للمرة الأولى في تاريخ الحياة السياسية المصرية أقرّ مسؤول كبير في الدولة بالحضور البارز لجماعة"الاخوان المسلمين"على المسرح السياسي، ولم يستبعد حصول مرشحيها على عدد غير قليل من مقاعد البرلمان في الانتخابات المقرر أن تُجرى على ثلاث مراحل بدءًا من 9 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وأجرت"الحياة"حواراً مع الأمين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم وزير مجلسي الشعب والشورى السيد كمال الشاذلي في منزله في مدينة الباجور في محافظة المنوفية قبل مؤتمر انتخابي حضره مئات من أهالي المدينة في ساحة منزله الكبير وسط المدينة نفى فيه أن تكون لأمانة السياسات في الحزب الوطني أفضلية على الأمانات واللجان الأخرى في الحزب، لكنه أقر بأن الأمانة تستحوذ على الاهتمام الإعلامي لكون نجل الرئيس السيد جمال مبارك يترأسها. وقال الشاذلي إن الحزب"لم يمنح تلك الأمانة مميزات عن بقية تشكيلاته"، ورفض تحليلات ذهبت الى أن أمانة السياسات تحولت حزباً داخل الحزب، ورأى أن المطلعين على نشاط الحزب وكذلك قياداته وكوادره يعلمون أن اللجان والأمانات والمراتب التنظيمية المختلفة"تعمل وفقاً لخطط وايقاعات مدروسة ومتناغمة". ونفى وجود صراع بين الجيل القديم في الحزب، وجيل الشباب ممثلاً في أمانة السياسات، وقال:"أنا من مؤسسي الحزب ومعي من جيلي آخرون ما زالت لديهم القدرة على العطاء، و70 في المئة من التشكيلات الحزب من الشباب، والحديث عن حرس قديم، وآخر جديد، إعادة صياغة للأوضاع التي سادت الاتحاد السوفياتي والدول الشيوعية، ومصر تعيش عصرًا مختلفًا ونظامًا يقوم على تعدد الاحزاب ونحن نعمل مع جيل الشباب في الحزب على مواصلة عملية تطويره ونتناقش ونتحاور ونختلف احياناً ونتفق في النهاية على رأي واحد يعبِّر عن الحزب، يلتزمه الجميع". ونفى ايضاً ان يكن الحرس القديم فرض لائحة مرشحين بعينها سيخوض بها الحزب الانتخابات، وقال:"ربما تجد الاحزاب الأخرى صعوبات في تأمين مرشحين في كل الدوائر الانتخابية، أما مشكلتنا في الحزب الوطني فإن لدينا عشرة أشخاص في كل دائرة يستحق كل منهم أن يكون مرشحاً باسم الحزب لكن ماذا نفعل، في النهاية نستقر على واحد منهم لنرشحه". وأكد الشاذلي ان احداً من رموز الحزب ممن رشحوا أنفسهم كمستقلين بعدما خلت لائحة المرشحين من اسمائهم قدم استقالته، وقال:"اذا قدم واحد منهم استقالته فلن نضمه مجدداً الى الحزب حتى لو فاز في الانتخابات"إلا أنه أقر بأن الوطني سيقبل الفائزين الذين ينتمون أصلاً الى الحزب"بعد إعلان النتائج"، واضاف:"هم يخوضون الانتخابات والناس تعلم أنهم من رموز الوطني، ونحن نطور لوائحنا في انتخابات الإعادة وهؤلاء سيخوضون الانتخابات في مرحلة الاعادة تحت لواء الحزب الوطني". وسألت"الحياة"الشاذلي عما اذا كانت الدولة المصرية والحزب الحاكم غيّرا اسلوب التعاطي مع جماعة"الاخوان المسلمين"لأسباب خارجية أو لمواءمات سياسية داخلية خصوصاً أن تلك الدرجة من الحرية التي يتمتع بها مرشحو الاخوان وغياب الاجراءات ضدهم اعتادت الاوساط السياسية المصرية متابعتها في الانتخابات السابقة أمور لم يعتدها"الإخوان"أنفسهم، وقال"إن الاخوان حققوا حضوراً بارزاً على الساحة السياسية ولديهم مؤيدون وهم نجحوا في إقناع بعض الفئات والتجمعات الجماهيرية بأفكارهم"، وفي الوقت نفسه أكد أن"الظروف تغيرت والأوضاع تبدلت بحيث لم يعد أسلوب التعاطي القديم مع الاخوان يمكن ان يستمر"، وأضاف:"نحن طورنا أنفسنا كحزب حاكم ووعينا كحكومة أن الأوضاع تغيرت وأن الإخوان لديهم حضور في الشارع ويريدون ان يمارسوا العمل السياسي ونحن لا نمانع، واذا كانوا اختاروا أن يخوضوا غمار العمل السياسي تحت لافتة"الاخوان المسلمين"فهم احرار، لكن مسألة حصولهم على حزب غير واردة"لأن الدستور يمنع قيام احزاب على أسس دينية واذا كانوا يقولون انهم يريدونه حزباً سياسياً وليس دينياً فقط فإن الاقباط يمكن أن يطلقوا الدعوة نفسها ويتهدد المجتمع بالانقسام". وتوقع الشاذلي ان يحصل الاخوان على عدد من المقاعد في البرلمان المقبل يفوق ما حصلوا عليه في الانتخابات السابقة وهو 17 مقعداً، وشدد على ان الحزب الوطني"لا يرغب في الاستحواذ على مقاعد البرلمان"، وتوقع حصول الحزب على عدد يفوق ثلثي عدد المقاعد وهو العدد الذي يضمن تمرير القوانين او التعديلات الدستورية بما يضمن مواصلة عملية الاصلاح السياسي التي أعلن عنها الرئيس حسني مبارك في برنامجه الذي خاض على اساسه الانتخابات الرئاسية. ودلل الوزير المصري على كلامه بقوله"ما زلت اعتبر ان أفضل أداء سياسي لبرلمان مصري في ربع القرن الأخير كان عقب انتخابات 1984 و1997 اذ مُثلت المعارضة بعدد وافر من ابرز رموزها من مختلف التيارات بما فيها الاخوان المسلمين". وأكد أن البرلمان المقبل سيضطلع بتعديلات مهمة بينها إلغاء قانون الطوارئ، واقرار قانون آخر بدلاً منه يتعاطى مع ظاهرة الارهاب.