سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التجار والمستهلكون يطالبون ب "التشهير" ... ووزارة التجارة تغرم تاجر 50 ألف ريال . السعوديون يطاردون السلع "المقلدة" و "المغشوشة" حفاظاً على صحتهم ... وعلى سمعة اقتصادهم
بات السعوديون اليوم أكثر إصراراً من ذي قبل على التعاطي مع قضايا مطاردة العلامات التجارية المقلدة والغش، فالظاهرة بحسب ما يقول وزير التجارة والصناعة الدكتور هاشم يماني في تصريحات صحافية"تهدد سمعة السوق السعودية في الأوساط التجارية العالمية". وبحسب إحصائية رسمية وردت في الندوة الثالثة للغش التجاري والتقليد في دول مجلس التعاون الخليجي ونظمتها غرفة تجارة وصناعة الرياض في العام 2004، فإن خسائر الاقتصاد السعودي السنوية بسبب حالات التقليد والغش التجاري يجاوز قيمتها بليوني ريال. وتنبغي الإشارة هنا إلى هذا الرقم في دولة مثل السعودية مفتوحة الحدود لانسياب البضائع الأجنبية ويتجاوز إجمالي تبادلها التجاري 200 بليون ريال سنوياً، يعتبر"متحفظاً"إلى حد كبير. والواضح أن السعوديين وهم يحاولون"مطاردة"تجارة العلامات التجارية المقلدة والغش، مقتنعون تماماً بأنهم ربما بحاجة إلى عشرات السنين ليس للقضاء على الظاهرة وإنما للحد من انتشارها، فدول ذات اقتصادات ضخمة لم تنجح في هذا الجانب كثيراً، كما أن ما يمكن تسميته ب"مافيا التقليد"الفردي أو المنظم تمتد أذرعه في شكل واسع. وأمام هذا الواقع، كما يقول المحامي الاختصاصي في قضايا الشركات التجارية ماجد قاروب"اقتنع الجميع بأن مطاردة منذ النوع تحتاج إلى عمل مؤسساتي جماعي وأنظمة صارمة، حتى أن تعاون التاجر والمواطن مطلوب في هذا الجانب بشكل كبير". هذا العمل الجماعي الذي بدأ السعوديون يعملون وفقه، بدأ يثمر عن ضبط آلاف الحالات للسلع والعلامات المقلدة المنتشرة، وتأخذ دورتها القانونية المعروفة بحق المتعاملين مع هذا النوع من التجارة بحسب قانون العلامات التجارية، بدءاً من لجنة مكافحة الغش مروراً بهيئة الادعاء والتحقيق وأخيراً ديوان المظالم. وكان آخر القضايا المعلنة رسمياً، قرار ديوان المظالم السعودي بتغريم صاحب أحد أصحاب المحلات التجارية مبلغ 50 ألف ريال لاستيراده وبيعه بطاريات ذات علامة تجارية مقلدة ومصادرة هذه البضائع. وأوضحت وزارة التجارة في بيان صحافي أمس، أن الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري تلقت أخيراً شكوى من صاحب العلامة الأصلية بوجود محل تجاري استورد هذا النوع ويبيعها، وتم ضبطه وأحيل إلى الجهات المختصة. لكن يبدو أن البيان الرسمي المقتضب الذي يعلن دوماً حالات ضبط الغش والتقليد، لا يروق للكثير من التجار والمواطنين، فهم يطالبون بإجراءات أشد قسوة ضد المخالفين في مقدمها التشهير بالمتعاملين وحرمانهم من حق الاستيراد مستقبلاً. وبحسب صاحب مؤسسة تجارية اختصاصية في استيراد الأدوات المكتبية غسان بخاري"يجب أن تكون الغرامات أشد صرامة ليكون ذلك المستورد عبرة لغيره، كما يجب أن يعلم المستهلك نوعية العلامة المقلدة حتى يكون أكثر حذراً". وأمام واقع استمرار مسلسل خسائر التجار، تحرك العديد من الشركات السعودية المالكة لحقوق العلامات التجارية بالتعاون مع الغرف التجارية الصناعية ونظمت معارض هدفها التوعية بالسلع المقلدة وتثقيف المستهلك بوسائل التعرف الىالسلعة الأصلية والمقلدة. وتعتبر دراسة اختصاصية لغرفة تجارة وصناعة جدة ان العطور والساعات والمجوهرات والملابس وأدوات التجميل والتنظيف أكثر السلع تعرضاً للتقليد والغش. وتعتقد وزارة الصناعة والتجارة أن إقرار أحكام نظام العلامات التجارية في العام 2003، الذي أجازه مجلس الوزراء بعد تمريره من قبل مجلس الشورى وهيئة الخبراء، من شأنه أن يساهم في جهود محاربة السلع والعلامات المقلدة والغش فيها من خلال مواد تشدد العقوبة المادية والمعنوية على المخالفين. إلا أن مسؤولون وتجار في مقدمهم رئيس اللجنة التجارية في غرفة تجارة وصناعة الرياض عبدالعزيز العجلان يطالب بزيادات مبالغ الغرامات المادية لردع المخالفين خصوصاً في بعض السلع الحساسة ذات العلاقة بصحة المواطن، كما يطالب أن تحول هذه القضايا إلى المحاكم الشرعية. وأكدت اللجنة التجارية أن النظام الجديد لمكافحة الغش التجاري غامض في بعض بنوده، كما يخلو من التعاريف الهامة مثل اللائحة، والمنتج المغشوش، والمنتج الفاسد، والمنتج المقلد، ولم يتطرق إلى التلاعب في صلاحية السلع وأنماط الاحتيال الحديثة. ظاهرة الغش التجاري، كما امتدت لتشمل كافة قطاع المستهلكين بمختلف فئاتهم وطاولت جميع الاحتياجات من حيث المأكل أو المشرب أو الملبس أو العلاج أو السلع المعمرة والكمالية، ما دعى أمين عام مجلس الغرف التجارية الصناعية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى ضرورة تكاتف الجهود الأهلية وتأسيس جمعيات لحماية المستهلك تساند جهود الحكومات من خلال وزارات التجارة أو هيئات الجمارك أو المواصفات والمقاييس وغيرها.