سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قلب بيروت في قبضة شباب المعارضة : كشف الجناة واستعادة السيادة والانسحاب السوري . موسى : الأسد تحدث عن انسحاب لا عن اعادة انتشار ، سترو : شبهات عالية حول ضلوع سورية ، الاتحاد الاروروبي يطالب بتحقيق دولي
اجتازت المعارضة اللبنانية اول اختبار للقوة بينها وبين السلطة امس، في تظاهرة حاشدة نظمتها المنظمات الطالبية التابعة لها، في وسط بيروت، ذكّرت بالتحركات الشعبية التي رافقت الانتخابات الرئاسية في اوكرانيا الشهر الماضي، حتى ان بعض المعارضين استعار اللون البرتقالي الذي ظهر في انتفاضة كييف، لكن اللون الموحد الذي اختاره المعارضون اللبنانيون كان الأحمر والأبيض راجع ص 2 و4 و5. وفيما دعا الرئيسان الاميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك مساد امس من بركسيل الى انسحاب الجيش السوري من لبنان، شهدت بيروت امس مسيرة تشييع ثانية لرئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري، في ذكرى اسبوع على اغتياله، انطلقت في التوقيت نفسه لتفجير موكبه في 14 شباط فبراير الماضي، ومن المكان نفسه قرب فندق فينيسيا، الى ضريح الرئيس الراحل، رافعة صوره والأعلام اللبنانية وشعارات موحدة استمرت في ترجمة الغضب الشعبي على الجريمة وضد السلطتين اللبنانية وسورية، في هتافات صدحت في فضاء المنطقة الخضراء، ولافتات تدعو الى انسحاب سورية من لبنان وتلح على معرفة من قتل الحريري. وفاجأ حجم الحشود التي نزلت الى الشارع تحت عنوان"انتفاضة الاستقلال"قادة المعارضة انفسهم بحسب ما ابلغ بعضهم"الحياة"كما فاجأ اركان السلطة التي اتخذت تدابير امنية ضخمة شملت الاستعانة بفرقة"الفهود"التابعة لقوى الأمن الداخلي وفوج المكافحة في الجيش. وفيما ذكرت وكالة"فرانس برس"ان اكثر من مئة ألف شاركوا في تظاهرة الأمس، تفاوتت تقديرات اخرى بين 200 و300 ألف متظاهر إذ انضم الى الطلاب الكثير من المواطنين العاديين، من جميع المناطق اللبنانية. ونجحت المعارضة في اختبار آخر تقاسمه معها رئيس المجلس النيابي نبيه بري حينما نجح في تنفيس الاحتقان الذي ساد البرلمان قبل ظهر امس على خلفية مطلب النواب المعارضين تأجيل اجتماع اللجان النيابية المختصة لبحث مشروع قانون الانتخاب، من اجل الدعوة الى جلسة عامة لمناقشة الحكومة في شأن التحقيقات الجارية في جريمة الاغتيال. وبدأ هذا الاحتقان باعتصام نواب المعارضة امام مدخل البرلمان، وانتهى بحوار هادئ بينهم وبين بري. وقال نواب معارضون ان الأخير"تصرف بحكمة وشعرنا بأنه الأقرب الى الحوار معنا من سائر اطراف الموالاة ما دامت هناك مشكلة مع رئيس الجمهورية اميل لحود ولا امل بخروج الحكومة من الهزال الذي هي فيه ولا دور لها سوى اطلاق التهديدات لنا". ووافق بري على تحديد موعد جلسة عامة لمناقشة الحكومة في جريمة الاغتيال في 28 الجاري. ورأى بعض نواب المعارضة ان تجاوب بري قد يكون فرصة لبداية الحوار. إلا ان بري نفسه اعتبره بداية لحوار حقيقي. وأوضح ان تأجيله اجتماع الأمس جاء"حرصاً على التضامن والوحدة". وكان بري ساهم ايضاً، وبناء لملاحظات نواب المعارضة، في التخفيف من إجراءات السلطة المحيطة بالمجلس النيابي وحرمه الأمني ومن الحشود العسكرية التي اتخذت عند مداخل العاصمة لمنع المتظاهرين من الوصول الى موقع انطلاق التظاهرة، بالطلب الى وزير الداخلية سليمان فرنجية التعاطي بمرونة مع تحرك المعارضة ليوم امس. وسمح دور بري له بالطلب الى المعارضة المساهمة في التهدئة. وتزامن اليوم اللبناني الذي حفل بالأحداث على رغم انتهاء التعازي بالشهيد الحريري، وانتقال عائلته مساء الى المملكة العربية السعودية