تنتهي اليوم عمليات الاستنفار السياسي والشعبي لانتخابات الشمال، المرحلة الاخيرة من الانتخابات النيابية اللبنانية التي ستؤدي الى اختيار 28 نائباً، بعدما اختار اللبنانيون في المراحل السابقة مئة نائب في المجلس الجديد. وفيما شهدت المهرجانات الانتخابية اتهامات متبادلة وتصعيداً سياسياً قل نظيره، ينتقل الشماليون الذين يتوزعون على دائرتين انتخابيتين، منذ مساء اليوم الى مرحلة حسم خياراتهم، والتي بدا ان معظمها محسوم نظراً الى غلبة الفرز السياسي على العملية الانتخابية، اكثر من أي وقت، بين لائحتين مدعومتين من"تيار المستقبل"بزعامة سعد الدين رفيق الحريري و"القوات اللبنانية"و"لقاء قرنة شهوان"، وبين اخريين يدعمهما العماد ميشال عون، يتزعم احداهما النائب سليمان فرنجية والأخرى مؤلفة من خصوم آل الحريري والقوات خصوصاً في عكار وعلى رأسهم النائبان مخايل الضاهر ومحمد يحيى والنائب السابق طلال المرعبي. وفيما لازم الحريري الشمال لاستنهاض مناصريه، زار العماد عون بيروت للاجتماع الى خصوم آل الحريري، رئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص والنائب السابق نجاح واكيم، وحضر اللقاء رئيس الحكومة السابق رشيد الصلح. راجع ص 2 و3 وقبل ساعات من انتهاء الانتخابات عقد رئيس بعثة التحقيق الدولية باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ديتليف ميهليس، والتي بدأت عملها رسمياً يوم الثلثاء الماضي، مؤتمراً صحافياً كشف فيه ان المتفجرة التي أودت بحياة الرئيس الحريري ورفاقه ومنهم النائب باسل فليحان"من المؤكد بنسبة 99 في المئة كانت محمولة داخل سيارة فان بيضاء من نوع ميتسوبيشي". وهو احتمال كان عدد من قيادات المعارضة شكك فيه متهمين بعض ضباط الأمن بأنهم سعوا الى ترويجه مقابل احتمال ان تكون المتفجرة وضعت تحت الارض. وقال ميهليس في تصريحاته:"لا يمكننا حتى الآن تحديد ما اذا كانت السيارة متوقفة ام انها اقتحمت موكب الحريري". لكنه قال ان الاستجوابات التي سيقوم بها ستشمل"جميع الذين كانوا مكلفين بالأمن عند وقوع الاغتيال، داخل لبنان..."، في اشارة اعتبر المراقبون انها يمكن ان تتناول ضباط أمن سوريين. وناشد ميهليس من لديه معلومات حول العملية الادلاء بها عبر خطين ساخنين. وقال ان الخبراء الالمان والسويسريين في فريقه لم يجدوا مؤشرات تدل الى ان التفجير حصل تحت الارض. وأوضح انه"بعدما نتوصل الى نتائج ضمن الموعد المحدد في القرار الدولي الرقم 1595 3 أشهر قابلة للتجديد سنقدم الملفات الى الاجهزة القضائية اللبنانية وسيترك الامر للقضاء اللبناني". وأشار الى انه يتوقع من الدول والاطراف بحسب قرار مجلس الامن التي قد تكون لديها معلومات متصلة بالجريمة"ان توافينا بهذه المعلومات. ولا يساورني ادنى شك في ان الحكومة السورية اذا حصلت على معلومات موثوقة ستتصل بالبعثة". وبالعودة الى الاستنفارات والمهرجانات الانتخابية، نظمت اللائحة المدعومة من عون ويتزعمها فرنجية في الدائرة الشمالية الثانية مهرجاناً في مدينة طرابلس. وقال فرنجية:"في 13 حزيران يونيو العام 1978 حصلت مجزرة اهدن اغتيال والده ووالدته وشقيقته فجلست كل طرابلس الى جانبنا في زغرتا، وفي اول حزيران العام 1983 تاريخ اغتيال الرئيس رشيد كرامي توجهت كل زغرتا الى طرابلس وتضامنت معها، ان هذا الشمال سيرد عليهم في الانتخابات يوم الاحد بموقف موحد رغماً عن ارادة من يريد ان يقسمه". وتابع:"ان طرابلس، وزغرتا، والكورة والبترون والمنية ستكون موحدة في صناديق الاقتراع، ونحن سنكون موحدين في البرلمان، وان لا صحة لما يقال بأننا حلف