فرضت سياسة المكسب والخسارة التي تحكم سوق الغناء، الكثير من القيود على الأصوات الجديدة وحتى المنتجين الذين قرروا عدم خوض مغامرات إنتاج ألبومات غنائية قد يدفعون ثمنها من أرصدتهم. وفي ظل ارتفاع كلفة الإنتاج التي تصل إلى نصف مليون جنيه للألبوم الغنائي الواحد، ابتكر اصحاب الأصوات الجديدة وسيلة تضمن تعريف الجمهور بهم، وتقدم أوراق اعتمادهم إلى المنتجين وسوق الغناء:"فيديو كليب"يهدى الى القنوات الفضائية الخاصة، بعد أن اصطدموا بالرسوم التي يفرضها التلفزيون المصري من أجل بث أغانيهم، في حين تذيع الفضائيات الأغاني الجديدة مجاناً. فعلى سبيل المثال، حصد الألبوم الذي قدمه نصر محروس وجمع أغاني منفردة لشيرين وتامر حسني ودنيا سمير غانم وبهاء سلطان وغيرهم، وصورت أغانيهم على طريقة الفيديو كليب نجاحاً كبيراً. هذه الظاهرة الغريبة التي فرضت نفسها على الساحة الغنائية، تطرح تساؤلات عن بروز أصوات لافتة قد تجد فرصتها من خلالها، فهل ستهدينا مواهب حقيقية واعدة أم تفرض أصواتاً باهتة وأغاني هابطة؟ يقول الملحن حلمي بكر:"لا يمكنني تأييد الفكرة، وفي الوقت نفسه لا يمكنني رفضها فقد تكون فرصة لشباب يبحثون عن مكان لهم على خريطة الإنتاج بدلاً من الوقوف في طابور طويل أمام شركات الإنتاج. والظاهرة ليست وليدة اليوم، فعبدالحليم حافظ عندما كان يقدم أغنية في حفلة غنائية، كان يصور تلك الحفلة ويعرضها تلفزيونياً. غير أن نجومية عبدالحليم تعزز نجاح أغانيه، على عكس ما يقوم به اليوم شاب غير معروف، يسجل أغنية واحدة ويصورها على طريقة الفيديو كليب ويهديها للفضائيات. غير أن الظاهرة الجدية لا تمت بصلة لمقولة "الجمهور عاوز كده". الشباب اليوم يملك الكثير من الوعي والثقافة والدليل على ذلك أن هذا الشباب الذي نتهمه بالهبوط الفني، يحرص على متابعة المحطات التي تذيع كل الألوان الغنائية القديمة والحديثة". من جهة ثانية، يؤيد الموسيقار هاني مهنى فكرة تسويق الفيديو كليب على الفضائيات،"الفكرة الجديدة تساند الشباب في بداية حياتهم الفنية في ظل الظروف الاقتصادية التي يمرون بها. فالكل يعلم أن كلفة تجهيز وتسجيل البوم غنائي يضم 10 أغان باتت أمراً مكلفاً. وبالتالي فإن قيام بعض المطربين الجدد بابتكار هذه الطريقة، فكرة جيدة، إذ تبلغ كلفة العمل 50 ألف جنيه فقط، علماً أن كل منهم سجل ألبوماً غنائياً كاملاً إلا أنه حرص على عرض الأغنية المصورة لضمان النجاح". ويؤكد مهنى أن شركات الإنتاج أصبحت تخشى الخسارة، وبالتالي لا تنتج ألبومات إلا للمطرب الذي يضمن لها الربح السريع،"لذلك أؤيد هذه الظاهرة، حتى لو فرزت مستويات متفاوتة من المطربين". أما الموسيقي محمد نوح فيقول:"أؤيد فكرة قيام المطربين والمطربات بتسجيل أغنية واحدة وتصويرها وعرضها تلفزيونياً، وأرى أنها حل مناسب للظروف الاقتصادية الحالية. كما أننا اليوم لسنا في عصر الكاسيت الذي بدأ ينهار، نحن اليوم في عصر الفيديو كليب، وبالتالي أرى أن هذه الظاهرة صحية ووسيلة لهؤلاء الشبان للتعبير عن أنفسهم". هل من حلول بديلة؟ ويقول الموسيقار هاني شنودة:"فكرة تسجيل المطربين الجدد وتسويقهم أغنية واحدة من أجل تحقيق الشهرة، هي فكرة جيدة خصوصاً أنها تؤمن الدعاية لألبوماتهم. فماذا يفعل هؤلاء الشبان أمام ارتفاع أسعار المؤلفين والملحنين والعازفين؟ اضافة الى المبالغ الكبيرة الخاصة بتصوير الأغنية. الحال الاقتصادية الصعبة أفرزت هذه الظاهرة وستفرز ظواهر أخرى". ويؤكد الشاعر مجدي النجار:"عندما تطرح قضية مماثلة، لا بد من أن نملك الحلول البديلة قبل تأييد القضية أو رفضها".