صرح مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية أمس بأن تحقيقاً في الانتهاكات التي حصلت في سجن ابو غريب برأ اربعة من خمسة ضباط اميركيين كبار مكلفين الاشراف على السجون في العراق، من بينهم القائد السابق للقوات الاميركية في العراق ريكاردو سانشيز. وتزامن الاعلان عن نتائج التحقيق مع نشر منظمة"هيومان رايتس واتش"الأميركية تقريراً يطالب بمحاسبة القادة الأميركيين لانتهاكات أبو غريب ومحاكمة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي اي اي السابق جورج تنيت، بالاضافة الى سانشيز والقائد السابق لسجن غوانتنامو اللواء جيفري ميلر. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع طلبوا عدم نشر اسمائهم ان الجيش برأ سانشيز من التورط في فضيحة التعذيب في سجن ابو غريب ولكنه اعفى ضابطاً كبيرة من مهامها القيادية لتقصيرها في اداء واجبها. وعزلت مسؤولة الشرطة العسكرية في السجن اللواء جانيس كاربنسكي من منصبها ورفعت توصية بتوجيه تأنيب اليها. وبرأ التحقيق سانشيز الذي اصدر خلال توليه القيادة تعليمات صارمة، رأى بعضهم انها شجعت اساءة معاملة السجناء. وأظهرت مذكرة بتاريخ 14 ايلول سبتمبر 2003 وقعها سانشيز نشرت الشهر الماضي، انه سمح باستخدام تكتيكات لاستجواب السجناء أكثر صرامة من الممارسات المقبولة في الجيش، شملت استخدام كلاب حراسة لاستغلال"خوف العرب من الكلاب"بحسب المذكرة. وحدد اساليب الاستجواب المسموح بها في العراق، موضحاً ان بعضها كان يحتاج الى موافقته. وأوضحت مصادر في وزارة الدفاع ان التحقيق برأ ضباطاً آخرين من بينهم نائب سانشيز، والتر فوغداكوفسكي الذي اتهم بعدم تزويد السجن عدداً كافياً من الحراس المؤهلين والمسؤولة السابقة عن اجهزة الاستخبارات في سجن ابو غريب باربرا فاست ومسؤول القسم القانوني في السجن الكولونيل مارك وارن. وما زال هؤلاء الضباط يحتلون مناصب رفيعة في الجيش، فسانشيز حالياً قائد الفيلق الخامس المتمركز في المانيا وفاست قائدة مركز الاستخبارات العسكرية في فورت هواشتوكا في ولاية اريزونا. ويأتي التحقيق الذي ترأسه المفتش العام للجيش الجنرال ستانلي غرين في اعقاب سلسلة من التحقيقات الداخلية والمستقلة التي اجراها البنتاغون منذ نيسان ابريل 2004، عندما تسربت معلومات الى وسائل الاعلام حول انتشار عمليات التعذيب في سجن ابو غريب. وفي الشهور التالية، وجهت الاتهامات الى الحراس الذين مارسوا عمليات التعذيب الجسدي والجنسي بحق السجناء. ودين خمسة منهم ومازال آخران بانتظار محاكمتهما. ونجا كبار القادة الاميركيين في العراق من العقاب على رغم المزاعم بأن بعضهم شجع الجنود على معاملة السجناء بقسوة من اجل"اعدادهم"للتحقيق. وحاول تقرير غرين معالجة تلك المسألة الا انه لم يدن سوى كاربنسكي التي اتهمت بالفشل في الاشراف على قواتها بدقة، طبقاً لمسؤولي الدفاع. وتعتبر نتائج التحقيق التي لم تنشر بعد، الحكم النهائي للجيش الاميركي في الفضيحة التي شوهت صورة القوات الاميركية واثارت دعوات لاستقالة وزير الدفاع دونالد رامسفلد. وبدأ فريق من عشرة اعضاء في تشرين الاول اكتوبر الماضي التحقيق لتقويم عمل كبار القادة في العراق و استجوبوا أكثر من 30 شخصاً، بينهم الحاكم الاميركي المدني في العراق السابق بول بريمر. وقال مسؤول طلب عدم نشر اسمه ان التحقيق خلص الى"ثبوت صحة اتهامات الاهمال في اداء الواجب"في قضية كاربنسكي التي كانت تقود اللواء 800 في الشرطة العسكرية في قلب فضيحة ابو غريب. واضاف انها لن تواجه اتهامات جنائية، لكنها تلقت رسالة تأنيب رسمي من قائد رفيع في الجيش واعفيت من مهامها القيادية. واوقفت كاربنسكي عن العمل العام الماضي، لكنها لم تعزل رسمياً من قيادتها واعفيت من الخدمة الفعلية. وصرحت ناطقة باسم الجيش الرائدة اليزابيث روبنز بأن"الجيش يطلع اعضاء الكونغرس على النتائج النهائية للمراجعة التي اجراها المفتش العام لتورط اعضاء بارزين في ابو غريب". واضافت:"لا نحاول الاجابة عن الاسئلة حول النتائج حتى نجيب على اسئلة الكونغرس". وانتقدت جماعات حقوق الانسان عدم محاسبة الجيش سانشيز، واكدت دعوتها الى اجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات التي تعرض لها السجناء. ولكن الناطق باسم قائد الجيش العميد فنسنت بروكس قال في بيان نشر مساء أول من أمس ان"التوصيات والقرارات تتفق مع نتائج هذه التحقيقات". ويطالب تقرير منظمة"هيومان رايتس واتش":"التعذيب من دون محاسبة"بمحاسبة المسؤولين الأميركيين عن الانتهاكات المتكررة للمحتجزين، سواء في العراق أو أفغانستان أو غونتنامو. ويقدم التقرير ادلة تحض على ضرورة التحقيق الجنائي بتصرفات كل من رامسفيلد وتينيت وسانشيز وميلر. وتبين المنظمة في تقريرها ان انتهاكات ضد المحتجزين لدى الجيش الأميركي وتعذيبهم لم تنحصر في سجن ابو غريب، بل في قواعد اخرى في العراق وافغانستان، بالاضافة الى غونتنامو و"مواقع سرية"حول العالم. واكدت ان ذلك"يشكل انتهاكاً لمعاهدة جينيف والقوانيين ضد التعذيب". وشدد برودي على ان "سلسلة الانتهاكات في دول عدة ليست نتيجة اعمال افراد لم يتقيدوا بالقوانين، بل أتت نتيجة قرارات اتخذها مسؤولون اميركيون رفيعوا المستوى لتجاهل أو تعديل القوانين" التي تحمي المحتجزين.