انتخابي بل نحن حلف حقيقي". وأضاف:"نابليون بونابرت قال اننا نختار اصدقاءنا، اما عائلتنا فنتحملها. ونحن نقول ان الرئيس الحريري كان من الاصدقاء ونحن نعتز ان نكون من اصدقاء الرئيس الشهيد، ولا نريد ان نقول ان في العائلة من يتحامل علينا". وتحدث جميع مرشحي اللائحة وابرزهم النائب السابق عبدالمجيد الرافعي وأحمد كرامي وجبران باسيل عن"التيار الوطني الحر"الذي قال:"ان طرابلس تعرضت للتدمير وللقتل على الهوية وبقيت صامدة". وقال:"الذين اوصلوا الدين في البلاد الى 50 بليون دولار لن تصدقهم طرابلس اليوم هي التي عرفت بين شوارعها الضابط اللاطائفي ميشال عون. وهم لو استطاعوا تأمين اكثريتهم في زحلة وكسروان - جبيل والمتن لما جاؤوا الى طرابلس قاصداً سعد الحريري". وانتقد القوات اللبنانية، قائلاً:"المصالحة عندهم فوقية وطرابلس لا تحتاج الى مصالحة لأنها تعيش على الدوام في المصالحة". واتهم اللائحة المنافسة"بالاستفادة من دم رفيق الحريري واستغلاله، وبخيانة وحدة المعارضة في 14 آذار مارس، نريد معرفة من قتل رفيق الحريري و14 آذار". وحملت الحشود صوراً لفرنجية وعون والمرشحين الحلفاء. وكانت السيدة ستريدا جعجع تحدثت في المقابل في مهرجان اقيم في بشري حضره جمهور من عكار، وقالت ان التحالف بين"القوات"و"تيار المستقبل"استراتيجي وليس انتخابياً. ونظم"تيار المستقبل"مهرجاناً آخر في عكار مع القوات تحدث فيه الحريري، وسط حشود حملت صوراً للرئيس الشهيد وظهرت بينها اعلام"القوات"وصور لقائدها الدكتور سمير جعجع. وقال الحريري:"ليكن واضحاً اننا نفرق بين الجيش الوطني الباسل وبين النظام الامني الفاسد. فالجيش لكل الوطن والنظام الامني لزمرة من الفاسدين... ولن نسمح بأي لغة طائفية ولن نسكت على أي تطاول على أي مقام من أي ديانة سماوية". وهاجم النظام الأمني"عنوان التفرقة والطائفية". وكان العماد عون قال ان"تيار المستقبل"وحلفاءه يضخمون الوهم السوري ليبرروا تدخلهم الامني عبر وزير الداخلية حسن السبع. وطالب السبع باعتقال ضباط المخابرات السورية التي قالت المعارضة انهم يتدخلون في الانتخابات. وأعلن عون عند لقائه مع الرئيس الحص، وهو الأول بينهما منذ ان كانا ترأسا حكومتين منفصلتين ابان الانقسام الذي حصل في السلطة في العام 1988،"اننا نمر بمرحلة مصيرية نؤسس فيها لخطاب سياسي جديد، نركز فيها على الوحدة الوطنية لنعالج المشاكل الاساسية التي تعترض لبنان ويجب ان نتبادل الرأي حولها ونعقد لقاءات مستمرة لنلتقي حول تثبيت المسلمات الوطنية ونتحاور حول المشكلات التي تعترضنا". وقال:"ان هذا اللقاء يتخطى حدود الطائفية والاقطاع السياسي والفساد وخصوصاً المال السياسي الذي يفسد تمثيل الشعب اللبناني". وسأل:"هل يعقل ان يكون من يفسد الشعب من خلال المال مؤتمناً على الوحدة الوطنية خصوصاً من رجل يشحن طائفياً ليربح الانتخابات؟". ودعا الى احتواء ذلك"كي لا تتكرر المأساة ونحن ما زلنا خارجين منها وليست لدينا المناعة الكافية لتجاوزها". وأكد الحص اهمية التواصل منوهاً بالخطاب"اللاطائفي"للعماد عون وبدعوته الى الاصلاح ومكافحة الفساد والتجاوزات والى محاكمة من تسببوا في ذلك. وحصل اللقاء في منزل السيدة ريا عمر الداعوق، في حضور الرئيس رشيد الصلح الذي دعا الى الاهتمام بتوحيد جميع فئات الشعب اللبناني وازالة جميع الفوارق وانشاء مجموعة في البرلمان ورحب بعون. اما واكيم فاعتبر ان الوحدة الوطنية والانفتاح السلاح الوحيد لمواجهة المخاطر المحدقة بلبنان،"خصوصاً اننا نشهد في جانب آخر عملية تجييش طائفية لا يدرك اصحابها الى أين تؤدي بالبلد".