وزير خارجية فرنسا ميشال بارنييه اكد اخيراً ان فرنسا ستكون حازمة في مراقبتها القانون الانتخابي ومسار الانتخابات في لبنان. الرئيس الفرنسي جاك شيراك بذل كل جهوده للطلب من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان تعيين مبعوثه تيري رود لارسن لمتابعة تنفيذ القرار الدولي الرقم 1559. كما يبدي الرئيس الفرنسي اهتماماً كبيراً بالمسار الانتخابي اللبناني المقبل الذي يعتبر موعداً مهماً لكل من لبنان وسورية والأسرة الدولية. فبالنسبة الى لبنان تستعد المعارضة لخوض انتخابات تظهر للعالم ان اللبنانيين يريدون تغيير النهج المعتمد منذ عشر سنوات بتغييب حرية القرار اللبناني، وأنهم متعطشون لانتخاب حكام يحاسبون من الرأي العام اللبناني وليس من سورية. وكان شيراك اكد لدى استقباله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني النائب وليد جنبلاط ان إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش لولاية ثانية وتعيين كوندوليزا رايس على رأس الديبلوماسية الأميركية يؤكدان عزم الإدارة الأميركية على البقاء على موقفها المتضامن مع فرنسا بالنسبة الى القرار 1559 لكي يستعيد لبنان حرية قراره وسيادته. ويؤكد مسؤول غربي رفيع رفض كشف اسمه ل"الحياة"ان الظروف الدولية والإقليمية تغيرت وأنه لا يوجد اي مبرر لاستمرار الوجود السوري في لبنان، وأن"احداً في العالم العربي او في الأسرة الدولية لا يدافع عن هذا الوجود". ويشدد المسؤول على"حرص الإدارة الأميركية على استعادة لبنان تقليده الديموقراطي". هذه المعطيات الدولية ينبغي ان تكون موضع دراسة هادئة وذكية من الجانب السوري. ففي لبنان هناك معارضة تعمل بتضامن وذكاء بعيداً من شعارات التحدي، وتطالب بقانون انتخابي عادل ومنصف يتيح الوصول الى طبقة سياسية تحاسب امام الرأي العام اللبناني وليس في الخارج. وبعد التمديد للرئيس اميل لحود يتعامل الجميع مع ما حصل على انه امر واقع، فسفراء الدول الكبرى يتعاملون مع الرئيس اللبناني ويعترفون به. ولكن المهم ان تدرك سورية ان الكرة باتت في ملعبها لكي تتيح للبنانيين خوض انتخابات تشريعية حرة، لأن هذا مطلب شرعي للشعوب الحرة، كما انه بات مطلباً دولياً، ومن هنا خطورة رفض مثل هذا المطلب. ففرنسا حريصة كل الحرص على متابعة موضوع الحرية والاستقلال في لبنان، ليس من منطلق استعماري، ولكن لأنها تعتبر ان لبنان بلد صغير كان له تقليد ديموقراطي في منطقة متعطشة الى الديموقراطية، ويجب ان يستعيد هذا التقليد كي يكون نموذجاً للآخرين. واستقبل شيراك جنبلاط وسيستقبل البطريرك صفير لأنهما يمثلان قوى المعارضة الوطنية الأساسية في لبنان. وصديق شيراك رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري اصبح ايضاً في هذه المعارضة الوطنية. والرأي العام الفرنسي لا يخالف رئيسه في هذا النهج، لأن هنالك تعاطفاً فرنسياً كبيراً مع لبنان. إذاً، ينبغي على سورية ان تستفيد من موعد الانتخابات اللبنانية المقبلة لكي تظهر انها فهمت الرسالة اللبنانية الداخلية، والرسالة الدولية التي لا تتضمن كما اكد شيراك لجنبلاط اي نية لقلب النظام في سورية ولكنها تريد ان يستعيد لبنان حرية قراره وسيادته. والمطلوب الأخذ بهذه الرسالة لأنها ليست فقط فرنسية - اميركية ولكن ايضاً عربية. فكل الدول العربية الكبرى والنافذة، بحسب ما اكد الرئيس الفرنسي والمسؤولون الأميركيون، تعتبر ان الوقت حان لعودة السيادة اللبنانية.