وافقت أعلى هيئة في صندوق النقد الدولي على إجراءات تمويل جديدة، من شأنها أن تدعم العراق في المرحلة الثانية من مفاوضات خفض الديون الخارجية المترتبة عليه لدى الدول الصناعية الأعضاء في نادي باريس، وتوفير"أموال احتياط"لبرنامج اقتصادي تشمل بنوده الرئيسة تمويل خطط زيادة انتاج النفط الخام، ويرمي إلى حفز النمو الاقتصادي، والحد من التضخم، وزيادة احتياط العملات الصعبة. وأعلن نائب المدير العام ورئيس مجلس المديرين التنفيذيين بالإنابة تاكا توشي كاتو، بأن المجلس الذي اجتمع يوم الجمعة الماضي لمناقشة الوضع الاقتصادي والماليالعراقي، وافق على منح العراق قرضاً مالياً لمساندة برنامجه الاقتصادي لعام 2006، مشيراً إلى أن هذا القرض الذي تقدر قيمته بنحو 685 مليون دولار، سيكون أول"تدبير احتياط"من نوعه، على رغم أن العراق عضو مؤسس في صندوق النقد الدولي. وشدد كاتو في بيان صحافي، على أن القرض الجديد ليس مسألة محسومة بالنسبة للحكومة العراقية، التي تعتبره إجراء احترازياً، لكنه يشكل شرطاً لا بد من تحققه لبدء المرحلة الثانية من مفاوضات خفض الديون المتفق عليها بين العراق ونادي باريس. وكان العراق حصل على أول قرض مالي من صندوق النقد في تاريخه في أيلول سبتمبر من العام الماضي، ليفي بذلك بالمطالب التي فرضها نادي باريس للتفاوض على إعادة جدولة جزء مهم من ديونه الخارجية، التي قدرها الصندوق آنذاك بأكثر من 125 بليون دولار.ويعتبر قرض التدبير الاحتياط هزيلاً مقارنة بحصة العراق في صندوق النقد، والتي تزيد على 1.7 بليون دولار نحو 1.8 بليون وحدة من حقوق السحب الخاصة، وإن كانت أهميته تتركز في حقيقة أنه يعكس ثقة المؤسسة الدولية في آفاق الوضعين الاقتصادي والمالي للبلد المعني به، إضافة إلى مدى تجاوب السلطات مع شروطها. وأكد كاتو، أن أحد الشروط التي أهلت العراق للحصول على القرض الاحتياطي الجديد، تمثل في بلوغ عملية التدقيق في حسابات المصرف المركزي مرحلة متقدمة، لكنه لفت إلى أن الحكومة العراقية وفت بالتزاماتها تجاه الصندوق، بشأن ضبط وضعها المالي عندما رفعت أسعار كل أنواع المحروقات، مشيراً في هذا المجال إلى توقع خفض عجز الموازنة تدريجاً، ليصل إلى الصفر في المدى المتوسط. وقال إن"السلطات العراقية نجحت في تعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي في عام 2005، على رغم المناخ الأمني الشديد الصعوبة، وجاء النمو الاقتصادي متواضعاً بعد الانتعاش القوي الذي تحقق في عام 2004، وكانت الضغوط التضخمية أقل حدة، على رغم بقاء أسعار المستهلك متقلبة، واستمر المصرف المركزي ببناء احتياط العملات الصعبة، وحافظت أسعار الصرف على استقرارها" ولفت كاتو، إلى أن الحكومة العراقية ستسعى في العام المقبل إلى تعزيز الكادر الإداري، وتمويل خطط توسيع قطاع النفط، وتحويل الإنفاق بعيداً من الدعم الحكومي، وباتجاه تحسين الخدمات، بينما ذكر البيان، أن البرنامج الاقتصادي العراقي المدعوم من صندوق النقد يضع في تصوره تسريع نسبة النمو الاقتصادي إلى 10 في المئة في 2006، وخفض نسبة التضخم إلى نحو 15 في المئة، مشيراً على أن الاحتياط الأجنبي الذي بلغ نحو 8.7 بليون دولار في نهاية أيلول 2005 يتوقع أن يستمر في الازدياد. وطبقاً للبيان، يتوقع أن يخفض عجز الموازنة الماليةالعراقية الرئيسي، أي من دون حساب أعباء خدمة الديون، إلى 8 في المئة من الناتج المحلي في 2006، مقارنة ب11 في المئة في 2005، لكنه سيستمر في الانخفاض، مع تراجع متطلبات إعادة الاعمار، ليصل على الصفر في المدى المتوسط. وبلغت قيمة الناتج المحلي بحسب تقديرات الصندوق 33 بليون دولار في 2005، ويتوقع أن ترتفع إلى 42 بليون دولار في 2006.