حُسمت أمس مسألة تقديم موعد الانتخابات العامة في اسرائيل في أعقاب اتفاق بين رئيس الحكومة آرييل شارون وزعيم حزب"العمل"عمير بيرتس على تقديمها الى الفترة الممتدة بين أواخر شباط فبراير وآذار مارس المقبل. وبات السؤال الابرز الذي يشغل الحلبة السياسية في اسرائيل هو ان كان شارون سيبقى في حزب"ليكود"الحاكم الذي اقامه قبل ثلاثة عقود، أم يغادره لاقامة اطار حزبي جديد تتوقع استطلاعات الرأي ان يكون الأقوى في الانتخابات المقبلة بفعل التأييد الشعبي الواسع لشارون على خلفية تنفيذه خطة فك الارتباط عن غزة ورؤية الاسرائيليين اليه ممثلاً عن اليمين المعتدل أو حتى تيار الوسط. وفيما تجنب شارون في السابق الادلاء بأي تعليق عن نيته مغادرة حزبه احتجاجا على تمرد عدد من نوابه في الكنيست على سياسته واكتفى بما كان يروج من اشاعات في هذا الصدد، الا انه عمد امس للمرة الاولى الى تهديد"المتمردين"بالقول انه سيحسم أمره في الأيام القريبة بعد أن تلتئم كتلة"ليكود"البرلمانية لتستمتع اليه عن خطته السياسية. وقال انه لن يسمح بعد بأن يشوّش اعضاء في"ليكود"على مشروعه السياسي. وفي حال قرر شارون فعلا الانشقاق عن"ليكود"، فستكون لذلك تداعيات على بيرتس نفسه وعلى الخريطة الحزبية والسياسية في اسرائيل، اذ تتوقع استطلاعات الرأي ان تحصل لائحة شارون الانتخابية المستقلة على 26 مقعدا، وان يحصل"ليكود"على 25 مقعدا، يضاف اليها المقاعد التي سيحصدها المتدينون واليمين المتطرف في الكنيست، ما يعني ان الغلبة ستكون للtيمين بكل الاحوال، مهما كان عدد المقاعد البرلمانية التي سيحصدها بيرتس في الانتخابات. ومن غير المستبعد ان يؤدي انشقاق شارون الى تغيير معالم الخريطة الحزبية في اسرائيل، اذ لم يستبعد المعلقون ان يلحق بشارون 13 نائباً على الأقل من"ليكود"، وربما ايضا عجوز حزب"العمل"صديق شارون ونائبه شمعون بيريز، والوزير العمالي حاييم رامون، فضلاً عن شخصيات تبوأت مناصب عسكرية رفيعة مثل رئيس جهاز"شاباك"السابق آفي ديختر. ويتفق شارون وبيرتس على تفضيل عقد الانتخابات"مبكرا قدر الامكان"، وكل منهما يسعى الى استغلال الزخم الذي تحقق له اخيرا. فشارون يريد ان يستغل تأييد الشارع الاسرائيلي سياسته للانسحاب من غزة، في وقت ما زال خصمه اللدود بنيامين نتانياهو يلملم فشله في اطاحة شارون وانحسار شعبيته داخل"ليكود"وفقاً للاستطلاعات، علما ان نتانياهو يفضل اجراء الانتخابات في ايار مايو علّه يكون استعاد قوته وقواعده في الحزب حتى يصبح قادرا على المنافسة. اما بيرتس، فمن مصلحته عقد الانتخابات في أقرب موعد، أولا لانه يرغب في استغلال زخم الانتصار الذي حققه وأحدث هزة في اوساط حزب"العمل"عندما فاز بزعامته، وثانيا لانه كلما قصرت المدة قبل الانتخابات، كلما كانت مهاجمته وتصيّد اخطائه أقل في وقت نصحه المقربون منه بأن يجنح اكثر نحو الوسط متعظاً من مسيرة الحمائمي عميرام متسناع الذي اصر على موقفه اليساري فسقط واعتزل السياسة. ومن مصلحة بيرتس ايضا ان تأتي الانتخابات قبل"يوم الاستقلال"في اسرائيل، علما انه خلال هذا اليوم ينظر الاسرائيليون الى رئيس الحكومة على انه زعيم شعب وليس زعيم حزب، فيما تستعرض الدولة العبرية قدراتها العسكرية، علما انه ليس لبيرتس اي خلفية عسكرية. وكان شارون قال خلال لقائه بيرتس أمس ان تقديم الانتخابات سيقود الى"جمود سياسي"، لكنه استجاب لطلب التبكير"لأنني لا أرغب في البقاء على رأس حكومة أقلية"، مضيفاً انه يريد اجراءها"في أقرب وقت... واذا أمكن في شباط فبراير"، مبرراً دوافعه ل"ضمان ألا يتحول العام 2006 الى عام ضائع، من ناحية العملية السياسية والتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين". وصرح بيرتس بأنه خوّل رئيس الحكومة اختيار الموعد المناسب بين نهاية شباط وآذار على ان يتحدد الموعد نهائياً في مفاوضات بين ممثلي الحزبين وإشراك الأحزاب الأخرى متوقعاً ان ينتهي ذلك قبل الاثنين المقبل، موعد تقديم مشروع قانون حل الكنيست. وفي حال عدم الاتفاق على موعد للانتخابات الاثنين، فإن نواب"العمل"سيصوتون لحل الكنيست، وسينسحب"العمل"من الحكومة التي ستصبح حكومة انتقالية بانتظار الانتخابات.