من الاحوال ان تحل بديلاً من الثاني. ان الماء يجعل لزوجة الدم على افضل ما يرام بحيث ينساب الدم بيسر اما مشروبات الصودا فهي على النقيض تماماً اذ ترفع من لزوجة الدم وهذا ما يفتح الباب واسعاً امام تكوّن الجلطات المسؤولة عن الأزمات القلبية والدماغية. بالمختصر المفيد، ان مشروبات الصودا لا تقدم للطفل سوى النذر اليسير من الحسنات فهي منعشة ومرطبة في فصل الحر، ولكنها في المقابل لها الكثير من السيئات، وعلى كل أم ان تأخذ صحة طفلها في الحسبان وأن تتخذ قرارها السليم منذ الآن وقبل فوات الأوان وقد اعذر من أنذر...