لا يكاد يوم يخلو من المفاجآت على الصعيد اللبناني، وأبرزها يوم امس عودة الاتصالات بين القطبين المعارضين العماد ميشال عون ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط حول إمكان التحالف الانتخابي في مناطق جبلية، بعدما كان الأول اعلن عصر امس عن قطعها، هذا فضلاً عن تأكيد مصادر عون ان الاتصالات استؤنفت بينه وبين"تيار المستقبل"بزعامة سعد الدين رفيق الحريري على رغم الهجوم الذي شنه اول من امس على"تيار المستقبل"وجنبلاط لاستبعاده في تأليف لوائح بيروت والشوف. اما المفاجأة الثانية فكانت المصافحة بين النائب سليمان فرنجية والسيدة ستريدا جعجع اللذين التقيا عند مدخل البطريركية المارونية في بكركي وهي الأولى من نوعها بين اعداء الأمس، وبعد إعلان فرنجية"الصفح"عن"القوات اللبنانية"والدكتور سمير جعجع لمسؤوليتهما عن اغتيال والده طوني فرنجية في العام 1978، ابان الحرب اللبنانية. راجع ص 2 و3 والجديد المنتظر اليوم ان عون سيزور جعجع في سجنه لتكريس انهاء الخصومة التي نشأت في الحرب بين عون والقوات في العام 1989. وتزامنت هذه التطورات مع إعادة البطريرك الماروني نصر الله صفير الاعتبار ل"لقاء قرنة شهوان"الذي يضم اقطاب المعارضة المسيحية، في اجتماع له معه بعد سلسلة اتهامات من سياسيين مسيحيين للقاء قرنة شهوان بأنهم سهلوا اعتماد قانون الانتخاب للعام 2000 الذي ترفضه البطريركية المارونية. وحرص صفير على نفي هذه الاتهامات التي قال بعض الإشاعات انه وجهها الى"لقاء القرنة". وقال البطريرك ان"الإشاعات التي تتناولنا وأعضاء لقاء قرنة شهوان حملة مغرضة". ورأى ان ما وصل إليه"لقاء القرنة"شيء جيد... وتوقع سعد الدين رفيق الحريري ان تكتسح المعارضة الانتخابات النيابية المقبلة. وقال الحريري في حديث لوكالة"رويترز"انه يتوقع ان تحصد المعارضة ما بين 80 و90 مقعداً في البرلمان من اصل 128، مشيراً الى ان"ثمة الكثير مطلوب تحقيقه ما بعد الانتخابات". وقال:"مشكلتنا ان الناس تعتقد بأن معركتنا انتهت، انها بدأت للتو، انها معركة الإصلاحات. إصلاح الأجهزة الأمنية لإبعادها عن السياسة وتغيير مواقف بعض سلطات الدولة الأخرى". ورفض الحريري القول ما اذا كان سيضغط لإقالة رئيس الجمهورية، وقال:"هناك معركة من اجل تغيير العقلية التي تدير الأجهزة والسلطة لأن بعض رموزها لا يزال في السلطة، أما ما اذا كان على رئيس الجمهورية الاستقالة ام لا فهذا أمر يجب بحثه في المجلس النيابي المنتخب وسنرى أي مجلس سيكون". ويعقد الحريري آمالاً على لجنة التحقيق الدولية"لمعاقبة المجرمين والذين خططوا وأمروا ونفذوا ومولوا اغتيال الرئيس الحريري". وكان ميليس ديتلف المدعي العام في برلين الذي كلفه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان برئاسة لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قال ل"وكالة الانباء الالمانية"أنه لا يعلم حتى الآن موعد سفره إلى نيويورك لتلقي التعليمات في شأن مهمته. في انتظار موافقة مجلس الامن أولاً على المهمة. وسئل ديتلف 55 عاماً كيف اختير لهذه المهمة فقال إنه لم يرشح نفسه لها، مشيراً إلى أهمية القضية والتحريات التي سيجريها ووصف القضية بأنها"تحد في كل الاحوال". وعلى صعيد التحالفات الانتخابية علمت"الحياة"من مصادر العماد عون وأخرى قريبة من جنبلاط ان الاتصالات استؤنفت بين الجانبين. وقالت مصادر عون ان جنبلاط اتصل ليل اول من امس بالعماد مستفسراً عن اسباب هجومه عليه. وحين ابلغه عون بأنه يعترض على تفرده في التحالفات وإعلان لائحة الشوف، اجاب جنبلاط بأنه مستعد للبحث في شكل يريح التحالفات بين المعارضة. وفيما ذكرت مصادر الجانبين ان لقاء عقد بين قياديين من الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار عون ليلاً لاستئناف البحث، قالت مصادر عون انه سيشمل مع جنبلاط اعادة النظر بلائحة الشوف التي اعلنها جنبلاط، لإدخال مرشح عوني إليها، وبتركيب لائحة عاليه - بعبدا. وأوضحت مصادر جنبلاط ان البحث سيتناول الدائرة الأخيرة خصوصاً. وذكرت مصادر عون انه قبل باستئناف الاتصالات على رغم ان جنبلاط والحريري لم يقبلا سابقاً البحث معه في التعاون الانتخابي متجاهلين قوة تياره الانتخابية. وتمنت المصادر ان تؤدي"عودة العقلانية في التعاطي الى تحالف بعد المواجهة السياسية والإعلامية التي خاضها عون مع الطرفين المعارضين". وذكرت مصادر عون ان البحث مع"تيار المستقبل"يجري على صيغة التحالف الممكن في دائرتي الشمال. وعلمت"الحياة"ان جهوداً وضغوطاً متعددة بعضها خارجي لضمان عدم سقوط شخصيات كالنائب فرنجية في دائرة طرابلس - زغرتا - المنية - الكورة - البترون، اذا نجحت المعارضة في تركيب لائحة منافسة تضمن الأكثرية، كما ان ثمة اتصالات تولاها"حزب الله"مع جنبلاط لضمان عدم اسقاط النائب طلال ارسلان الذي كان زعيم الحزب الاشتراكي يترك مقعداً فارغاً في الدورات السابقة من اجل انجاحه، خلافاً للدورة الحالية من الانتخابات. ويتولى"حزب الله"الاتصالات في هذا الصدد نظراً الى الحرص السوري على حفظ مقعد ارسلان. إلا ان مصادر معارضة قالت ل"الحياة"ان جنبلاط و"تيار المستقبل"يربطان تعاونهما مع"حزب الله"في المناطق التي تقرر فيها هذا التحالف بيروت وعاليه - بعبدا والبقاع الغربي مع بعضها فإذا لا اتفاق في احداها يتأثر الاتفاق في الأخرى. وكان فرنجية زار امس صفير ثم العماد عون، وكرر هجومه على"تيار المستقبل"وجنبلاط واتهمهما بأنهما كانا"يتخفيان وراء العميد رستم غزالة رئيس جهاز الاستطلاع والأمن في القوات السورية التي كانت موجودة في لبنان ويأتون بالتركيبات من الشام"، وقال انه اتفق مع السيدة ستريدا جعجع على لقاء قريب. كما ابدى الرئيس السابق عمر كرامي استعداده مجدداً للتحالف مع فرنجية والعماد عون في وجه لائحة"تيار المستقبل"والمعارضين في لقاء قرنة شهوان وحلفائهم في طرابلس وأنه سيحسم الأمور غداً الخميس.