لمحت الولاياتالمتحدة الى ان الظروف قد تصبح متوفرة"في وقت قريب"للانسحاب التدريجي للقوات الاميركية من العراق، الا انها اكدت ان قرار سحب القوات لن يتم من طرف واحد. وفيما حذرت منظمة بريطانية غير حكومية من احتمال استمرار الحرب في العراق عقوداً من الزمن وصف ضابط أميركي كبير في العراق السجال الداخلي في الولاياتالمتحدة بشأن سحب القوات بأنه"أمر مقلق". صرحت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في مقابلتين تلفزيونيتين ان مناقشات تجري باستمرار بين قائد قوات التحالف في العراق جورج كايسي والسفير الاميركي في بغداد زلماي خليل زاد بشأن احتمال تسليم مسؤوليات امنية مهمة للعراقيين. واكدت في المقابلتين ان اللحظة التي سيبدأ فيها الجنود الاميركيين بالعودة الى وطنهم يمكن ان تكون قريبة. وصرحت لشبكة"فوكس نيوز"ان الرئيس جورج بوش"قال انه عندما تصبح القوات العراقية جاهزة، سنفكر في خفض قواتنا". واضافت"اعتقد ان الوقت الذي سيصبح فيه العراقيون قادرين على تولي امن مستقبلهم قريب جداً". كما صرحت رايس لشبكة"سي ان ان"ان اعداد قوات التحالف الدولية في العراق"ستنخفض ... لانه لن تكون هناك حاجة الى القوات الاميركية بالاعداد الحالية لوقت طويل".وتأتي تصريحات رايس بعد دعوة عدد من كبار السياسيين العراقيين في مؤتمر في القاهرة الى وضع جدول زمني محدد لانسحاب القوات الاجنبية من العراق، لكن رايس اكدت ان قرار الانسحاب"سيكون مشتركاً لحين مغادرتنا". وينتشر 159 الف جندي اميركي في العراق قبل ثلاثة اسابيع من الانتخابات التشريعية المقررة في 15 كانون الاول ديسمبر المقبل لاختيار اول حكومة تنتخب بطريقة ديموقراطية منذ سقوط نظام صدام حسين في نيسان ابريل 2003. وقال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية ان عدد الجنود الاميركيين سينخفض بعد الانتخابات الى 138 ألف عسكري. وشددت رايس على ان بدء انسحاب القوات الاميركية مشروط باظهار قوات الامن العراقية قدرتها على"السيطرة على الاراضي". واوضحت في مقابلتها مع"فوكس نيوز"انه"يجب ان نرى تلك القوات قادرة على التوجه والدفاع عن طريق المطار السريع التي اعتبرت على الدوام خطيرة". الا انها اكدت ان القوات العراقية قادرة في الوقت الحالي على القيام بالعديد من المهمات الامنية التي كانت تقوم بها القوات الاميركية حتى وقت قريب. من جهة أخرى حذر اللفتنانت جنرال جون فاينز، وهو ثاني اكبر قائد عسكري في العراق، من ان"الانسحاب المتعجل سيحدث حالاً من عدم الاستقرار"ورفض ان يحدد اي جدول زمني لسحب القوات. وصرح فاينز بأن"اي توصية من القادة الميدانيين الاميركيين للبدء في سحب القوات سيتم اتخاذها بناء على الموقف الامني لا على الاعتبارات السياسية"، في اشارة الى الجدل الدائر في الولاياتالمتحدة بشأن انسحاب القوات من جهة والقضايا السياسية المثارة بشأن قرار بوش غزو العراق وكذب المعلومات الاستخبارية وتضليل الكونغرس. ولفت فاينز الى ان الجدال المرير في واشنطن بشأن ما اذا كان يتعين الانسحاب من العراق بسرعة"امر مقلق"ولكنه"لم يضر بالروح المعنوية للجيش الاميركي". وأضاف"بالتأكيد الجنود مهتمون بما اذا كانوا يتمتعون بدعم ممثليهم المنتخبين والشعب ايضاً. وهم يعرفون انهم يتمتعون بهذا الدعم". الى ذلك، ذكرت صحيفة"واشنطن بوست"أمس ان البنتاغون ينوي سحب نحو ثلاثة فرق قتالية من العراق مطلع العام المقبل، الا انها ستحتفظ بكتيبة واحدة على الاقل في الكويت بحيث تكون في وضع"الاستعداد". يشار الى ان القوات الاميركية تضم 17 لواء قتالي. وصرح ضباط كبار في الجيش الاميركي طلبوا عدم كشف هوياتهم للصحيفة ان البنتاغون وضع سلسلة من"القرارات"للعام 2006 لدراسة امكان اجراء المزيد من الخفض على القوات الاميركية بحيث يمكن ان يصل عديدها الى اقل من مئة الف جندي بنهاية 2006. وكان الرئيس الاميركي صرح مراراً بان القوات الاميركية ستخفض بعدما تتمكن القوات العراقية من تولي مسؤولية الأمن، ولمح الى امكان خفض القوات الاحد الماضي خلال زيارته للصين، اذ قال:"مع اكتساب قوات الامن العراقية القوة والخبرة يمكننا ان نقلل وجود قواتنا هناك دون ان نخسر صدقيتنا في الحاق هزيمة فعالة بالارهابيين". كما صرح وزير الدفاع دونالد رامسفيلد مرات عدّة في الاسابيع الماضية انه ستتم اعادة تقويم وضع القوات الاميركية في العراق ودورها في اعقاب انتخابات 15 كانون الأول. وفيما رفض كبار المسؤولين في الادارة الاميركية التعليق على خيار وضع جدول زمني محدد لانسحاب القوات، يأتي تلميح رايس الى ان ذلك قد يبدأ في اقرب فرصة وسط تصاعد ضغوط الكونغرس الذي تهيمن عليه قضية الدور الاميركي في العراق،. في غضون ذلك، رأت منظمة بريطانية غير حكومية ان انسحاباً اميركياً من العراق سيكون"كارثة للسياسة الخارجية تفوق كارثة الانسحاب من فيتنام". وذكرت"مجموعة اوكسفورد للبحوث"ان التدخل العسكري في العراق في آذار مارس 2003 شكل"هدية"لتنظيم"القاعدة"اتاحت له تجنيد رجال من خلال اعتباره الوجود الاميركي في العراق احتلالاً من المسيحيين لبلد مسلم كبير. وحذرت المنظمة من جهة أخرى من ان الحرب في العراق يمكن ان تستمر عقوداً، ولفتت الى ان انسحاب القوات البريطانية من هذا البلد"غير محتمل بدرجة كبيرة"اذا لم تتغير سياسة لندن حيال واشنطن. وأضافت ان"تنظيم القاعدة والمجموعات المنضوية تحت لوائه ستسعى الى بلوغ اهدافها خلال عقود وليس خلال سنوات. ولذلك فان الاحتمال المطروح هو ان الحرب في العراق يمكن ان تقاس بفترة مماثلة، إلا اذا حصلت تغييرات في السياسة العليا للولايات المتحدة". واضافت المنظمة ان احتمال الانسحاب السلمي لحوالى 8500 جندي بريطاني من العراق"غير محتمل بدرجة كبيرة"ما لم تغير لندن جذرياً سياستها حيال الولاياتالمتحدة. واوضحت"ان ذلك من شأنه ان يشكل تغييراً كبيراً لسياسة حكومة رئيس الوزراء توني بلير"، و"في الظروف الراهنة، فان ذلك غير محتمل بدرجة كبيرة".