لجأ الحزب الوطني الحاكم في مصر الى النواب المستقلين الفائزين في المرحلة الأولى للانتخابات النيابية، ليرفع رصيده من المقاعد إلى 114، محافظاً بذلك على حيازته على الغالبية البرلمانية في المرحلة الأولى. وفي المقابل، ازدادت مساحة قوى المعارضة والمستقلين إلى 50 مقعداً، بنسبة 30.3 في المئة من مقاعد البرلمان. وظلت جماعة"الإخوان المسلمين"أكثر الرابحين بحصولها على 34 عضواً، بما يمثل زيادة 100 في المئة عن عدد مقاعدها في البرلمان السابق، الأمر الذي يعد انتصاراً قوياً لهذه الجماعة الإسلامية ويعكس قدراتها الكبيرة في العمل التنظيمي ووحدتها داخل المجموعات الشعبية واحتضانها للأجيال الشابة الصاعدة وتركيزها عليهم. غير ان هذا الانتصار لا يعد سابقة، إذ حققت الجماعة انتصارات على أصعدة أخرى وخصوصاً داخل المجتمع المدني سواء في الاتحادات المختلفة للطلبة أو النقابات العمالية والمهنية على مستوى مصر. ورأى مراقبون أن ما حققه"الاخوان"في المرحلة الأولى سيجعل الجماعة أكثر استعداداً لخوض جولات المرحلتين الثانية والثالثة في شكل مكثف من أجل الحصول على مزيد من المقاعد في البرلمان لمساعدتها على تحقيق هدفها بالمشاركة في صنع القرار وإظهار مدى قوتها السياسية في الشارع المصري. وعلمت"الحياة"أن أقطاب الحزب الوطني الحاكم أجروا دراسة متأنية لنتائج المرحلة الأولى للانتخابات لمعرفة الأسباب الحقيقية لسقوط مرشحيه الأساسيين واضطراره إلى استمالة المرشحين المستقلين الفائزين في هذه المرحلة على رغم انشقاقهم عن الحزب وإعلان العصيان السياسي على اختيارات المجمعات الانتخابية في المحافظات الثماني التي جرت فيها الانتخابات. ولكن لوحظ أن رموز الحزب قللوا من تأثير ما جرى في المرحلة الأولى، إذ أكد نجل الرئيس المصري أمين سياسات الحزب الوطني السيد جمال مبارك أنه واثق في قدرة الوطني على تأمين"غالبية مريحة"في الانتخابات البرلمانية التي تشهدها البلاد. ووصف برامج منافسي"الوطني"بأنها"مجرد عناوين وشعارات تخاطب العواطف"، في إشارة إلى شعار"الإسلام هو الحل"الذي ترفعه جماعة"الإخوان المسلمين"وحققت به نتائج قوية في المرحلة الأولى من الانتخابات. ورأى مبارك الابن خلال مؤتمر انتخابي لتأييد مرشحي الحزب في الإسكندرية مساء أول من أمس انتخابات الأحد المقبل إن"الوطني خرج من المرحلة الأولى بغالبية قوية ومريحة سيدخل بها المرحلة الثانية بقوة من أجل أن يحقق الهدف من الانتخابات، وهو الحصول على غالبية مريحة لتنفيذ البرنامج الانتخابي"للرئيس مبارك. وانتقد"التصريحات الاستباقية والآراء المتناقضة لبعض وسائل الإعلام عن الحزب الوطني"، لافتاً إلى أن بعضها قال"قبل أن تغلق الصناديق الانتخابية فإن الانتخابات في المرحلة الأولى ستكون كل مقاعدها للحزب الوطني"، فيما"وصف آخرون العملية الانتخابية بأنها رجوع إلى الوراء وبأنها عملية شكلية ... وبعد ظهور النتائج تقول الأصوات نفسها إن الحزب لم يحصل على كل المقاعد وخسر بعض الدوائر ولم توفق قياداته في الانتخابات". واعتبر أن الحزب الحاكم"يدفع ضريبة كونه حزب غالبية يقود عملية الإصلاح". وشدد على أن"الوطني ليس وحيداً في الساحة السياسية نظراً إلى عملية الإصلاح السياسي المستمرة منذ سنوات