طلب الرئيس جورج بوش من وزير دفاعه دونالد رامسفيلد الذي لم يكن قرأ التقرير عن المعتقلين العراقيين بالاسراع في التحقيق في فضيحة تعذيب السجناء، التي اعترف حتى الجمهوريون في الكونغرس بأنها ألحقت ضرراً بسمعة الولاياتالمتحدة من الصعب اصلاحه، واتهم مشرعون ادارة بوش بعدم الجدية في التعاطي مع المسألة. في غضون ذلك طالب الصليب الاحمر بإحالة "مرتكبي التجاوزات" الى القضاء. وتظاهر مدافعون عن حقوق الانسان في بيروت امس للتنديد ب"بوش المجرم" بحسب اللافتات التي رفعوها. وتجمع امس اهالي المعتقلين قرب سجن ابو غريب، حيث ارتُكبت عمليات التعذيب، للاستفسار عن أبنائهم وأقاربهم، بعدما اطلقت قوات الاحتلال 240 معتقلاً، لامتصاص النقمة. قال مسؤول بارز في الادارة الاميركية ان بوش يريد الاسراع في التحقيقات "ومصمم على معرفة ما اذا كانت المشكلة أوسع انتشاراً وما يتعين عمله لمعالجتها". ووجه الجيش الاميركي تأنيباً الى ستة ضباط كبار في ما يتعلق بانتهاكات في سجن أبو غريب خارج بغداد بعد نشر صور حول العالم تظهر سجناء عراقيين عرايا مكدسين فوق بعضهم بعضاً على شكل هرم. لكن الجنرال جانيس كاربينسكي التي كانت تشرف على السجن قالت ان الجنرال ريكاردو سانشيز قائد القوات الاميركية في العراق يجب أن يتحمل المسؤولية عن الانتهاكات. وفيما اعلنت وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون ان الجيش بدأ خمسة تحقيقات في الانتهاكات أقرت الوزارة بأن رامسفيلد لم يقرأ بعد تقريراً مفصلاً عن المسألة. وانتقد مشرّعون الجنرال ريتشارد مايرز رئيس الاركان المشتركة بعد قوله انه لم يقرأ التقرير الذي يوثق "جرائم انتهاكات سادية وسافرة ووحشية" لسجناء عراقيين تشمل الضرب واللواط. وقال السناتور الديموقراطي جيف بنجامين: "هذا رد غير مقبول... لا يعبر عن مستوى الاهتمام الذي ينتظره الشعب الاميركي من قادة جيشه". وتساءلت عضو مجلس النواب جين هارمان أبرز ديموقراطية في لجنة الاستخبارات عن "مدى الجدية التي تتعامل بها الادارة والبيت الابيض مع هذه المزاعم". وقال سكوت ماكليلان الناطق باسم البيت الابيض ان بوش بحث في الفضيحة هاتفياً مع رامسفيلد وحضه على اتخاذ "اجراءات صارمة". وأضاف ان "الرئيس يريد التأكد من أن الاجراءات الملائمة اتخذت ضد المسؤولين عن هذه الاعمال المشينة". وتابع أن بوش يريد مراجعة كاملة لمعاملة السجناء "في نظام السجون العراقية". لكن حتى حلفاء بوش قالوا ان الضرر لحق بالموقف الاميركي وسيكون من الصعب اصلاحه. وقال السناتور جون كيل "قول الرئيس ورئيس الاركان المشتركة وغيرهما من القادة العسكريين هذا غير مقبول... والمذنب سيعاقب وما الى ذلك لا يقنع الناس". واكدت كاربينسكي التي أشرفت على 26 منشأة في العراق قبل أن تغادره في وقت سابق هذا العام في اطار تبديل القوات الاميركية، انها ليست على علم بانتهاكات في سجن ابو غريب وصدمت من الصور التي بثتها الاسبوع الماضي شبكة "سي بي اس". وتردد أن الانتهاكات شملت 20 سجيناً ووقعت في تشرين الثاني نوفمبر وكانون الاول ديسمبر العام الماضي في سجن سيئ السمعة منذ عهد صدام حسين اشتهر بغرف التعذيب. وتجرى تحقيقات جنائية مع ستة جنود آخرين لمشاركتهم في العمليات. وقال مسؤول بارز في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي اي اي" ان المفتش العام أجرى تحقيقاً في مقتل سجين عراقي اثناء اعتقاله. وتؤكد كاربينسكي ان الزنازين التي وقع فيها التعذيب كانت تحت إشراف الاستخبارات العسكرية التي أبلغها قائدها مراراً ان قواته تقوم "بعمل رائع وتحصل على مزيد من المعلومات". في جنيف اعلنت ناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان اللجنة تطالب بإحالة مرتكبي التجاوزات بحق السجناء العراقيين الى القضاء وفرض عقوبات جزائية عليهم. وقالت انطونيلا نوتاري: "عندما توجد معلومات تشير الى حصول اعمال تعذيب من المهم جداً ان يحصل تحقيق جدي، وفي حال تم التأكد من هذه الوقائع يجب ان يحال المسؤولون عنها الى القضاء". واضافت ان عقوبات من هذا النوع "تحول دون حصول تجاوزات في المستقبل لأنها توجه رسالة مفادها ان ممارسات من هذا النوع لن يتم السكوت عنها وان منفذيها سيلاحقون امام القضاء وسيعاقبون". الا انها اعتبرت ان الاجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدة اثر الكشف عن صور السجناء "ايجابية للغاية". واكدت نوتاري ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر تزور كل خمسة او ستة اسابيع سجن ابو غريب منذ بدأت القوات الاميركية استخدامه في تشرين الاول اكتوبر الماضي. واضافت "في كل زيارة نجتمع على حدة مع السجناء ومع حراس السجن ونضع ملاحظاتنا الخاصة التي نوجهها الى السلطات القائمة والى واشنطن". واعلنت ان "السلطات الاميركية اخذت على محمل الجد تقارير اللجنة حول سجن ابو غريب حتى قبل الكشف عن الصور الاخيرة وفتح تحقيقات بالموضوع". في بيروت تظاهر ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الانسان امس في بيروت للتنديد بالتجاوزات التي ترتكبها القوات الاميركية بحق السجناء العراقيين. وتجمع نحو خمسين ناشطاً امام مركز الاممالمتحدة في العاصمة اللبنانية وهم يحملون لافتات كتب عليها "بوش مجرم" و"اين هي حقوق الانسان في العراق؟" و"اين هي الديموقراطية؟" و"اوقفوا عمليات التعذيب في ابو غريب". واعتبر بيان وزع خلال التظاهرة ان "اعمال التعذيب الوحشية هذه لا مثيل لها سوى تلك التي يعاني منها الشعب الفلسطيني من الاسرائيليين". ودعا البيان الى "وقف جرائم الحرب واعتقال منفذيها وإحالتهم الى المحاكم الدولية".