لتقبل التعازي بوفاته في منزله في الرياض، مع ارتفاع وتيرة التحركات والمواقف الخارجية تجاه الأزمة المتصاعدة في لبنان منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق. وفي بروكسيل، قال الرئيس بوش ان على سورية ان تنهي احتلالها للبنان، في موقف سبق اجتماعه ليلاً مع الرئيس شيراك حيث بحثا في الوضع اللبناني. وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان هناك"شبهات كبيرة"حول ضلوع سورية في اغتيال الحريري، داعياً الى إجراء تحقيق دولي في الحادث. وأوضح سترو لدى وصوله الى اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي:"اظن ان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان دعا الى تحقيق. يجب ان يكون التحقيق مستقلاً نظراً الى الشبهات العالية حول ضلوع سورية المحتمل في اغتيال الحريري". وأكد سترو ان"كل دول الاتحاد الأوروبي تتفق تماماً مع الولاياتالمتحدة في ما يتصل بسورية". وبالفعل طالب وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، في بيان مشترك اصدروه بعد اجتماع عقدوه مساء بان يتم"اجراء تحقيق دولي من دون تأخير من اجل كشف ظروف هذا الاعتداء على حياة الحريري والمسؤولية عنه"، مستنكرين حصوله"بشدة". وفي دمشق نقل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ل"الحياة"عن الرئيس بشار الأسد قوله ب"صراحة ووضوح وعزمه على الانسحاب القوات السورية من لبنان"على اساس"تنفيذ اتفاق الطائف وآلياته". وعندما سئل اذا كان المقصود اعادة انتشار الى البقاع او الانسحاب من لبنان، قال موسى:"كلمة الانسحاب تعني الانسحاب"، قبل ان يشير الى ان محادثاته مع الرئيس السوري لم تتضمن"الدخول بمواعيد محددة"لتحديد ما اذا كان سيتم قبل الانتخابات النيابية ام بعدها. وأوضح موسى ان زيارته الى دمشق انطلقت"من منطلق عربي كل لا يتداعى الموقف في لبنان الى فتنة وفوضى"، لافتاً الى ان عدم وجود"لقاء مبرمج"مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك. وكان موسى يتحدث ل"الحياة"بعد لقائه الرئيس الأسد وعقده اجتماعاً مغلقاً مع وزير الخارجية فاروق الشرع. وقال:"دار الكلام حول الوضع في لبنان واتفاق الطائف وتنفيذه باستخدام آلياته والانسحاب السوري". وزاد:"قال الأسد بصراحة ووضوح انه منذ توليه السلطة خفف القوات السورية في لبنان بما يزيد عن النصف. هذه سياسة مؤمن بها وسيحقق المزيد لأن العلاقات السورية - اللبنانية تتعدى وجود قوات سورية وهي تستند الى علاقات تاريخية وروابط عميقة". وتابع الأمين العام لجامعة الدول العربية ان تحركه جاء من"منطلق عربي للإحاطة بالمشهد اللبناني"بعد ظهور اصوات محلية ودولية تتحدث عن"الانسحاب الفعلي"للقوات السورية، وأن لا علاقة لزيارته دمشق بموعد محتمل مع الرئيس شيراك لأن"لا موعد مبرمجاً"معه بعد. وزاد:"منطلقنا عربي لأننا لا نريد ان يتداعى الموقف في لبنان الى فتنة او فوضى. هناك اساليب كثيرة تمكننا من الإحاطة بالموضوع". وبعدما قال ان الأسد"لا يرحب بتحقيق بل يطالب بتحقيق سريع وفاعل"، اكد"عزم الأسد على التعامل مع الملف اللبناني بفاعلية". وأوضحت مصادر مطلعة ل"الحياة"ان الموقف السوري يقوم على"دعم موقف السلطة بالاستعانة بخبراء دوليين، وأن لا يجرى التحقيق بمعزل عن السلطة". ونقلت وكالة"فرانس برس"عن مصدر في وزارة الخارجية السورية ان اقدام مجلس النواب اللبناني على التمديد للرئيس اميل لحود"ليس سببا في التحرك الفرنسي والاميركي". وقال المصدر ان الرئيس بوش اجرى"لقاء مع صحيفة فيغارو الفرنسية يوم امس الاحد قال فيه ان الرئيس الفرنسي شيراك طرح معه لدى زيارته باريس في حزيران يونيو 2004 امر استصدار