ثمة تباين في أوساط الحزب الوطني الحاكم في مصر والجهات المحسوبة عليه في شأن نتائج الانتخابات البرلمانية وما أفرزته من دلالات، بعد فشل رموز من الحزب في انتزاع مقاعد في مجلس الشعب، خصوصاً أمناء في محافظات ورؤساء لجان برلمانية، كما ان أكثر من نصف الذين رشحهم الحزب رسمياً لم يتمكنوا من الصمود في منافسة أعضاء في الحزب لم يرشحوا على لوائحه فخاضوا المعركة كمستقلين.من جهة اخرى حصل مرشحو جماعة "الإخوان المسلمين" حتى الآن على 15 مقعداً، إضافة إلى ان 7 منهم سيدخلون الجولة الثانية للمرحلة الثالثة والأخيرة الثلثاء المقبل على رغم الجهود لمنعهم من التمثيل البرلماني. وذهبت تحليلات إلى أن الانتخابات كشفت هشاشة قواعد الحزب الوطني وعدم تغلغلها في أوساط الشعب وارتباط الحزب بشبكة مصالح أثرت على ادائه السياسي. ولأن الانتخابات الحالية تتم وفقاً لإشراف قضائي كامل على عملية الاقتراع فإن النتائج أثارت تساؤلات عن الأساليب التي كان يتبعها مرشحو الحزب في كل الانتخابات السابقة التي كانوا يحصلون فيها على غالبية طاغية بفارق آلاف الأصوات عن منافسيهم ثم فشلهم في تحقيق الأرقام نفسها لاحقاً. ولم يمنع تحسن أوضاع "الوطني" الانتخابية في الجولة الأولى من المرحلة الثالثة صحف ومجلات قومية محسوبة على الحكومة من مواصلة هجومها على القائمين على الحزب وتبني دعوات لإصلاح هياكله وتطوير برنامجه والنهوض بمستوى ادائه. فمجلة "المصور" وجهت انتقادات عنيفة إلى وزير مجلسي الشعب والشورى الأمين العام المساعد للحزب السيد كمال الشاذلي واعتبرت تصريحاته التي أكد فيها أن الانتخابات تؤكد التفاف الجماهير حول الحزب "نفي لوجود حاجة لإعادة النظر في اداء الحزب واغلاق الباب امام المساعي المبذولة للتغيير داخله". واشارت افتتاحية المجلة إلى أن جماعة "الإخوان" "حققت أكبر نسبة نجاح في الانتخابات حيث فاز 80 في المئة من مرشحيها في المرحلتين الأولى والثانية بينما لم تتجاوز نسبة نجاح مرشحي الوطني نسبة 45 في المئة"، لافتة الى أن "الإخوان" "فازوا ب15 مقعداً يفوق كل المقاعد التي فازت بها أحزاب المعارضة الشرعية الثلاثة". وأشارت المجلة إلى أن البعض يتندر بأن زعيم المعارضة في البرلمان المقبل سيكون من جماعة "الإخوان" المحظورة قانونياً. واعتبرت أن بقاء الاوضاع على حالها في الحزب الوطني "يعني مزيداً من الخسائر له ومعه الأحزاب الشرعية الأخرى، ومزيداً من المكاسب للإخوان في المستقبل". وعلى النقيض تماماً بثت "وكالة أنباء الشرق الأوسط" المصرية الرسمية تقريراً انتقدت فيه "تغطيات اعلامية للانتخابات تزعم أن من اسمتهم ب "الاسلاميين" حققوا فوزاً كبيراً". وقالت الوكالة: "الحقيقة الواضحة والمؤكدة هي أن الحزب الوطني حقق فوزاً ساحقاً في الانتخابات تتجاوز الآن أكثر من ثلثي مقاعد مجلس الشعب على رغم أن الانتخابات لم تنته بعد، كما حقق المستقلون فوزاً مهماً". وأضافت: "إذا كان المرشحون الذين ينتمون إلى التيار الإسلامي حققوا فوزاً في بعض المناطق وهم قلة، وربما لا يتجاوز عددهم سبعة أشخاص فإن ذلك لا يعكس أنها إرادة الشعب المصري المتدين بطبعه، وإنما جاء الفوز نتيجة للمناخ الحر والديموقراطي الذي جرت في ظله الانتخابات وحرص القيادة السياسية على اجراء الانتخابات تحت اشراف قضائي لضمان المزيد من النزاهة والشفافية، إضافة إلى أن الانتخابات تتم على أساس وطني وليس على أساس ديني ووضع مصلحة مصر في الاعتبار أولا. وهو ما عكسه بوضوح مسار الانتخابات". واعتبرت أن ما أثارته بعض وسائل الإعلام من ادعاءات تستهدف تشويه العملية الانتخابية بزعم أن تياراً معيناً الاسلاميون حقق فوزاً كبيرا هو "تجاهل متعمد لإرادة الشعب المصري ومحاولة لتزييف الواقع على نحو يثير الاستغراب حقاً"، وخلصت إلى أن فوز قلة ممن ينتمون إلى ما يسمى بالتيار الاسلامي بمقاعد في البرلمان "لا يعكس مطلقاً الارادة الكاملة للشعب المصري، المتدين كله على مدى التاريخ، وإنما يؤكد على النزاهة والشفافية التي تمت في ظلها الانتخابات التي اعترف الجميع بأنها أفضل انتخابات جرت في مصر في العصر الحديث، حرية ونزاهة وديموقراطية".