تعثرت اسرائيل في اول اختبار لها لوقف"عزفها المنفرد"في كل ما يتعلق بالقضايا الفلسطينية عشية لقاء القمة الرباعية المقرر في منتجع شرم الشيخ المصري، أمام المطلب الفلسطيني بتشكيل لجنة ثنائية لبحث قائمة باسماء الاسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم بعيدا عن سياسة"الخطوات الاحادية الجانب"، متذرعة بوجود"خلاف"اسرائيلي داخلي بين جهاز المخابرات والجيش الاسرائيلي في شأن اطلاق أسرى شاركوا في هجمات ادت الى وقوع قتلى في الجانب الاسرائيلي، الأمر الذي عزز الشكوك الفلسطينية في امكان نجاح"قمة شرم الشيخ". ويأتي ذلك في الوقت الذي عكست فيه الصحف الاسرائيلية"عدم الرضى"عن الدور الذي تلعبه القاهرة في التقريب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقادة"حركة المقاومة الاسلامية"حماس في الخارج. عزت اسرائيل فشل الاجتماع الذي جرى بين الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي مساء الجمعة الى وجود"خلاف"بين جهاز المخابرات والجيش الاسرائيلي في شأن قضية الافراج عن الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية والتي تعتبرها اسرائيل في اطار"خطوات بناء الثقة"، فيما يرى الجانب الفلسطيني انها جزء من استحقاقات"خطة خريطة الطريق"الدولية المترتبة على الجانب الاسرائيلي الذي اكد عدم اهتمامه في البحث في تطبيقها على الارض في الوقت الحالي. وقال مصدر عسكري اسرائيلي كبير ان"الخلافات بين جهاز المخابرات الداخلي شاباك والجيش الاسرائيلي"وتحديداً بين رئيس"شاباك"آفي ديختر ورئيس اركان الجيش موشيه يعلون ما زالت قائمة في شأن"المعايير"التي يتوجب على اسرائيل اتباعها لتحديد اسماء الاسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم. وذكرت الاذاعة الاسرائيلية التي نقلت هذا النبأ ان ديختر يصر على مواصلة اتباع"المعايير السابقة"التي لا تسمح اسرائيل بموجبها باطلاق اسرى امضوا سنوات طويلة خلف القضبان، فيما يطالب يعلون بمعالجة هذه المسألة"بشكل موضوعي"والافراج عن عدد من قدامى الاسرى"حتى اذا كانت على أياديهم دماء". وقالت المصادر ذاتها ان الحكومة الاسرائيلية ستصادق خلال جلستها الاسبوعية غداً الاحد على ادخال عضوي حزب العمل شمعون بيريز وحاييم رامون في اللجنة الوزارية الخاصة بشؤون الافراج عن الاسرى الفلسطينيين. وتضم هذه اللجنة التي يترأسها شارون وزراء الخارجية والامن الداخلي والعدل سلفان شالوم وغدعون عيزرا وتسيبي ليفني. وكان بيريز ورامون أيدا في اجتماع المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر موقف رئيس اركان الجيش الاسرائيلي بضرورة اطلاق عدد من الاسرى القدامى"لانجاح"مهمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لأن قضية الاسرى تتصدر اولويات الجانب الفلسطيني في هذه المرحلة. ويدعم هذا التوجه ايضا وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز. وأشارت مصادر صحافية اسرائيلية الى ان الحكومة الاسرائيلية تشعر بالقلق من امكانية ممارسة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي تصل الى المنطقة غدا الاحد الضغط على الجانب الاسرائيلي في هذا الخصوص. وفي نبأ عاجل، ذكر الموقع الالكتروني لصحيفة"هآرتس"العبرية ان مسؤولاً عسكرياً إسرائيلياً رفيع المستوى وصف قرار المجلس الحكومي الاسرائيلي المصغر عدم الافراج عن اسرى"على اياديهم دماء"بأنه"غلطة". ونقلت عن مصادر اسرائيلية حديثها عن امكان اطلاق اثنين او ثلاثة من ذوي المحكوميات الطويلة الذين قضوا أكثر من 20 سنة في السجن وعن اطلاق قسام البرغوثي نجل الاسير مروان البرغوثي امين سر حركة"فتح"في الضفة الغربية. يأتي ذلك في الوقت الذي اكد فيه الجانب الفلسطيني فشل الاجتماع الذي عقد مساء الخميس وحضره عن الجانب الفلسطيني صائب عريقات ومحمد دحلان وحسن ابو لبدة، وعن الجانب الاسرائيلي دوف فايسغلاس وشالوم ترجمان. وقالت مصادر مطلعة ان الجانب الفلسطيني خرج"غاضباً"من الاجتماع الذي امتد لأكثر من ثلاث ساعات ونصف ساعة، وان"الاداء"الاسرائيلي فيه اقتصر على تلاوة"رزمة الخطوات"التي اقرها المجلس الاسرائيلي المصغر نهار الخميس، اي قبل ساعات من الاجتماع المسائي. ووصف الوفد الفلسطيني ما عرضه الاسرائيليون من اطلاق 900 فلسطيني تنتهي محكوميات غالبيتهمم خلال سنة بأنه"مهين". وقال وزير شؤون المفاوضات الفلسطيني صائب عريقات ان الجانب الاسرائيلي رفض طلبا فلسطينيا بتشكيل لجنة ثنائية لتحديد قائمة بأسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم، مضيفا ان الجانب الاسرائيلي رفض ان تشمل الدفعة الاولى من هؤلاء الاسرى الذين اعتقلوا قبل اتفاقات اوسلو. واعرب عريقات عن امله في ان تعيد اسرائيل النظر في هذا الطلب وان توافق على تشكيل هذه اللجنة. وطالب الجانب الفلسطيني بان تشمل الدفعة الاولى اسماء 237 أسيراً اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاقات اوسلو في العام 1993 من بينهم كبار في السن مضى على وجودهم خلف القضبان اكثر من عشرين عاماً. ويعاني جزء من هؤلاء من امراض مزمنة وخطيرة. وانتقدت مصادر سياسية فلسطينية بشدة الاسلوب الذي تتعامل به الحكومة الاسرائيلية مع الطرف الفلسطيني وهو اسلوب وصفته بأنه"سياسة خذها أو اتركها"بدون نقاش. وقالت المصادر ل"الحياة"ان هذا الاسلوب"مرفوض فلسطينياً جملة وتفصيلاً ولا يؤشر ايجاباً نحو مفاوضات حقيقية تؤدي الى التوصل الى اتفاقات". وتعهد الرئيس الفلسطيني خلال حملته الانتخابية بالعمل على الافراج عن كل الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم 8000 أسير. الى ذلك، لمح بعض الصحف الاسرائيلية الى"عدم رضى"المؤسستين السياسية والعسكرية في اسرائيل عن"الدور"الذي تلعبه القاهرة للتقريب بين عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل. وكتب المحلل السياسي الاسرائيلي ناحوم برنياع في صحيفة"يديعوت احرونوت"العبرية ان"الجيش الاسرائيلي غير راض تماما عن مصر". وكشف الكاتب ان مصر سعت الى ترتيب لقاء بين عباس ومشعل في القاهرة في آذار مارس المقبل وعندما رأت ضرورة في الاستعجال، حددت السابع من الشهر الجاري لعقد هذا اللقاء.