توجهت الأنظار الى منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في كوريا الجنوبية. ولكن أهمية اجتماع منظمة التجارة العالمية في كانون الأول ديسمبر بهونغ كونغ، تفوق أهمية هذا المنتدى. والاتحاد الأوروبي، وخصوصاً فرنسا، مسؤول عن تعثر مفاوضات المنظمة. وانهيار هذه المفاوضات يعني فقدان أفقر سكّان العالم فرصة التقدم. فلذا، ينبغي التغلّب على من يقاوم تحرير سوق الزراعة ومنتجاتها وسلعها. واستندت دورة الدوحة للمفاوضات التجارية، وهي انطلقت قبل أربعة أعوام، إلى تنمية اقتصاد الدول النامية، أي وصول منتجات هذه الدول إلى الأسواق الزراعية في الدول الغنية. ومن شأن تحرير الزراعة تحقيق فائض نمو تبلغ قيمته السلعية والنقدية 300 بليون دولار أميركي سنويّاً في الاقتصاد العالمي في 2015، بحسب البنك الدولي. ولكن التطور في تحرير الزراعة بطيء. وبينما عملت الدول الصناعية من غير كلل، على وصول بضائعها الى أسواق الدول النامية، تردّدت في منح فرص مماثلة لسلع المزارع الآتية من العالم النامي. وغالباً ما تكون اللوبيات الزراعية قويّة للغاية في عواصم البلدان المتقدمة وسياستها، ويتحمل السياسيّون مسؤولية تحرير الزراعة. وفي 2003، انتهى لقاء وزاري في كانكون المكسيك الى خلافات حادّة على تحرير الأسواق الزراعية في الدول النامية. وعلقت آمال على تطوير اتفاق يساعد على إعادة إحياء المفاوضات. فتحدّث المتفائلون عن اتفاق انتقالي يعلن في الاجتماع الوزاري بهونغ كونغ، الشهر الآتي. ولكن، لسوء الحظّ، عادت الضغوط السياسية القديمة لتفرض نفسها. وكان من المفترض أن تدعم مفاوضات التجارة بأوروبا مشروع الاتفاق هذا، إلا ان المفاوضات توقّفت. وألقيت بمسؤولية توقف المفاوضات على الاتحاد الأوروبي، فأصبح بيتر ماندلسون، مفوّض التجارة في الاتحاد الأوروبي، في وضع حرج. فماندلسون يدرك الحاجة إلى الإصلاح الزراعي. ولكنّه ليس سوى مفوّض مقيد الصلاحيات ومقيّد كذلك بمواقف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. والى هذا، تعارض فرنسا إلغاء حماية الدولة لمزارعيها. وهي ليست الدولة الوحيدة التي تدعم مزارعيها. فسياسة الدعم اليابانية، أي الأمن الغذائي وحماية ثقافة المزارعين، تشبه سياسة فرنسا. وتمنح الولاياتالمتحدة كذلك مساعدات كبيرة الى مزارعيها. ولكن واشنطن تجاوبت مع الدعوات الى أسواقها. ففي الشهر الماضي، اقترح المفاوضون الأميركيّون خفض التعرفات الجمركية بنسبة 55 الى 90 في المئة، على خمسة أعوام، وخفض موازنة بعض برامج دعم المزارع بنسبة 60 في المئة. وحاول ماندلسون عقد اتفاق في قمة الدوحة. ولكنّه يخضع لمراقبة المفاوضين الآخرين، ومن الحكومات الأوروبية القلقة من العروض التي قدّمها. ورفض المفاوضون الآخرون في دورة الدوحة اقتراح ماندلسون، واعتبروه غير كافٍ. وقوّضت المفاوضة ادعاءات المسؤولين الفرنسيين، وبينهم الرئيس جاك شيراك، ومزاعمهم أنّ اقتراح ماندلسون يتعدّى مفاوضي الاتحاد الأوروبي. وقد يخال المرء أن الارباح المترتبة على التجارة الحرة هي حافز كبير لعقد اتفاق. ولكن أعضاء في منظّمة التجارة العالمية يهاجمون عملية التحرير التجاري شأنهم شأن حكومات أميركا الجنوبية التي أعلنت في قمة الأميركتين رفضها قيام منطقة تجارة حرة. وفي هذا السياق، يهاجم سياسيون في الولاياتالمتحدة السياسات التجارية الصينية، ويعيدون النظر في دور بلادهم التاريخي في تعزيز الإصلاح. ولا شك في أن اليابان هي أكثر المستفيدين من تحرير التجارة، ما يخولها الدفاع عن مواصلة الإصلاحات التجارية. ومن شأن لعب طوكيو دوراً ريادياً في محادثات التجارة المتعثرة في القمة المقبلة باليابان، مساعدتها على بلوغ مرتبة تطمح اليها على الساحة العالمية. ولكن المفاوضين اليابانيين لاذوا بالصمت في الخلاف الحالي. وربما يخدم هذا الموقف الصامت منطقاً سياسياً ما، ولكنه لا يستجيب طموحات الدولة اليابانية، ولا يعزّز الازدهار العالمي الذي يخدم مصالح اليابان الوطنية. عن افتتاحية جابان تايمز اليابانية. 18/11/2005