قرار عن مجلس الامن يدعو الى خروج سوريا من لبنان. وهذا ما حصل بصدور القرار 1559". واعتبر ان الامر"دحض لما تكرره جهات رسمية فرنسية وجهات في المعارضة اللبنانية تدعي انه لولا التمديد للرئيس لحود لما صدر القرار 1559". وعقد اركان المعارضة مساء اجتماعاً تقويمياً لتحرك الأمس الذي لم يتخلله اي حادث بدعوة من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وقومت نتائج اجتماعها ببري وناقشت الخطوات اللاحقة، لا سيما لجهة توحيد الشعارات التي بدت مختلفة احياناً خلال تظاهرة الأمس. وواصلت الأحزاب المعارضة الاعتصام مساء امام ضريح الشهيد الحريري في ساحة الشهداء. وأصدرت لجنة المتابعة المنبثقة من لقاء المعارضة في"البريستول"ليلاً بياناً اشار الى"مشاعر التقدير تجاه جميع شرائح ومكونات الشعب والتي تظهر نضجها وشجاعتها وتصميمها على المضي في معركة استقلال لبنان وكسر مسلسل الإرهاب الرسمي الذي يستهدف قادة الرأي". وكان جنبلاط لازم امس المختارة ولم يشارك في تظاهرة بيروت وزار ضريح والده حيث وضع زهرة، كما وضع زهرة"الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري"وأخرى لكل الذين سقطوا من اجل الاستقلال اللبناني بغض النظر عن موقعهم اكان يمينياً ام يسارياً او مسيحياً ام مسلماً، وزهرة للبنانيين الأبرياء الذين ذهبوا ضحية الحرب وزهرة الى شهداء المقاومة". وقال:"نقول لهم من هذا الموقع لن نبادركم بالحقد لكن ارحلوا عنا وفككوا هذا النظام الاستخباراتي اللبناني وارحلوا مع استخباراتكم التي تتحكم بكل شيء. نريد ان نبقى اصدقاء مع سورية ولا نريد حكم الاستخبارات السورية... قتلتم الكثير ولكنكم لن تستطيعوا قتل إرادة الشعب بأكمله". وأضاف:"ونتمنى على السيد حسن نصر الله، الكبير في تضحياته والذي حرّر الأراضي اللبنانية من اسرائيل، وندعوه الى الحوار. فلينضم الى قافلة اللبنانيين الذين يريدون الحرية والاستقلال... هذه رسالتي من ضريح كمال جنبلاط الى اللبنانيين والى السيد نصرالله وإلى سورية" وقال جنبلاط:"لن نقبل بحوار إلا على قاعدة الطائف والانسحاب السوري التدريجي والمشرف من لبنان. الطائف هو القاعدة. ولن نقبل بالمماطلة ونريد تحقيقاً يكشف كل الملابسات لأن بعضاً من الدولة تحدث عن تحقيق يناسب السيادة الوطنية. لم يعد هناك اي سيادة فلبنان بأسره ومؤسساته ملحق باستخبارات عنجر". وعن دعوة بري الى جلسة عامة لمناقشة اغتيال الحريري قال جنبلاط:"نجحنا في ان نطالب بجلسة عامة لمناقشة ملابسات اغتيال الشهيد الكبير رفيق الحريري. تجاوب معنا الأستاد نبيه بري مشكوراً، وانضم الى المعارضة نواب آخرون مثل نعمة الله ابي نصر والنائب قيصر معوض، وبالأمس استقال فريد الخازن وهذا امر جيد". وأضاف:"كنا نتمنى فقط على بعض الوزراء المستقلي الضمير، مثل عدنان القصار، ان يخرجوا من هذه العصابة. اما رئيس الحكومة عمر كرامي فمصيره سيكون اسوأ من مصير غيره. وهو يخدم النظام الإرهابي اللبناني - السوري والاستخباراتي اللبناني - السوري، غداً سيرذلونه بعد ان يستخدموه ثم يأتون بأمثال النائب نجيب ميقاتي - فرنجية. هذا هو السيناريو". وأكد ان استقالة المعارضة من البرلمان"غير واردة وستخوض الانتخابات من اقصى لبنان الى اقصاه تحت شعار الحرية والاستقلال والقرار الحر". وعن توقعه اغتيالات جديدة قال:"الاستخبارات اللبنانية، بالتعاون مع الاستخبارات السورية وامرتها شرّعت كل الاحتمالات. فبالأمس حاولوا اغتيال مروان حمادة وقبل اسبوع قتلوا رفيق الحريري، فلتأت تلك القاطرة التي ستحمل الدبابة السورية ولتخرج معها ايضاً رؤساء الأجهزة اللبنانية، لأنني اتهمهم جميعاً من دون استثناء. كلهم متواطئون".