أوصت القمة الأوروبية مراجعة مقترحات تحرير اسواق الخدمات وتعديلها في شكل يضمن اندماج السوق الداخلية ولا يهدد النموذج الاجتماعي الأوروبي. واحتل الموقف من المقترحات، التي تسمح في صيغتها الاصلية بفتح غالبية قطاع الخدمات امام مؤسسات البلدان الاعضاء على اساس قاعدة تنفيذ تشريعات البلد الأصل، الأولوية في اهتمامات القمة التي اجتمعت في اليومين الماضيين في بروكسيل حول تفعيل استراتيجية تعزيز التنافسية واحداث مواطن العمل. وأكد بيان القمة"وجوب اكتمال تحرير اسواق الخدمات بشرط صيانة النموذج الاجتماعي الأوروبي". وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ، رئيس القمة، ان"قوانين العمل تمثل مادة وطنية وترتبط بقضايا الأمن العام"في لوكسمبورغ على سبيل المثال. وعكس كلام جان كلود جينيكير، في نهاية القمة، تشدد عدد من البلدان الاعضاء، في مقدمها فرنسا، في رفض اصل المقترحات التي كانت المفوضية وضعتها في 2004 من اجل تحرير اسواق الخدمات. وتحدث شيراك عن"اجماع العديد من الحكومات والنقابات من البلدان الغربية والشرقية والبرلمان الاوروبي ضد مقترحات تؤدي الى هدر النموذج الاجتماعي الاوروبي". واعترف رئيس المفوضية بان"المادة صعبة وتقتضي انجاز وحدة السوق الداخلية بالنسبة الى قطاع الخدمات في نطاق احترام النموذج الاجتماعي". وتخشى اوساط النقابات ان يؤدي تحرير تنقل الخدمات خصوصاً ان يقود تنفيذ"مبدأ البلد الأصل"الى اشتداد التنافسية في اسواق العمل، في اوروبا الغربية، جراء خفض كلفة العمالة الوافدة من البلدان الشرقية، الاعضاء الجدد في الاتحاد. وفسر ديبلوماسي فرنسي توصية القمة بمراجعة مقترحات تحرير قطاع الخدمات المتزايد الوعي السياسي بالعواقب الاجتماعية السيئة"التي قد تنجم عن توحيد قطاع الخدمات على اساس قاعدة الضغط على رواتب العمال. وعقب المصدر نفسه بأن"سياسة خفض رواتب العمال تنسف النموذج الاجتماعي الاوروبي". وذكر بأن كلاً من المانيا والسويد واسبانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ والسويد والدانمارك ساندت طلب فرنسا بمعاودة النظر بالكامل في مسودة قوانين تحرير الخدمات. وامام تشدد موقف بلدان المجموعة السابقة فان البلدان الشرقية التي يفترض ان تستفيد من قوانين الليبرالية المفرطة لم تعترض على خيارات مراجعة المقترحات بالكامل. وتحدث مصدر ديبلوماسي عن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير"فضل بدوره عدم الدخول في مواجهة مع الرئيس شيراك"حيث يواجه الاخير مخاطر فشل الاستفتاء على الدستور الاوروبي عندما سيعرض على اقتراع الفرنسيين في 29 ايار مايو المقبل. وأقرت القمة الاوروبية، من جهة ثانية، الحل الوسط الذي اعده وزراء المال حول تعديل شروط تنفيذ"ميثاق الاستقرار"الذي يحكم سير موازنات البلدان الاعضاء وتقييدها بمعايير اقصاها ثلاثة في المئة بالنسبة الى العجز العام و60 في المئة بالنسبة الى المديونية، وكذلك شرط الرقابة المتعددة الاطراف. وتضمن تعديلات الميثاق تجاوز العجز سقف 3 في المئة بصفة موقتة خلال فترة لا تتجاوز اربعة اعوام، في حال تعلق الامر بزيادة الاستثمار لاغراض النمو الاقتصادي واحداث مواطن العمل. ووافقت القمة الاوروبية على مجموعة مقترحات لتفعيل ما سمي قبل اعوام"استراتيجية لشبونه"، التي كان الاتحاد وضعها في عام 2000 من اجل تعزيز تنافسية المؤسسات الاوروبية وحدد 2010 موعداً لتحقيق"هدف ان يكون الاقتصاد الاوروبي الاقوى في العالم".