أفادت مصادر جزائرية مطلعة أن مشروع"ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"الذي سيعرض على الاستفتاء الشعبي في 29 أيلول سبتمبر المقبل سيسمح بتسوية الوضع القانوني لنحو 2400 عنصر"تائب"تخلوا عن العمل المسلح بعد انقضاء العمل بتدابير قانون الوئام المدني في 13 كانون الثاني يناير 2000. ولا يحدد الميثاق فترة انتهاء مفعول العفو. وعلى رغم التدابير التي وضعت تحت تصرفهم موقتاً في مقابل مساعدة الدولة في مكافحة الجماعات الإسلامية المسلحة، إلا أن عدم تمكينهم من تدابير قانون الوئام جعلهم أمام الهيئات الرسمية للدولة بمثابة عناصر ما زالت تنشط ضمن الجماعات الإسلامية. وتقول مراجع متطابقة أن غالبية هؤلاء"التائبين الجدد"كانوا ينشطون ضمن"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، ويُعتقد أن الأمير السابق لهذا التنظيم حسان حطاب سيكون على رأسهم بعدما توقف عن العمل المسلح عملياً منذ سنة 2003، مما دفع قادة هذا التنظيم المسلح إلى إبعاده. ورحبت أبرز قوى التحالف الرئاسي الذي يدعم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم بإعلان مشروع"الميثاق"، في حين أبدت قوى المعارضة تأييداً له على اعتبار أن الغرض منه هو وضع حد للعنف الذي يهز البلد منذ مطلع التسعينات. وبموجب أحكام الميثاق سترفع كل"المضايقات"القانونية التي كان يعاني منها نحو 6000 عنصر مسلح استفادوا من تدابير قانون الوئام المدني وأحكام العفو الرئاسي سنة 2000، ومن ذلك تمكينهم من الحق في الحصول على جواز سفر وإلغاء العمل بإجراءات الرقابة الأمنية التي كان يخضع لها كثيرون من"التائبين"بما في ذلك الذين قرروا التعاون مع السلطات في الحرب ضد الجماعات. وسجل محللون أن"ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"يختلف في الجوهر عن مضمون"العفو الشامل"الذي كان يدعو اليه الرئيس الجزائري. ويُعتقد أن ذلك له صلة مباشرة بالرغبة في معالجة مخلفات الأزمة بالدرجة الأولى وفتح المجال أمام المسلحين الذين يرغبون في العودة إلا ذويهم، شرط الا يكونوا من المتورطين في"المجازر، انتهاك الحرمات واستعمال التفجيرات في الاعتداءات على الأماكن العمومية". كذلك عمدت السلطات الجزائرية إلى غلق الباب أمام ممارسة النشاط السياسي"تحت أي غطاء كان"أمام قيادات"الجبهة الإسلامية للإنقاذ"المحظورة وعناصر الجماعات الإسلامية و"كل من كانت له مسؤولية في هذا العبث بالدين"، وأيضاً ضد كل من شارك في أعمال عنف. ويقول محللون أن هذا الموقف قد يضع مؤيدي مسعى المصالحة الوطنية في حرج شديد نظراً إلى تأكيد بعضهم - مثل الرئيس السابق أحمد بن بلة - استحالة نجاح أي مسعى للمصالحة من دون إشراك قيادات"جبهة الإنقاذ"التي تعتبر أحد طرفي الأزمة التي بدأت سنة 1991.