بقيت التهدئة في جنوبلبنان معلّقة على الاتفاق في شأن تسلم"حزب الله"جثث عناصره الاربعة الذين استشهدوا بعد ظهر الاثنين الماضي في بلدة الغجر الواقعة على الحدود اللبنانية مع اسرائيل، في ظل استمرار الاستنفارات والتعزيزات على جانبي الحدود من القوات الاسرائيلية ومقاتلي الحزب. راجع ص 6 و7 وشهدت الجبهة الجنوبية امس تصعيداً محدوداً بقي مضبوطاً، حين سقط مظلي اسرائيلي قالت المصادر العسكرية الاسرائيلية انه قائد طائرة شراعية مدنية، في خراج احدى القرى ميس الجبل اللبنانية، بعد ان ضل الطريق فحاول عناصر"حزب الله"التقدم في اتجاهه للقبض عليه لكن القوات الاسرائيلية تدخلت من البر والجو لمنع تقدمهم نحوه باطلاق كثيف للنار ووقعت اشتباكات بين الجانبين انتهت بعد نصف ساعة بتمكن المظلي خلالها من العودة الى الاراضي الاسرائيلية عبر احدى البوابات الحدودية. واذ وصفت مصادر قوات حفظ السلام الدولية الاشتباك بأنه عابر، رجّحت مصادر قيادية في"حزب الله"استمرار تهدئة الجبهة الجنوبية، مشترطة تسليم الحزب جثث عناصره الاربعة"في مهلة زمنية قريبة والا سيكون لنا كلام آخر". وأبلغ"حزب الله""الحياة"امس ان القوات الاسرائيلية استخدمت في مواجهات الاثنين الماضي اسلحة محرمة دولياً منها القنابل العنقودية، في قصفها الذي نفذته بعد خرقها الاراضي اللبنانية. وأكدت مصادر قيادية في الحزب انه سيعرض صوراً واثباتات للأمم المتحدة عن استخدام هذا النوع من القذائف. ومارست اسرائيل امس نوعاً من الحرب النفسية - السياسية برمي طائراتها الحربية مناشير على الساحل الجنوبي للعاصمة بيروت وصولاً الى مدينة صور القريبة من الحدود اتهمت"حزب الله"بأنه"أداة في يد أسياده السوريين والايرانيين"، في اشارة الى الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين قواتها وقوات الحزب الاثنين الماضي وأسفرت عن جرح 11 عسكرياً اسرائيلياً واستشهاد المقاومين الاربعة. وفي وقت دلت المؤشرات الى تهيؤ اسرائيل لخوض معركة سياسية في المحافل الدولية ضد الحزب باعادة طرح مطلب تنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 الذي ينص على نزع سلاحه وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب، فإن اطرافاً لبنانيين عدة يهمهم لجم التصعيد اعتمدوا لغة احتضان الحزب والمقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي بالتركيز على ان تنفيذ القرار الدولي متروك للحوار اللبناني الداخلي، مقابل بعض الانتقادات حيال مواقف الحزب على الصعيد الداخلي، خصوصاً بسبب انتقاداته لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة. لكن الاخير كان في طليعة الذين اعربوا عن تضامنهم مع الحزب حين كرر لليوم التالي اثناء زيارة قام بها امس للدوحة حيث اجتمع مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تنديده بالانتهاكات الاسرائيلية المستمرة خلال الاسابيع الماضية لأجواء لبنان"ما أدى الى تشنج الاوضاع". وقال ل"الحياة":"ان الحل الحقيقي هو ان تبادر اسرائيل لحل الاشكالات التي يعاني منها لبنان نتيجة استمرار احتلال مزارع شبعا واستمرار توقيف عدد من اللبنانيين بقي بعضهم في الاسر 25 عاماً الى جانب وقف الانتهاكات المستمرة". ودعا"الاصدقاء والاشقاء والاممالمتحدة الى مساعدة لبنان"للوصول الى حل للانتهاكات الاسرائيلية. وقال السنيورة انه تم التوصل الى وقف للنار عبر الحدود وبالتالي يجرى العمل على معالجة مسألة تسلم جثث عناصر"حزب الله"معرباً عن أمله في متابعة هذا الأمر. وكان لرئيس كتلة"المستقبل"النيابية النائب سعد الحريري موقف مماثل اذ قال من جزيرة كوراساو في الكاريبي حيث حضر مؤتمراً اغترابياً لبنانياً:"لا تطلبوا منا نزع سلاح المقاومة فنحن كلبنانيين لنا كرامتنا ونجلس ونتحاور ونرى أين سنصل"... وأشار