سيطرت مظاهر التوتر والاستنفارات على الجبهة اللبنانية ? الاسرائيلية امس، فيما راحت المناطق اللبنانية الحدودية التي تعرضت للقصف الاسرائيلي تحصي اضرارها التي شملت تدمير الطيران المعادي لجسر في منطقة العرقوب. وتكثفت الاتصالات اللبنانية الرسمية، والدولية لضمان استمرار الهدوء بعد التصعيد الأعنف منذ الانسحاب الاسرائيلي من جنوبلبنان العام 2000، والذي شهدته المنطقة بعد ظهر وليل اول من امس مخلفة مقتل جندي اسرائيلي وجرح 11 آخرين واستشهاد 4 مقاتلي"حزب الله"تردد ان العدد قد يكون خمسة تسعى الاتصالات الدولية الى سحب جثث 3 منهم في محيط بلدة الغجر على الخط الازرق. راجع ص 6 و7 واحتفل لبنان وسط هذه الاجواء بالذكرى ال62 لاستقلاله في مشهد سياسي غلب عليه الانقسام، وتداعيات اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي تحل الذكرى في غيابه بعد ان كان في السنوات الماضية احد اركانها ورموزها الاساسيين، فتحول ضريحه قرب ساحة الشهداء في وسط بيروت مزاراً، لمناصريه في"تيار المستقبل"وحلفائهم حيث ارتفعت الهتافات ضد رئيس الجمهورية اميل لحود، مطالبة بالحقيقة في الجريمة، وتقدم الحضور رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع عدد من الرسميين حيث قرأ الفاتحة عن روحه، بعد حضوره العرض العسكري التقليدي. وأعلن رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط في حديث الى"الحياة"امس ان بقاء لحود في سدة الرئاسة يعني ان المستقبل أسود... لأن من خلاله يتغلغل النظام السوري ويحاول تدمير مسيرة الاستقلال والاستقرار ومحاولة السنيورة الحصول على الدعم الدولي الاقتصادي. وقال جنبلاط:"الى جانب لحود الذي هو اداة هناك الكلام التصعيدي التهديدي للرئيس السوري بشار الاسد الذي يساوم في الخارج على أي تسوية وفي لبنان يهدد". وأضاف جنبلاط رداً على سؤال:"لن أدافع عن النظام السوري بعد الكلام الذي سمعته. الاولوية لدينا هي معرفة الحقيقة والتعاون مع التحقيق الدولي والانصياع للقرار الدولي الرقم 1636". وقال:"طالما هم سائرون بالتهديد ويريدون الامور إما أسود أو ابيض وإما معي أو ضدي فنحن لسنا بحاجة الى المزيد من شهادات العروبة وعندما يوضع اساس للعلاقة الموضوعية تحمي استقرار لبنان وعروبته، عندها نتحدث... لقد جلنا العالم تحت شعار الدفاع عن استقرار سورية وفي الآخر يقول لك لست في حاجة اليك وأنا غير عازم بعد هذا على تقديم خدمات مجاناً... لكن في مثل هذا الجو وهو يمسك بمسدس ويريد قتلك فسأجيب بهذا الشكل". واذ قال جنبلاط ان لا معلومات كافية لديه حول الوضع المتوتر في الجنوب، علمت"الحياة"ان اتصالات التهدئة تمحورت امس على ضمان استمرار وقف اطلاق النار وسط شعور بمخاطر استمرار التصعيد، في ظل الاستنفارات المتبادلة والظاهرة للأعين من جانب القوات الاسرائيلية وقوات المقاومة الاسلامية في"حزب الله"على الحدود الجنوبيةاللبنانية. ولعب السنيورة دوراً مركزياً في هذه الاتصالات فبقي على صلة بسفراء الدول الكبرى في بيروت وممثل الامين العام للامم المتحدة غير بيدرسون الذي بقي مكتبه على صلة بالسنيورة وكبار المسؤولين اللبنانيين ومع المسؤولين في الجانب الاسرائيلي، اما مباشرة او عبر قيادة قوات حفظ السلام الدولية ومقر قيادتها في الناقورة جنوباً. وتناولت الاتصالات بالحاح مسألة سحب جثث المقاومين الذين سقطوا في مواجهات اول من امس، الذي شيع الحزب احدهم بعد ان تمكن من سحب جثته من ارض المعركة. وكان السنيورة أعلن من على ضريح الحريري،"وبغصة كبيرة لغيابه في هذه المناسبة"انه يجب ألا