عندما قدم طبق"الستيك والبطاطا"للرئيس شيراك خلال العشاء الذي تناوله مع الرئيس بوش في السفارة الأميركية في بروكسيل مساء أول من أمس، قال بوش لنظيره الفرنسي هذه"بطاطا فرنسية". وبذلك أراد بوش ان يرمز الى مصالحته مع فرنسا التي أدى خلافه معها بسبب معارضتها الحرب على العراق الى مقاطعة الأميركيين لل"بطاطا الفرنسية". ورغم ذلك، وعندما سألت صحافية فرنسية، قبل العشاء عما إذا بات مستعداً لدعوة شيراك الى المزرعة التي يملكها في تكساس أجاب بوش ضاحكاً:"احتاج الى كاوبوي حقيقي". ورغم الاختلاف البالغ في شخصيتي الرئيسين على صعد مختلفة، كان واضحاً ان بوش جاء الى أوروبا والتقى شيراك مصالحاً في ظل جو جديد يجري فيه الحديث عن الخلافات بعيداً عن التوتر والتباعد. وشكل استقلال لبنان وسيادته الموضوع الموحد بينهما، فسيطر اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وعواقبه مطولاً على نقاشات الرئيسين. وكان بوش على معرفة شخصية بالحريري الذي التقاه ثلاث مرات، كما كانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس والسفراء الذين يعملون معها على ملف الشرق الأوسط على معرفة به ايضاً. والادارة الاميركية كانت مدركة لعمق العلاقة القائمة بين شيراك والحريري، كما ان بوش مدرك لخبرة شيراك بأوضاع كل من لبنان وسورية، ما جعله يصغي لتحليله حولهما. فكان بوش يسأل عن أفضل طريقة لاخراج سورية من لبنان، مؤكداً عزمه على التوصل الى ذلك. ورأى شيراك الذي يشاركه في هذا الموقف انه لا بد من الضغط لتنفيذ القرار 1559 لأن اللبنانيين يريدون الاستقلال والحرية. وأبدى الرئيسان ايضاً اهتمامهما بأن يكون هناك حرص دولي وتركيز على التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري، واكدا ضرورة ان تكون الانتخابات الاشتراعية المقبلة حرة وشفافة وتحت مراقبة دولية. وتطرقا الى ضرورة البقاء على اتصال وثيق لمراقبة ما سيحصل على الأرض، من دون ان يتناولا موضوع العقوبات على سورية لأنهما آملا بألا يصل الوضع الى هذه المرحلة. والملاحظ ان البيان المشترك الذي أصدراه حول لبنان خلا من أي ذكر لسورية بالاسم. وتحدث البيان عن وحدة الولاياتالمتحدةوفرنسا وأوروبا والأسرة الدولية في إدانة اغتيال الحريري وتأييد حرية لبنان واستقلاله ودعم التحقيق الدولي للأمم المتحدة وتعاون الجميع للكشف عن مرتكبي الاغتيال. ويطالب بتنفيذ كامل للقرار 1559 وانتخابات حرة وشفافة من دون تدخل خارجي وباشراف مراقبين دوليين. وتحرص فرنسا من جانبها على عدم الدخول في مواجهة مع سورية وتسعى بشدة الى تجنب ذلك. واكد مسؤول اميركي بعد العشاء ان العمل بين شيراك وبوش حول لبنان مثمر وخال من أي خلاف وان تنفيذ القرار 1559 اساسي لتنظيم وإنجاح الانتخابات، وان الرئيسين عازمان على دعم الشعب اللبناني في مسيرته الاستقلالية. والواضح ان لبنان وسورية موضوع توافق مثالي بين بوش وشيراك، اذ ان الرئيس الاميركي لم يتطرق الى موضوع"حزب الله"وادراجه على لائحة الارهاب الأوروبية، نظراً الى إدراكه الرفض الفرنسي لهذه الخطوة. فأراد بوش ابعاد المواضيع التي تفرق، لأن زيارته الى أوروبا تهدف الى استعادة التحالف مع القارة القديمة التي لا تزال مختلفة معه حول عدد من المواضيع، لكنه بحاجة اليها.