طويلة"، لكنه قال إن"الحزب يخوض الانتخابات البرلمانية ببرنامج واضح وتفصيلي"، بينما"برامج الآخرين مجرد عناوين وشعارات تخاطب العواطف، وليست برامج تنفيذية تتعامل مع المشاكل". ورصد جمال مبارك إنجازات الحزب وحكومته خلال الأعوام الثلاثة الماضية، أي منذ توليه مسؤولية أمانة سياسات"الوطني". وقال:"حققت حكومة الحزب إصلاحاً تشريعياً واسعاً في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أدخلت تعديلات جوهرية على القوانين السياسية في الدورة الماضية". وتوجه إلى ناخبي الإسكندرية، ملوحاً بالخدمات التي قد يقدمها نواب"الوطني". وقال إن"برنامج الحزب يتضمن طرح نصف مليون مسكن مدعوم من الدولة في السنوات الست المقبلة، موجهة بالأساس إلى الشباب... وعلى نواب الإسكندرية في برلمان المستقبل أن يسعوا ليحصلوا للإسكندرية على عدد كبير من هذه المساكن". وأضاف:"توجد تحديات ومشاكل اقتصادية منها قضية البطالة، ولكن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري أظهرت العام الماضي أنه شهد نمواً وأصبح احسن حالا"، مشيراً إلى أن الحزب سيسعى إلى ترجمة هذه المؤشرات في ايجاد فرص عمل. من جهته، قال الأمين العام للحزب رئيس مجلس الشورى السيد صفوت الشريف إن"الوطني يرحب بالأحزاب الوطنية الشرعية الأخرى في برلمان المستقبل، باعتبارهم شركاء في الحكم". لكنه لم يشر إلى جماعة"الإخوان"التي تحظرها السلطات المصرية وتعتبرها"غير شرعية". وأشار إلى أن"نحو 79 في المئة من أبناء الوطني الذين خاضوا الانتخابات على مبادئه فازوا في الجولة الأولى"، في إشارة إلى المستقلين الذين اعادهم الحزب إلى عضويته بعدما رفض ترشيحهم على لوائحه. وشدد على أن المرحلة الأولى من الانتخابات"جرت في أجواء حرة ونزيهة وتحت إشراف قضائي بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني"، معرباً عن رفضه الشديد"للادعاءات بوجود خروقات، فهذا قول باطل يروجه أيضاً دعاة باطل". لكنه انتقد"استغلال الشعارات الدينية... فهذا الوطن سيظل ملكاً لأبنائه مسلميه ومسيحييه". وتابع:"كانت مصر دائماً موحدة لا تعرف مسيحياً ولا مسلماً... والمعركة الانتخابية للحزب الوطني معركة نظيفة وشريفة لا يدخلها الباطل ولا تقبل أبداً أن تدخل الدين في أي محور من محاورها". وانتقد"بعض القنوات الفضائية التي تذيع أسماء بعض الفائزين قبل الانتهاء من فرز الصناديق، وتنقل المشاجرات"بين أنصار المرشحين، بالسعي"الى تشويه صورة مصر". وقال:"نتائج الانتخابات لا تظهر إلا مع نهاية فرز الصندوق الأخير تحت الإشراف القضائي"، مشدداً على"نزاهة القضاء المصري وقضاته الذين نؤمن بحكمهم وعدالتهم في الإشراف القضائي". ويبدأ مارثون جديد الأحد في تسع محافظات هي الاسكندرية والبحيرة والاسماعيلية والسويس وبورسعيد والقليوبية والغربية والفيوم وقنا، ويتنافس فيها نحو 1786 مرشحاً للفوز ب 144 مقعداً. ويخوض الحزب الوطني الحاكم المنافسة في الدوائر ال 72 باثنين من المرشحين في كل دائرة، بينما يشارك حزب"الوفد"ب 26 مرشحاً وحزب"التجمع"ب 13 مرشحاً وحزب"الغد"ب 33 مرشحاً و"الناصري"ب 5 مرشحين و"الأمة"ب 7 مرشحين وبقية الأحزاب ب 38 مرشحاً، بينما نصيب المستقلين والمنشقين عن بقية الأحزاب 1520 مرشحاً.