لاحت في الأفق بوادر صفقة انتخابية بين الحزب الوطني الحاكم في مصر وجماعة الاخوان المسلمين المحظورة، خاصة مع تخلي الاخوان عن بعض الدوائر لمرشحي الحزب الوطني، لاسيما بعض الوزراء اضافة الى اخلاء دائرة مصر الجديدة لنائب الحزب الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء الذي تربطه صلات طيبة مع الجماعة والتخلي عن المطالبة بالرقابة الدولية على الانتخابات مقابل السماح للاخوان بالفوز في عدد من الدوائر. وبدت بوادر التحسن في أجواء العلاقة بين الاخوان والحكومة في اعتراف كمال الشاذلي أمين التنظيم بالحزب، وزير شؤون مجلس الشعب بأن الاخوان قوة سياسية لا يمكن تجاهلها وذات ثقل في الشارع المصري متوقعا زيادة نسبة تمثيلهم في البرلمان القادم لتصل الى 30 مقعدا مقابل 18 في البرلمان الحالي. وقال الشاذلي إن الإخوان حققوا حضوراً بارزاً على الساحة السياسية ولديهم مؤيدون ونجحوا في إقناع بعض الفئات والتجمعات الجماهيرية بأفكارهم كما أن الظروف تغيرت والأوضاع تبدلت بحيث لم يعد أسلوب التعامل القديم مع الإخوان يمكن أن يستمر ونحن طورنا أنفسنا كحزب حاكم ووعينا كحكومة أن الأوضاع تغيرت وأن الإخوان لديهم حضور في الشارع ويريدون ان يمارسوا العمل السياسي ونحن لا نمانع، وإذا كانوا اختاروا أن يخوضوا غمار العمل السياسي تحت لافتة «الإسلام هو الحل» فهم أحرار، لكن مسألة حصولهم على حزب «غير واردة» لأن الدستور يمنع قيام أحزاب على أسس دينية وإذا كانوا يقولون إنهم يريدونه حزبا سياسيا وليس دينيا فقط فإن الأقباط يمكن أن يطلقوا الدعوة نفسها ويتهدد المجتمع بالانقسام. وأكد ان الحزب الوطني لا يرغب في الاستحواذ على مقاعد البرلمان مشيرا الى انه ربما يحصل على عدد يفوق ثلثي عدد المقاعد وهو العدد الذي يضمن تمرير القوانين أو التعديلات الدستورية بما يضمن مواصلة عملية الإصلاح السياسي التي أعلن عنها الرئيس حسني مبارك في برنامجه الذي خاض على أساسه الانتخابات الرئاسية. ويبدو أن الحزب الوطني يعتمد أسلوب الرسائل المتناقضة مع الاخوان ليظهر أمام الرأي العام أنه ليس هناك تنسيق تحتي أو صفقات، فقد اتهم صفوت الشريف الأمين العام للحزب الإخوان المسلمين بإثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في الاسكندرية وقال إن جماعة الإخوان تثير الفتنة «بين الصليب والهلال» وستتم محاسبتهم عن أعمال الشغب التي اندلعت في الإسكندرية قبل أسبوع احتجاجا على مسرحة قبطية تسيء للإسلام. على صعيد المعارك الانتخابية، ولاسيما بين مرشحي الحزب الوطني ومرشحي الاخوان هدد وزير الدولة للانتاج الحربي الدكتور سيد مشعل، المرشح في دائرة حلوان «جنوبالقاهرة» مرشح الاخوان المسلمين ياسر أبو طالب بالفصلِ من عمله وتشريده إذا لم يُعلن تنازله عن الترشيح. وياسر أبو طالب عضو مجلس إدارة منتخب في شركة المعصرة للصناعات الحربية «مصنع 45 الحربي» وعضو صندوق التكافل في المصنع وعضو المجلس المحلي السابق لحي حلوان، ورشَّح نفسه عندما وجد تلاعبًا من الحكومة مع مرشحِ الإخوان الرئيسي في الدائرة المحمدي عبد المقصود، حيث رفض اتحاد العمال منحه صفةَ العامل بحجةِ أنه ليس عضوًا في لجنةٍ نقابية علمًا بأنَّ الهيئةِ العربية للتصنيع التي كان يعمل المحمدي ليس بها لجنة نقابية بحكم قانونها وقدم المحمدي ما يثبت من الهيئة أنه عامل وخرج على المعاش بنفس الصفة إلا أن اللجنة المشرفة على تلقي أوراق الترشيح رفضت تسجيله على هذه الصفة، مما اضطره للترشيح على مقعدِ الفئات أمام مشعل. ورفض أبو طالب تهديداتِ الوزير التي جاءته عن طريقِ رئيس مجلس إدارة الشركة التابع لها، وقرر خوض الانتخابات في حال استمرارِ الحكومة في تلاعبها بترشيح المحمدي، بينما أعلن المحمدي أنه في حالة وجود ما يمنعه من الترشيح فإنه يُقدِّم تاريخه السياسي لصالحِ ياسر أبو طالب.