علمت "الحياة" ان التعاون الثلاثي الذي اقترحته ايران على فرنسا ولبنان اثناء زيارة وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيديرين الى طهران السبت الماضي يتناول رغبة ايرانية للاشتراك في اعادة تأهيل مصفاة طرابلس لتكرير النفط العراقي، بعد اعادة فتح خط انابيب النفط بين العراق وسورية وتصدير النفط العراقي من ميناء بانياس السوري وتزويد مصفاة طرابلس بالنفط العراقي. وقال مصدر فرنسي لپ"الحياة" ان باريس وعدت بدرس المعلومات الخاصة بهذا التعاون والبحث في ما اذا كانت شركات النفط الفرنسية مهتمة به "اذ سبق وبحثت في تأهيل المصفاة" على حد تعبير المصدر. وذكر المصدر ان ايران "ابدت استعدادها للمساهمة في تمويل اعادة تأهيل المصفاة" ما اثار استغراب الاوساط الاقتصادية الفرنسية التي تتابع الازمة الاقتصادية الحالية التي تعيشها ايران نتيجة انخفاض سعر نفطها الى معدل 10 دولارات للبرميل. وقال مسؤول اقتصادي غربي مطلع على الاوضاع الاقتصادية في ايران لپ"الحياة" ان مستوى معدل سعر النفط الايراني الذي اصبح نحو 10 دولارات للبرميل، سيضطر البنك المركزي الايراني لاعادة النظر مرة اخرى بالسعر الذي تبني عليه الحكومة موازنة البلاد. وكانت ايران بنت موازنة العام الماضي على سعر برميل نفط بمستوى 16 دولاراً ثم عادت وخفضت مستوى الاسعار في الموازنة الجديدة بين آذار/ مارس 1998 و1999 الى 12 دولاراً للبرميل، الا انها ستضطر الى خفضه الآن الى 10 دولارات تحسباً من انخفاض اكبر لأسعار النفط. وأضاف المسؤول: "اذا اعتمدت ايران معدل سعر النفط الايراني بمستوى 12 دولاراً سيعني ان عائداتها من تصدير النفط ستبلغ 10.5 بليون دولار للسنة الجارية، كما ان لديها نحو ثلاثة بلايين دولار من عائدات صادرات غير نفطية مما يعني ان عائداتها المتوقعة للسنة، اذا بقي معدل سعر البرميل 12 دولاراً ستكون في حدود 13.5 بليون دولار مقابل مستوى واردات يبلغ 15 بليون دولار". وقال المسؤول الغربي: "ينبغي على ايران، اذا ارادت تجنب العجز ان تعيد التوازن الى ميزان مدفوعاتها الجارية وان تخفض مستوى وارداتها الى 11.5 بليون دولار، وهذا ما عجزت ايران عنه سابقاً حتى عندما كان اقصى حد في مستوى استيرادها عام 94 - 95 نحو 12.6 بليون دولار". وللمرة الأولى منذ 1990 ستشهد ايران عجزاً في ميزان مدفوعاتها. وقدّر المسؤول مستوى احتياط ايران من العملات الصعبة بنحو 3.5 بليون دولار حالياً أي "ما يساوي ثلاثة اشهر من الواردات" مما يعني ان طهران لا تستطيع الاعتماد على الاحتياط المالي. ويمكن لايران استخدام نحو اربعة بلايين دولار من القروض القصيرة الامد اضافة الى استخدام نحو بليون دولار من الاحتياط المالي وان تخاطر بخفض احتياطها من العملات الصعبة الى بليوني دولار. ورأى المسؤول "ان الأهم الذي يجب ان تقوم به ايران الآن هو خفض حجم وارداتها مما يعني كلفة سياسية واجتماعية مرتفعة في الوضع القائم". وأشار الى انه اذا لم تفعل ايران ذلك ستتوقف عن سداد ديونها الخارجية وهو ما قامت به بشكل جيد منذ 1994. وإذا توقفت عن سداد ديونها سيؤدي ذلك الى عزلة ايرانية. وقدر المسؤول الغربي الديون الخارجية الايرانية بعد سداد الديون منذ 1994 بنحو 13 بليون دولار الى الدول خارج "الاتحاد السوفياتي" سابقاً. وقدّر مستوى التضخم في ايران بأنه قريب من 30 في المئة بينما يبلغ المستوى المعلن رسمياً نحو 18 في المئة. واعتبر المسؤول ان سبب الأزمة الاقتصادية الحادة يعود الى ان العائدات النفطية انخفضت بنسبة 50 في المئة نتيجة تراجع سعر النفط وارتفاع عدد سكان ايران الذي يتضاعف سنوياً. وقال المسؤول: "على رغم ذلك تجتذب ايران الشركات المستثمرة خصوصاً في قطاع النفط والغاز لأنها المنتج النفطي الدولي الرابع، لكن الشركات التي ترغب في التصدير الى ايران ستكون اكثر حذراً نتيجة الازمة الاقتصادية المتفاقمة في البلد". ولا تزال الشركات النفطية، التي حصلت على عقود تطوير حقول نفطية في ايران، قليلة العدد وتقتصر على الشركة الفرنسية "توتال" وشركائها في مشروع تطوير حقل "ساوس يارس".