} أظهرت نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية تغييراً كبيراً في التركيبة السياسية للبرلمان الجديد وخارطة القوى السياسية فيه، وخففت النتائج من حال الغضب الذي ساد الأوساط الشعبية بسبب أعمال العنف والصدامات التي وقعت في الدوائر التي خاض فيها رموز "الإخوان المسلمين" جولة الإعادة الدورة الثانية أول من أمس. احتفظ الحزب الوطني الحاكم في مصر بمكانة الحزب الأول بعد ظهور نتائج جولة الإعادة الدورة الاولى للمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، لكنه مُني بأقسى هزيمة انتخابية منذ تأسيسه العام 1978، اذ حصل على 59 مقعداً فقط من اصل 148جرى الاقتراع عليها في الجولتين. ولحقت الهزيمة أيضاً بحزب الوفد الليبرالي الذي لم يفز إلا بمقعد واحد في مقابل المئة مقعد توقعت قيادته الحصول عليها. وزاد كارثة الحزب الوطني سقوط عدد من رموزه في مقابل نجاح كبير حققته جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة التي تعرضت طوال الاشهر الاربعة الماضية لإجراءات استهدفت التأثير على مواقف مرشحيها. وحصلت الجماعة التي قدمت 22 مرشحاً، في جولة الإعادة أربعة مقاعد في محافظاتالاسكندرية وبورسعيد والبحيرة والفيوم، اضيفت إلى مقعدين حصلت عليهما في الجولة الأولى. ولدى الجماعة الفرصة لزيادة حصيلتها من مقاعد الجولة الأولى، إذ سيخوض مرشحاها في دائرة الرمل السيدة جيهان عبداللطيف الحلفاوي والسيد المحمدي السيد أحمد لاحقاً الانتخابات في تلك الدائرة والتي ألغيت نتائجها في الجولة الأولى بحكم قضائي بعد القبض على مندوبي السيدة الحلفاوي الأمر الذي اعتبرته المحكمة "إخلالاً بمبدأ تكافؤ الفرص". واعتبر القطب البارز في الجماعة النائب السابق الدكتور عصام العريان أن نتائج المرحلة الأولى "ستنعكس ايجابياً على الأداء البرلماني بعدما شهدت الخارطة السياسية تغييراً مهماً باختفاء وجوه مرفوضة شعبياً وعودة تيارات سياسية ثبت أن الشعب يساندها على رأسها الإخوان"، مشيراً إلى أن غالبية مرشحي الجماعة "وجوه جديدة تخوض الانتخابات للمرة الأولى". واعتبر أن النتيجة التي حققوها "دليل على أن الجماهير ساندت أفكار الإخوان ومبادئهم". وأشاد بالدور الذي قامت به نساء الجماعة، خصوصاً السيدة الحلفاوي "التي واجهت ظروفاً صعبة وخاضت الجولة الأولى وزوجها مغيب خلف القضبان"، مشيراً إلى أن مئات من "الاخوات بذلن جهوداً كبيرة وأزواجهن وأبناؤهن كانوا ضحايا الحملات التي استهدفت إبعاد الاخوان عن اللعبة السياسية". وناشد العريان الرئيس حسني مبارك "أن يعمل على استكمال الحياة الديموقراطية بإسناد جميع مراحل الانتخابات للقضاة بدءاً من عملية الترشيح وانتهاءً بإعلان النتائج"، وشدد على ضرورة ان يشمل الإصلاح السياسي المرتقب إصلاح حال الحزب الوطني، ورأى أن اعادة هيكلة الحزب على أسس سليمة سيؤثر بالإيجاب على الحياة السياسية في مصر. وأظهرت النتائج خسارة المرشحين الرسميين للحزب الوطني كل مقاعد محافظة السويس فيما حصل الحزب على مقعد واحد فقط في بورسعيد، وفشل في الاحتفاظ بغالبية الدوائر في محافظاتالاسكندريةوسوهاج والبحيرة وقنا، لكن الحزب واصل سيطرته على محافظاتالمنوفية والاسماعيلية والفيوم، ليصل عدد نوابه في هذه المرحلة إلى 59 مقعداً. وفي تطور مفاجئ أعلنت وزارة الداخلية رسمياً فوز 