عكست نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية تفوقاً مذهلاص لجماعة"الإخوان المسلمين"التي نالت 34 مقعداً بينها 30 في جولة الإعادة وحدها، لكنها كشفت ايضاً أزمة عنيفة يعانيها الحزب الوطني الحاكم الذي لم ينل سوى 68 مقعداً في المرحلتين لن يخفف منها لجوؤه الى اسلوبه المعتاد بضم غالبية المستقلين الذين نالوا 53 مقعداً ليبعد الايحاءات بفشله في إدارة المعركة الانتخابية. ولن يسعف الوقت المتبقي على المرحلتين الثانية الأحد المقبل والثالثة الأول من الشهر المقبل الحزب الحاكم ليعدل سياساته لمعالجة حال الاحتقان التي جعلت الناخبين يقترعون لمرشحي الإخوان نكاية في الحزب الحاكم، وهي ظاهرة لوحظت في انتخابات العام 2000. ونقلت نتائج امس الصراع بين جيلين داخل الحزب الوطني الى السطح بعدما ظل اقطابهما ينفيان في وسائل الإعلام صراعاً كهذا. فلائحة الحزب في الانتخابات أظهرت سطوة الحرس القديم ونفوذه وقدرته على فرض رؤاه مقابل محاولات جيل الإصلاحيين الذي يقوده أمين السياسات في الحزب السيد جمال مبارك لم تنجح في فرض وجوه جديدة على لوائح المرشحين. وقد فاقم الأزمة فشل أحد أقطاب الاصلاحيين في الوصول الى البرلمان رغم قربه الشديد من مبارك الابن وعضويته في لجنة السياسات، وهو الدكتور حسام بدراوي، لأسباب تتعلق بدعم خفي قدمه بعض الحرس القديم لمنافسه المهندس هشام مصطفى خليل ابن نائب رئيس الحزب الدكتور مصطفى خليل. والمؤكد أن نتائج المرحلة الأولى مثلت صدمة ل"الوطني"بجناحيه إذ أظهرت رغبة عارمة لدى الناس في إحداث تغيير حقيقي اضافة الى تحدي"ألاعيب"انتخابية يرى جيل الاصلاحيين أنها لم تعد تناسب العصر وتسيئ إلى الانتخابات. ورغم أن"الوطني"تمسك بنظام الدوائر الفردية فإن نتائج المرحلة الأولى اثبتت أن الناخب المصري لا يقترع في الغالب لمصلحة برنامج سياسي بعينه وإنما لمصلحة أشخاص قد يرى أنهم يحققون مصالحه الحياتية، وفي هذا الاطار يمكن تفسير عمليات التصويت لمصلحة"الاخوان". كما أظهرت الانتخابات أن"الوطني"أخطأ بخوض المعركة ضد الجميع ورفضه الدخول في تحالفات سياسية مع أي حزب أو قوى أخرى. وكان واضحاً أن بعض مرشحي"الوطني"عقدوا"تحالفات قطاع خاص"أي أبرموا اتفاقات"تحت الطاولة"مع مرشحين معارضين بينهم مرشحون من"الإخوان"ليضمنوا تأييد كتل الاصوات"الإخوانية"، وأظهر فرز الاصوات في دوائر عدة اختيار ناخبين بأعداد كبيرة مرشحاً للوطني وآخر للإخوان في الدائرة نفسها. يشار الى ان قوى المعارضة الأخرى حصدت ثماني مقاعد فقط بينها اثنان لحزب التجمع اليساري واثنان آخران لحزب الوفد وآخر لحزب الكرامة تحت التأسيس وآخر ناله الصحافي مصطفى بكري ممثلاً"الجبهة الوطنية للتغيير"، اضافة إلى مقعد حصل عليه مرشح منشق عن حزب"الغد"وآخر لحزب الأحرار حققه طلعت السادات.