اتهم مجلس الشيوخ الاميركي مسؤولين روساً بالتورط في فضيحة برنامج"النفط للغذاء"، موضحاً ان نحو ثلث كوبونات شراء النفط التي منحها النظام العراقي السابق في اطار برنامج"النفط للغذاء"خصصت لأحزاب وشخصيات روسية رفيعة في مسعى لرفع العقوبات التي فرضتها الاممالمتحدة على العراق، فيما اتهم النائب البريطاني جورج غالاوي مجلس الشيوخ الاميركي، الذي يمثل اليوم أمامه، بالقيام ب"عملية تضليل كبيرة". وأفاد التقرير الذي أعدته لجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ برئاسة السناتور الجمهوري نورم كوليمان ان"حجم مخصصات النفط التي منحت لأفراد وأحزاب سياسية روسية بلغ نحو ثلاثين في المئة من مجمل النفط الذي يشمله البرنامج". وأضافت اللجنة الفرعية التي قدمت تقريرين من 300 صفحة مع ملحقاتهما ان"روسيا كانت على رأس الدول التي سعى النظام العراقي السابق للحصول على دعمها في مجلس الامن الدولي". ويستند التقريران الى لقاءات مع مسؤولين سابقين كبار في نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، من بينهم نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز ونائب الرئيس السابق طه ياسين رمضان. كما يستندان الى وثائق ورسائل الكترونية وعقود جاءت خصوصاً من شركة النفط العراقية الرسمية او الشركة الروسية"نافتا"مكتوبة باللغتين العربية والروسية ومترجمة الى الانكليزية. وتتهم اللجنة الفرعية أيضاً الشركة النفطية الاميركية"باي اويل"التي قامت بوساطة في هذا المجال ويحاكم بعض مسؤوليها في الولاياتالمتحدة. وذكرت اللجنة ان اي كمية من النفط الذي سلم الى الروس لم تستهلك في روسيا، موضحة ان الوجهة الاخيرة لهذا النفط كانت الولاياتالمتحدة على الارجح. ووجه التقرير الاتهام الى الكسندر فولوشين، الذي رأس"المجلس الرئاسي الروسي"وشغل منصب كبير الموظفين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسلفه الرئيس بوريس يلتسن، اضافة الى النائب القومي الروسي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي الذي كان يتردد على العراق كثيراً. لكنه لم يذكر وجود أدلة على معرفة بوتين بهذه المخصصات. وأورد التقرير الجديد وثائق تكشف كيف تمت هذه التحويلات والشركات الوهمية في قبرص وسويسرا وأماكن أخرى، فضلاً عن تورط شركة"باي اويل"الاميركية التي وجه الادعاء الاميركي الاتهام لمديرين فيها الشهر الماضي. وجاء في التقرير ان جيرينوفسكي وحزبه"الديموقراطي الليبرالي"كوفئا بثمن بيع 75.8 مليون برميل من النفط الخام العراقي في الفترة بين حزيران يونيو 1997 حتى كانون الاول ديسمبر 2002. وأضاف التقرير ان أرباح جيرينوفسكي وحزبه من هذه العقود قد تصل الى 8.679 مليون دولار. وقدرت اللجنة ما دفع ل"المجلس الرئاسي الروسي"من خلال فولوشين او كاتم اسراره سيرجي ايساكوف بنحو ثلاثة ملايين دولار، فيما كسبت الحكومة العراقية في الوقت نفسه من وراء ذلك رشى بلغت قيمتها 5.6 مليون دولار. ونفى فولوشين وجيرينوفسكي في وقت سابق هذه المزاعم، وقال مسؤولون روس انهم سينتظرون التقرير النهائي لبول فولكر الذي عينته الاممالمتحدة لاجراء تحقيق مستقل في فساد برنامج"النفط للغذاء"، الذي بدأ العمل به أواخر عام 1996 وانتهى عام 2003 وبلغت قيمته 67 بليون دولار. وجاء في تقرير فولكر ان العراق حصل على 1.5 بليون دولار من البرنامج، بالاضافة الى ثمانية بلايين دولار أخرى من بيع النفط للاردن وسورية وتركيا خارج اطار البرنامج. مضيفاً ان وزير الداخلية الفرنسي السابق شارل باسكوا، الذي أصبح الآن عضواً في مجلس الشيوخ الفرنسي، حصل أيضاً على 11 مليون برميل من"مخصصات"النفط. في غضون ذلك سيمثل اليوم الثلثاء النائب البريطاني جورج غالاوي أمام مجلس الشيوخ في اطار الشهادات التي تستمع اليها"لمعرفة كيف كان يستعمل صدام حسين أموال النفط لمكافأة مسؤولين سياسيين"، للرد على مزاعم اللجنة الفرعية للكونغرس التي اتهمت غالاوي الخميس بالحصول على مبالغ كبيرة من صدام حسين، الذي منحه بشكل شخصي حق تصدير 20 مليون برميل من النفط عبر برنامج"النفط للغذاء". وكان غالاوي أدلى بتصريحات مساء الأحد لمحطة"سكاي نيوز"في مطار هيثرو في لندن قبيل توجهه الى واشنطن، اتهم فيها مجلس الشيوخ الاميركي بالقيام ب"عملية تضليل كبيرة". واتهم اللجنة الفرعية للكونغرس بأنها"توصلت الى نتائجها من دون توجيه أي أسئلة أو الاتصال بي. وهذا انتهاك رهيب للعدالة الطبيعية". وقال غالاوي، الذي طرد من حزب العمال البريطاني لمعارضته الحرب على العراق ولمهاجمته رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، انه يتطلع لعرض جانبه من الرواية، مهدداً:"سأضعهم في محاكمة ... الحكومة الاميركية وهؤلاء السياسيين الذين يساندونها". وأضاف:"سأتهمهم بالضلوع في عملية تضليل كبيرة بالنسبة للمشاكل الحقيقية في العراق". وأضاف ان"المشاكل الحقيقية في العراق هي سرقة ثرواته من جانب الولاياتالمتحدة وشركاتها ببلايين الدولارات ومقتل اكثر من مئة الف شخص من سكانه وتدمير هذا البلد وفتح الباب امام التطرف الاسلامي عبر تنظيم القاعدة". وأوضح:"يريدون تحويل انتباه الناس نحو الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ونحوي أنا ونحو الحكومة الفرنسية". وبموجب برنامج"النفط للغذاء"سمح للعراق ببيع النفط تحت اشراف الاممالمتحدة لشراء سلع لتخفيف اثر العقوبات على المواطن العراقي.