118 مرشحاً للحزب الوطني والذي أرسل قادته خطاباً إلى المسؤولين عن الانتخابات يشير الى أن 59 من المرشحين المستقلين الفائزين هم من مؤسسي الحزب وعادوا إلى صفوفه ليرتفع عدد نوابه في المرحلة الأولى من 38 في المئة إلى نحو 80 في المئة. وطبقاً لإعلان وزارة الداخلية احتفظ المستقلون بعشرين مقعداً، منها مقعدان لنائبين احدهما ناصري هو كمال أحمد والآخر اسلامي هو عادل عيد، وحاز مرشحو "الإخوان" على ستة مقاعد، في حين بلغ نصيب أحزاب المعارضة 4 مقاعد، ويبقى مقعدان في دائرة الرمل في محافظة الاسكندرية ستجري عليهما الانتخابات في موعد سيحدد لاحقاً. وتشير دلائل المرحلة الأولى إلى احتمالات استحواذ المستقلين في نهاية الانتخابات على الكتلة الثانية في البرلمان الجديد بعد الحزب الحاكم، وسيأتي بعدهم جماعة "الإخوان المسلمين" ومن ثم المعارضة التي سيقتصر تمثيلها على ثلاثة أحزاب فقط هي التجمع والوفد والناصري. واحتل حزب التجمع الذي قدم 20 مرشحاً، الصدارة بين أحزاب المعارضة، إذ تمكن من الحصول على ثلاثة مقاعد وهم البدري فرغلي من بورسعيد وأبو العز الحريري من الاسكندرية وحسن المهندس من سوهاج. وتعرض حزب الوفد لصدمة كبرى، إذ حصل على مقعد واحد فقط ناله سيف الدين محمود من بورسعيد من اصل 72 مرشحاً. وكان رئيسه الدكتور نعمان جمعة أعلن أن الحزب يخوض معركة "المئة مقعد" ويطرح نفسه بديلاً للحزب الحاكم وفي صدارة المعارضة. وجاء الحزب الناصري الخاسر الأوحد بين صفوف أحزاب المعارضة الكبيرة إذ لم يحقق مرشحوه التسعة أي نجاح في هذه الجولة، كما خسر مقعده الوحيد في البرلمان السابق والذي كان يحتله النائب سامح عاشور عن محافظة سوهاججنوب مصر ولم يعد أمامه من فرصة سوى في فوز الأمين العام للحزب ضياء الدين داود الذي سيخوض الانتخابات في جولة الاسبوع المقبل. ويشار إلى أن تركيبة البرلمان السابق حفلت بسيطرة شبه كاملة للحزب الحاكم الذي استحوذ اعضاؤه على 435 مقعداً، فيما اقتصر وجود أحزاب المعارضة الوفد والتجمع والناصري والعمل والأحرار على 13 مقعداً والمستقلين 6 مقاعد فقط. وحققت مرشحات المرأة نتائج متواضعة للغاية إذ فازت اثنتان فقط من بين 29 مرشحة في الجولة الأولى، واحدة عن الحزب الحاكم هي عواطف كحك في محافظة الفيوم والثانية مستقلة هي نرمين الدرملي من سوهاججنوب مصر وحققت مفاجأة بحصولها على أعلى الأصوات في المحافظة. وجاءت النتائج في شأن المرشحين الأقباط مخيبة للآمال إذ أسفرت سقوطهم جميعاً وفي مقدمهم مرشح الحزب الحاكم في الاسكندرية رجل الأعمال عصمت ناثان الذي خاض جولة إعادة عنيفة في دائرة غربال أمام أحد المنشقين عن الحزب الحاكم. وأثارت نتائج المرحلة الأولى تساؤلات لدى المراقبين عن مصير مرشحي الحزب الحاكم الرسميين في المرحلتين الثانية والثالثة في الانتخابات، على خلفية كون المرحلة السابقة الأسهل التي خاضها أنصاره، إذ سيواجه في الاسبوعين المقبلين صعوبات جمة في مواجهة منافسين سواء من المنشقين أو المستقلين ومرشحي قوى المعارضة الذين يتركزون في هذه المناطق. وستنطلق انتخابات المرحلة الثانية يوم الأحد المقبل في 8 محافظات هي الدقهلية والغربية وكفر الشيخ ودمياط وسط الدلتا وجنوب وشمال سيناء والبحر الأحمر وأسوان جنوب مصر ويتنافس فيها 1279 مرشحاً في 67 دائرة منهم 134 عن الحزب الحاكم.