ننسى ان اسرائيل ظلت تنتهك الاجواء اللبنانية وتقوم باعتداءات مستمرة في الفترة الماضية". لكن المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية مارك ريغيف قال ل"فرانس برس":"اسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها لكنها لا تريد تصعيداً في لبنان. ان الحل ليس عسكرياً ويمر عبر تطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 بحرفيته". وأسف لأن القرار لم يطبق. وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم سيحاول مجدداً اقناع الاتحاد الاوروبي بادراج"حزب الله"على لائحته السوداء للمنظمات الارهابية. أما على صعيد الاحتفالات بعيد الاستقلال فقد تميزت بمقاطعة بعض القوى السياسية المعارضة للحود العرض العسكري الذي اقامه الجيش في ساحة الشهداء وأبرزهم نواب كتلة"تيار المستقبل"و"اللقاء النيابي الديموقراطي"و"القوات اللبنانية". وحضر بعض رموز المعارضة العرض ولم يحضروا مع الآخرين من المعارضين حفل الاستقبال السنوي الذي يقيمه الرئيس لحود الرئيس امين الجميل والذي وقف الى جانبه في المناسبتين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والسنيورة. الا ان الاخير حضر الاحتفال الموازي الذي كان جارياً قرب العرض العسكري عند ضريح الشهيد الحريري الذي وفدت اليه مسيرات من"تيار المستقبل"وشهد حالات عاطفية وهتافات ضد لحود والقيادة السورية. وأدلى السنيورة بتصريح قال فيه متوجهاً الى روح الحريري:"نحتفل بالاستقلال بعدما استعاد لبنان السيادة المفقودة وما سعينا لانجازه ومُنعت من انجازه يتحقق تدريجاً". وقال ان اتصال نظيره السوري محمد ناجي العطري به اول من امس"خطوة جيدة سنبني عليها... سنبقى عرباً راغبين دائماً بالعلاقات الصحيحة مع سورية". وبموازاة الاعتصام الشعبي النيابي امام الضريح اعتصم قياديون من"حزب الله"وحركة"أمل"والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث امام تمثال الرئيس السابق بشارة الخوري ضد الوصاية الاجنبية... وعلمت"الحياة"من مصادر ديبلوماسية ان النائب سعد الحريري الموجود خارج لبنان كان على تواصل مستمر امس مع السنيورة والادارات الدولية ومنها الفرنسية والاميركية والامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، لتدارك الاوضاع في الجنوب والضغط على اسرائيل من اجل تسليم جثث المقاومين اللبنانيين. وتزامنت الاتصالات مع ردود فعل دولية لافتة، فأعرب وكيل الامين العام للامم المتحدة ابراهيم غمباري ليل اول من امس عن قلقه ازاء تبادل النار الثقيل الذي قال انه"بدأ وفق ما تظهره المعلومات المتاحة، من الجانب اللبناني". ودعا كل الاطراف الى وقف اطلاق النار فوراً واحترام الخط الازرق وممارسة ضبط النفس لأن خرقاً لا يبرر الآخر. وقال غمباري:"ان الهجمات تظهر مرة اخرى اهمية ان تبسط الحكومة اللبنانية سيطرتها على كل اراضيها". ودانت الولاياتالمتحدة الهجوم معتبرة اياه"استفزازاً متعمداً"وقالت انه"نفذ ليأتي متزامناً مع ذكرى استقلال لبنان". ولكنها حثت اسرائيل على ضبط النفس. ونددت باريس بالتصعيد العسكري"والهجمات التي شنها حزب الله"وأسفت لانتهاكات الخط الازرق بما فيها انتهاك الطيران الاسرائيلي في الايام الاخيرة. وذكر ديبلوماسيون في الأممالمتحدة لوكالة"رويترز"ان اعضاء مجلس الامن الدولي فشلوا في الاتفاق على كيفية ادانة الاشتباك الدموي بين"حزب الله"والقوات الاسرائيلية وذلك بسبب خلافات بين الولاياتالمتحدة والجزائر. وبعد ساعات من المفاوضات تخلى اعضاء مجلس الامن عن محاولة تعديل بيان اقترحته فرنسا.