المطرب محمد ثروت أتاحت له ظروف انطلاقته معاصرة مرحلة الكبار. وأتاحت له السنوات التالية أن يرافق المستجدات التي حولت مسار الفن الى اتجاهات غيرت المقاييس جذرياً. موهبته لا تنقصها الدراسة وأحلامه لا ينقصها الإصرار، وطموحه لا ينقصه الجهد. محمد ثروت حال فنية تستحق الدراسة. رحلته الفنية اقتربت من ربع القرن، تعامل خلالها مع اساطين التلحين وكبار الشعراء. وعلى رغم هذا لم يصبح هو الفارق الأول للأغنية، وتقدمت عليه مجموعة من المغنيين الذين لا يملكون إمكاناته الصوتية، وتركهم يلهون في لعب الفن. واقتصر نشاطه على حفلة هنا أو ألبوم هناك يتغنى فيه بأغاني استاذه محمد عبدالوهاب. "الحياة" اقتحمت عزلته، وكان الحوار التالي الذي خرج من إطار ال"أنا" ليشمل الفن في تداعياته.. أين المطرب محمد ثروت من الساحة الغنائية؟ - موجود وأراقب الساحة الغنائية لأتعلم. كما انتهيت من تصوير مسلسل "تدابير الدنيا" إخراج ابراهيم الشقنقيري، وفيه أغان من تلحين حلمي بكر وفاروق سلامة وهاني شنوده وخليل مصطفى. وسجلت للإذاعة أغنية عن عودة الحجاج من الاراضي المقدسة. يلاحظ انك تكثر من الغناء الديني لماذا؟ - نشأت في جو ديني. فمنذ طفولتي أحفظ الابتهالات والتواشيح والقرآن الكريم. ومنذ التحاقي في كلية الهندسة أواظب على أداء العمرة سنوياً. والفن الذي أقدمه في التمثيل والغناء لا يوجد فيه ما يحض على الرذيلة أو الفساد أو يخرب العقول. والجو الديني يسعدني. لذلك تجدني مهتما حاليا بزيادة الجرعة الغنائية الدينية لأنها مهضومة الحق. في الفترة الأخيرة انصب اهتمامك على تقديم أغاني الآخرين وطرح ألبومات كاملة لأغاني عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ. لماذا؟ - لأن أولئك الفنانين غنوا أجمل الألحان والكلمات، وفي إحدى حفلاتي في الاوبرا وبعدما غنيت أغنية عبدالحليم حافظ "موعود" صرخ أحد الحاضرين وقال "الله المشكلة إذاً ليست في الاصوات، ولكن في العناصر الأخرى". والحقيقة أن كل الكلمات والألحان الموجودة حاليا لا تصلح أن تكون تراثاً. وفي الفترة الأخيرة، انصب اهتمامي على نشر أغاني عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش للأجيال الجديدة ليتعرفوا الى تراثهم الغنائي، لكني أخطط لتقديم أغان خاصة بي في الفترة المقبلة. لماذا تنتظر طويلاً بين الألبوم والآخر؟ - اعتبر هذا سقطة مني لأنني مهتم جدا بالحفلات وبالتمثيل التلفزيوني، وسوق الكاسيت ليست مرضية للجميع. دائماً هناك أغنية تكون انطلاقة حقيقية للمطرب، وثروت انطلق مع اغنيتين "عاشقين" و"حالة حب" للملحن محمد سلطان كيف التقيته؟ - الملحن محمد سلطان كان لديه فكرة عن صوتي لأنني كنت أتردد عليه وعندما شاهدني مع الملحن عبدالمنعم الحريري أغني في استديو 45 في الإذاعة، أعطاني الفرصة الكبيرة لأغني للمرة الأولى مع الراحلة فايزة أحمد في حفلة تذاع على الهواء. غنت فايزة "أحلى طريق في دنيتي"، وغنيت أنا "عاشقين" و"حالة حب" وقوبلت الأغنيات بترحاب شديد! ولماذا ابتعدت عنه؟ - لم أبتعد. فقبل أيام قليلة انتهيت من بعض الأغنيات من تلحينه بالاضافة الى أغنية جديدة من كلمات عبدالرحمن الابنودي اسمها "ودعيني". ما الفرق بين الملحنين الكبار الذين تعاملت معهم والملحنين الموجودين حالياً في الساحة؟ - هو الفرق بين العمارة التي بنيت قبل سنوات والعمارة الحديثة، فالجيل القديم كان يهتم بالتفاصيل الدقيقة، وأن يكون هناك خط عريض للعمل الفني، وهذا ما نفتقده حاليا على رغم وجود اغان جذابة، لكن القديم له قيمته! هل اختلف اسلوب اختيارك لاغانيك بين الماضي والحاضر؟ - في الماضي، ولا سيما في مرحلة البدايات كنت اترك المسؤولية كاملة للملحن لأنني كنت قليل الخبرة. ولكن حاليا أتدخل في كل حرف وكلمة في الاغنية. وعندما أقع في غرام أغنية جديدة أحفظها بسرعة وأرددها حتى تأتي أغنية أخرى فتطغى عليها. فيلم "ابن مين في المجتمع؟" تجربتك السينمائية الوحيدة. لماذا لم تتكرر؟ - الاندفاع، والتجربة، والسينما، والعمل مع مخرج الروائع حسن الإمام. وقدمت من خلال هذا الفيلم مجموعة من الاغاني الجميلة والثقيلة كلمات عبدالفتاح مصطفى والحان أحمد صدقي، وسأخوض تجربة السينما قريبا في فيلم جديد نجهز له حالياً. قدمت للمسرح مسرحية "عجايب" وأوبريت "البروكة" ماذا أعطيت المسرح وماذا أعطاك؟ - أعطيته صوتاً يستطيع أن يغني كل ليلة على المسرح مع اوركسترا غناء. وما أعطاني إياه المسرح هو تحقيق أمنية الوقوف على خشبته والتمثيل يوميا واستشعار إعجاب الجمهور. ولكن أين اهتمام هيئة المسرح ووزارة الثقافة بمثل هذه العروض الغنائية؟ وأين ما تنادي به من أجل اقامة مسرح غنائي؟ موقع مسلسل "هي وغيرها" من أعمالك التلفزيونية؟ - أفضل أعمالي التلفزيونية، واعتز به جداً لأنه يحوي شخصيات عدة وفيه أغانٍ موظفة درامياً. يلاحظ في تمثيلك الأعمال الكوميدية تأثرك بالنجم عبدالفتاح القصري؟ - أتمنى و"القصري" حبيبي، ولو أطال الله عمره كنت ستجدني صديقا له ودائماً بالقرب منه لأنه قيمة كبيرة في حياتنا الفنية. هل الجمهور مسؤول عن فساد الذوق والغناء بتشجيعه أصواتاً لا تملك الموهبة ولا الشدو العذب؟ - نعم، الجمهور مسؤول لأنه يعتقد أنه خارج الحلقة على رغم أنه أهم عنصر في الغناء. إذاً هل فرض الجمهور عليك أداء لون من الأغاني أنت غير راض عنه؟ - لم أغن أغنية غير راضٍ عنها، وأنا حريص في اختياراتي جداً. لكن هذا الكلام مضاد لأدائك أغنية "هياها"؟ - أغنية "هياها" لها معنى جميل وما استرعى الانتباه هو أن الوقار معروف عني، لكن عندما صورت هذه الأغنية فيديو كليب شاهدني الجمهور "متعفرتاً" أركض خلف الباص وأركب وامتطي دراجة نارية وحنطوراً. ولكن هذا ليس معناه أن الأغنية خفيفة أو تافهة. لماذا لا نشاهد لك أغاني فيديو كليب كثيرة؟ - كنت مشغولاً في الفترة الماضية لكني سأصور الكثير من الاغاني قريباً لأن الفيديو كليب حالياً أصبح وسيلة للتعارف بين الجمهور والمطرب. وفي الفترة الأخيرة صُوِّرت أغانٍ عدة تعتمد على الإثارة. وسهل أن اقدم في اغنياتي فتيات غير محتشمات لكني سأكون رجلاً مفسداً. ففي يوم ما كان عبدالحليم حافظ قدوة لي وكنت أقلده، واليوم اصبحت قدوة مثله فيجب ألا أعرض مشاعر الشباب الذي يشاهدني للانحراف. هل "حزنت" حين أعطى الملحن حسن أبو السعود اغنيتك "حرام" للمطرب راغب علامة؟ - لا، لأن هذه عادة حسن أبو السعود، وهذه ليست المرة الأولى، إذ سبق أن باع اغنية "صابرين" لمحمد الحلو ثم لوليد توفيق. وأبو السعود يجيد هذه اللعبة، وحتى حين غنى راغب علامة أغنية "حرام" وظهر في التلفزيون وأعلن بقوة أن الأغنية ملكه لم أتأثر على رغم أنني غنيت هذه الأغنية قبل أن يظهر علامة هذا بسنوات. ما رأيك في الألقاب التي أطلقت عليك مثل مطرب السلطة؟ - افضل اللقب الذي يطلقه الجمهور، لكن لقب شخص يطلقه لغرض في نفسه فهذا مرفوض.ولو كنت مطرب السلطة كما أطلقوا عليّ لأذيعت اغنياتي طوال الوقت على قنوات التلفزيون. ما شعورك عندما تنجح أغنية لمغنّ لا يملك صوتاً ولا أغنيته نفسها هادفة؟ - لا أتضايق، لأن كل شيء خاضع لمشيئة الله، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وهذه أرزاق، وقد تثير مثل هذه الأعمال حفيظة الجمهور يوما ما. انتشرت أغاني الدويتو فمن المطرب الذي تتمنى أن تغني معه؟ - على المستوى العربي محمد عبده وطلال مداح، ومن القاهرة محمد منير. ومن المطرب الذي تحترم اختياراته حالياً؟ - هاني شاكر. هل المطرب محمد ثروت أخذ حقه كصوت؟ - لا. على رغم أن عدداً من المطربين يحسدك! - يحسدونني لأنني أحترم فني ونفسي والاحترام أصبح نادراً وعزيزاً في الوسط الغنائي. كيف يعود الغناء كما كان في الستينات؟ - أن يؤدي كل شخص دوره الذي يجيده لا سيما في التلفزيون المصري. الفنان عمله الرئيسي أن ينتقي فنه، والمسؤولون في التلفزيون عليهم أن ينظموا حفلاتهم بالشكل الذي يليق بالفنان وفنه ليحقق النجاح. لكن ما يحدث أن أولئك المسؤولين يعتقدون أنهم مسؤولون عن الفن، ولهم السلطة في إذاعة أغاني المطربين ومنعها. هذا عن التلفزيون، ماذا عن الإذاعة؟ - الإذاعة هي الأخرى في حال يرثى لها، فهي لا تنتج أغاني وفي حاجة الى مستشار للموسيقى والغناء، أقول مستشاراً وليس موظفاً. وما أحلامك؟ - الأحلام المؤجلة كثيرة أولها السينما وأتمنى أن أقدم فيلماً جميلاً مثل الأفلام الغنائية القديمة، لأنني أعتقد أن الغناء يمكن أن يزدهر في السينما الغنائية، لأنها ستفرض علينا أغاني موظفة درامياً ولها ذكرى درامية، ومثل هذه الأغاني تكون أطول عمراً. ما جديدك في الغناء؟ - ألبوم يحوي مجموعة من الأغاني لعدد من الملحنين إضافة الى ألبوم جديد للأطفال من كلمات صلاح جاهين وعبدالرحمن الأبنودي.