منذ شهرين كنت أقطع المسافة من عملي الى منطقة الحمراء في بيروت في حوالى نصف الساعة، مع ان المسافة لا تتعدى 3 كلم. وكان الزحام خانقاً في كل المناطق في: الأشرفية، في الدورة، في الضاحية الجنوبية. أما الآن فإنني أصل الى أي مكان من هذه الأمكنة في حوالى خمس الى عشر دقائق. وليس ذلك لأنني ابتعت طائرة عمودية، أو لأنني أصبحت الرجل الوطواط، ولكن السبب بسيط جداً. فإن موجة الرعب بعد التفجيرات الأخيرة، أبقت الناس في منازلهم، وكلهم مسمّر الى شاشات التلفزة المحلية والفضائية. والنساء أصبحن المنتصرات، إذ ان الرجال يمضون وقتاً أكثر في المساء داخل المنزل. وهذا يعزز اللحمة، ويقوي الروابط الأسرية. أما الأولاد فأصبحوا يعرفون أركان المعارضة وأركان الموالاة. وهم ينتظرون نشرة الأخبار، ويشاهدونها بعد أن كانوا يملأون البيت بالصراخ. وأصبح الوضع السياسي في المنزل منقسماً بين الموالاة والمعارضة. وإذا بقيت الحال على ما هي عليه فإن السواتر الترابية، والدشم العسكرية ستنشأ في كل منزل. انني أسأل وأوجه سؤالي الى المعارضة: 1 - أليس المطلب الرئيسي الآن هو معرفة الحقيقة؟ 2 - أليس المطلب الثاني هو الانتخابات النيابية؟ 3 - أليس المطلب الثالث هو إقالة قادة الأجهزة الأمنية؟ 4 - أليس المطلب الرابع هو انسحاب القوات العربية السورية من لبنان. ولكن تنفيذ هذه المطالب لا يكون إلا بتشكيل حكومة تجمع المعارضة والموالاة مناصفة، لتكون حكومة قوية قادرة على اخراج قانون انتخابي على حجم الوطن، وإجراء انتخابات حرة من دون تدخل خارجي وإملاءات ودروس في الوطنية من أحد. ولكن ماذا تعني كلمة حرية؟ وما هي السيادة؟ هل بخروج الجيش السوري ودخول جيوش أجنبية أخرى؟ وماذا تعني كلمة استقلال؟ إنني أستحلفكم بالله أن تجتمعوا وتشكلوا حكومة تجمع المعارضة والموالاة وعدم تشكيل حكومة حيادية لأنها ستكون هشّة، ولا سلطة لها. فلتأت حكومة قوية، ولتأخذ المعارضة وزارتي الداخلية والعدل لمتابعة سير التحقيقات، ولوضع قانون انتخابي عادل، واجراء الانتخابات النيابية. وأقبلوا ما شئتم بعدها. بيروت - رمزي فؤاد المقداد