الى الكثير من القرارات الدولية التي لم تطبق بعد. وفيما اعتبر رئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل ان"هناك وقتاً للمقاومة ووقتاً للديبلوماسية ونحن في حاجة اليوم الى الديبلوماسية"، فإن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر انتقد توجيه كتلة"حزب الله"النيابية سؤالاً الى رئيس الحكومة عن مدى التزامه القرار الرقم 1559 امام الموفد الدولي تيري رود لارسن، معتبراً اياه غير مبرر. وشهدت الحلبة السياسية اللبنانية تطوراً بارزاً امس بعقد اول اجتماع بين رئيس حزب"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط استمر ما يزيد على الثلاث ساعات ليل اول من امس، ومن بين ابرزما توافقا عليه هو بث الحياة مجدداً في تحالف قوى 14 آذار مارس، والتأكيد ان سلاح المقاومة يخضع للحوار الداخلي بعيداً من الضغوط الدولية، وعدم التفريط بهذا السلاح وطرح جنبلاط ان يكون ضمن منظومة دفاعية لحماية لبنان الى جانب الجيش. ورداً على سؤال ل"الحياة"حول سبل مواجهة مرحلة الضغوط السياسية والدولية المقبلة على"حزب الله"قالت مصادر قيادية فيه ان اسرائيل"أرادت اجراء اختبار قوة معنا في جنوبلبنان حين اخترقت آلياتها الخط الازرق نحو الاراضي اللبنانية لمعرفة ما اذا كانت الضغوط المزدوجة الداخلية والخارجية ستحول دون قيام الحزب بالرد، لكن المقاومة قررت الرد، بعد ان كانت امتنعت عن ذلك عند حصول الخروقات الاسرائيلية إبان عيد الفطر اوائل هذا الشهر لأسباب ذاتية لن نكشف عنها الآن". وأوضحت المصادر ان المقاومة ترى ان هناك حداً ادنى من التماسك على الصعيد اللبناني في مواجهة الاستغلال السياسي الاسرائيلي والدليل ان الدولة اللبنانية ممثلة بالرئيس السنيورة ووزير الخارجية فوزي صلوخ اكدت تمسكها بحق لبنان في الدفاع عن أرضه تجاه الانتهاكات الاسرائيلية. وذكرت المصادر ان قيادة الحزب بقيت طوال اليومين الماضيين على اتصال مع السنيورة، ومع قيادة قوات الاممالمتحدة في الجنوب. وشددت على ان التوتر الذي شهدته الجبهة الجنوبية سينتهي لأن المقاومة كانت اساساً في حال دفاعية والمطلوب ان تسلم اسرائيل جثث المقاومين لتكريس انتهاء التوتر"والا سيكون لنا موقف آخر". وكشف الناطق الرسمي باسم القوات الدولية في الجنوب ميلوش شتروغور عن جهود مكثفة تقوم بها قيادتها مع الجانب الاسرائيلي لاعادة جثث مقاتلي"حزب الله"، إلا ان مصادر غربية اعربت ل"الحياة"عن خشيتها من ان تطرح اسرائيل مطالب من الحزب والحكومة اللبنانية مقابل ذلك وتتركز الاتصالات الآن على ازالة هذه العقبة. وفي نيويورك، حمّل مجلس الأمن بالاجماع"حزب الله"مسؤولية المبادرة الى التصعيد مع اسرائيل عبر"الخط الأزرق"، واعرب عن"أعمق القلق نتيجة اندلاع النزاعات التي بدأها حزب الله من الجانب اللبناني". وناشد"جميع الأطراف ان تحترم الخط الأزرق بكامله، وان تمارس أقصى درجات ضبط النفس وان تمتنع عن أي اجراء من شأنه ان يصعّد الوضع أكثر". وجاءت مواقف اعضاء المجلس في بيان أدلى به رئيس المجلس للشهر الجاري السفير الروسي اندريه دنيسوف في اعقاب جلسة مغلقة للمجلس للاستماع الى احاطة من الأمين العام كوفي انان تناولت جولته على المنطقة. ووصف البيان الحوادث عبر الخط الأزرق بأنها"جدية"، وان اعضاء المجلس"يجددون دعوتهم الى حكومة لبنان لبسط سلطتها، وان يكون لها وحدها فقط حق استخدام القوة العسكرية في كامل أراضيها طبقاً لقرارات مجلس الأمن". ورحب السفير الاميركي جون بولتون ببيان المجلس، مشيراً الى"أهمية"تضمين البيان"ان حزب الله هو الذي بادر الى العمل العسكري عبر الخط الأزرق"في بيان يتطلب اجماع اعضاء المجلس. ورفض بولتون التعليق على قيام الطائرات الاسرائيلية باختراق الاجواء اللبنانية لتوزيع المنشورات متعذراً بأنه لم يكن على علم بالأمر.