أعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، أمس، سراً مكشوفاً منذ فترة طويلة وهو ان الانتخابات البرلمانية المقبلة ستجرى يوم 5 ايار مايو المقبل، أي قبل عام كامل من موعد استحقاقها الفعلي. ويتمتع رئيس الوزراء البريطاني بهذه الصلاحية الخاصة للدعوة الى الانتخابات في الوقت الذي يعتبره مناسباً بالنسبة له وعلى النحو الذي يرى انه سيحقق من خلاله الفوز في هذه المعركة الحاسمة التي بدأت بالفعل منذ نهايات العام الماضي. وفي وقت تشير توقعات الى ان حزب العمال الحاكم سيتمكن من الفوز للمرة الثالثة على التوالي في هذه الانتخابات، لكن بغالبية ستقلّ عن المرتين السابقتين، نشرت الصحف البريطانية أمس نتائج استطلاعات للرأي أكدت ان حزب المحافظين المعارض استطاع تقليص تفوق العمال، بل ان أحد هذه الاستطلاعات اعطى المحافظين المرتبة الأولى. وأوضح بلير في كلمة ألقاها أمام مكتبه بعدما أبلغ ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية بموعد الانتخابات، ان حزب العمال أمامه"مهمة حاسمة"هي الفوز للمرة الثالثة على التوالي. وعلى رغم فقدان رئيس الوزراء لجانب كبير من صدقيته بسبب الحرب في العراق وعدم العثور على أسلحة الدمار الشامل التي كانت بالنسبة اليه المبرر الرئيسي للحرب، إلا ان فرص حزب المحافظين بالفوز تعتبر ضئيلة بسبب فقدان الحزب المعارض للدافع الايديولوجي الكبير وغياب زعامة لها كاريزما وقدرة على الإيحاء والاتصال، مثلما كانت الحال في عهد المرأة الحديد البارونة مارغريت ثاتشر. أما زعيم حزب الأحرار الديموقراطيين تشارلز كينيدي فقد سخر من بلير وزعيم المحافظين مايكل هوارد قائلاً انه"سيركز على تحقيق آمال الناس وليس على اثارة مخاوفهم". ويرى معلقون ان الحملة الانتخابية هذه المرة لن تتركز فقط على القضايا الداخلية الحساسة التي تهم الحياة اليومية للمواطنين مثل الاقتصاد والضرائب والصحة والتعليم، خصوصاً ان حزب الأحرار الديموقراطيين اعلن انه سيثير على نحو موسع الاخطاء التي ارتكبتها الحكومة بالنسبة الى الحرب في العراق والانفلات الأمني الذي لا يزال سائداً هناك وعدم الاعداد الجيد من جانب اميركا وبريطانيا لمرحلة ما بعد الحرب. ويرى مراقبون ان موقف المحافظين ليس أفضل من موقف العمال بالنسبة الى غزو العراق لأن الحزب المعارض الرئيسي أيّد العمل العسكري في شدة وكان يزايد حتى على العمال في مسألة ضرورة التخلص من حكم صدام حسين، على رغم انتقادات مايكل هوارد لبلير وحكومته بعد الحرب بالنسبة الى عدم العثور على أسلحة الدمار العراقية وكذلك ما وصف بأنه"تضليل"مجلس العموم البريطاني حول مبررات الحرب، الا ان الناخب البريطاني يدرك ان الحزبين الرئيسيين تتماثل مواقفهما بالنسبة الى العراق وإن اختلفت الأساليب. ومع ذلك، فإنه ليس واضحاً ما اذا كان الناخب البريطاني ينوي معاقبة بلير وحزبه كما حدث في الانتخابات الاسبانية في العام الماضي عندما حقق الحزب الاشتراكي الفوز بسبب معارضة غالبية الاسبان للحرب على العراق وانزالهم العقاب بالتالي بالحزب المحافظ. لكن البديل في بريطانيا ليس مقنعاً للناخب العادي. ولهذا السبب فإن بلير يريد ان يبرز خلال الحملة الانتخابية التي كانت بدأت مطلع العام الحالي على نحو غير رسمي، أهمية الانجازات الاقتصادية التي حققها العمال بالنسبة الى الاستقرار الاقتصادي وهبوط معدلات التضخم وانخفاض اسعار الفائدة التي تؤثر على قروض العقارات في شكل حاسم وكذلك تحسن الأوضاع التعليمية والصحية. ومن المقرر ان يُحل البرلمان الاثنين المقبل، على ان يعقد مجلس العموم الجديد أولى جلساته بعد الانتخابات يوم 11 ايار مايو المقبل، وتقوم ملكة بريطانيا بافتتاح البرلمان الجديد رسمياً يوم 17 ايار المقبل.