سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التيار الجهادي بمختلف تنظيماته يستفيد من العفو الكلي ... ومتطرفو "الجماعة" من تخفيف العقوبة بوتفليقة يعلن قريباً إجراءات "عفو" و "إبطال" ملاحقة عناصر "الجماعة" و "جبهة الإنقاذ"
أفادت مصادر مطلعة أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بصدد وضع اللمسات الأخيرة لإعلان يُتوقع صدوره قبل نهاية الشهر الجاري ويتضمن مجموعة من القرارات الرئاسية التي تسمح لعناصر الجماعات الإسلامية المسلحة، سواء من ينشط منهم في الجبال أو موجود في السجون، من العودة إلى ذويهم في مقابل التعهد بالتخلي عن العمل المسلح. وكان المجلس الأعلى للأمن حسم قبل يومين في القرارات التي ستُتخذ لمصلحة عناصر الجماعات المسلحة الذين يتعهدون احترام ما ورد في"ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"كشرط مسبق لاستفادتهم من القرارات الرئاسية المتوقعة. وأعلن قادة"التحالف الرئاسي"الذي يدعم الرئيس بوتفليقة ويضم أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم، عقب لقائهم في العاصمة، ليل الأربعاء - الخميس،"دعمهم الإجراءات التي سيعلن عنها رئيس الجمهورية قريباً". وقالت مصادر رسمية ل"الحياة"ان طبيعة المسعى الرئاسي ككل يرتكز على منهجية مزدوجة تهدف إلى تمكين المسلحين أو شبكات الدعم والإسناد للجماعات من الاستفادة من التدابير الرئاسية أمنياً وقضائياً سواء بتمكينهم من حق"إبطال المتابعات القضائية"أو"العفو"، أو باعتماد مبدأ تخفيف العقوبات الصادرة في حقهم. ثلاث فئات ويتعلق الأمر بثلاث فئات أساسية لا تزال محل ملاحقة من طرف السلطات الجزائرية في الداخل أو الخارج، وهي أولاً فئة"التيار السلفي الجهادي"الذين يوجدون بكثافة ضمن تنظيمات"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"التي تنشط وسط البلاد وشرقها والصحراء الكبرى وفي مناطق محدودة من الغرب، و"حماة الدعوة السلفية"الذي ينشط غرب البلاد، وأيضاً تنظيم"الجماعة السلفية للدعوة والجهاد"بزعامة عبدالقادر صوان المدعو"أبو تمامة"الذي يتحرك وسط البلاد. وفي شأن عناصر هذه التنظيمات ترجح مصادر حكومية أن تمنح لهم السلطات مهلة 6 شهور للكف عن نشاطهم المسلح وتسليم ما لديهم من سلاح في مقابل إبطال كل المتابعات القضائية في حقهم أو العفو عنهم في شكل كلي شرط عدم تورطهم في"المحظورات الثلاثة"وهي ارتكاب المذابح الجماعية، الاعتداء على الأماكن العامة باستعمال المتفجرات أو انتهاك الحرمات. وتقول مراجع موثوق بها إن السلطات ستمهد لهذا القانون بالإعلان قريباً عن قرارات حاسمة تخص الإفراج فوراً عن كل المساجين من عناصر هذه التنظيمات أو شبكات الدعم والإسناد وحتى الناشطين الذين غادروا البلاد بطرق غير شرعية"ما لم يتورطوا في شبكات الإرهاب الدولي". وتقدر مصادر عدد هؤلاء بما يزيد على 15 ألف سجين موزعين على أهم السجون في البلاد. وتشير مصادر أمنية الى أن عدد"التائبين"من صفوف"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"و"حماة الدعوة السلفية"مثلاً لا يتجاوز عنصراً واحداً كل يومين، وهي نسبة ضئيلة مقارنة مع"الصك الأبيض"الذي قدمه الشعب الجزائري للمسلحين خلال استفتاء 29 أيلول سبتمبر الماضي والذي دعم فيه الجزائريون ميثاق السلم والمصالحة بما يزيد على 97 في المئة من الناخبين، بحسب إعلان المجلس الدستوري. وفي مسعى الى تأكيد حرصها على تفكيك الجماعات المسلحة، بادرت السلطات الأمنية والقضائية في الجزائر إلى تخفيف الإجراءات الإدارية مع"التائبين"حيث يتم إخلاء سبيل كل من يتخلى عن العمل المسلح في اليوم نفسه الذي يتقدم فيه إلى أجهزة الأمن. ويقول مرجع بارز ان الهدف من ذلك هو تشجيع المسلحين على كسر"الحاجز النفسي"وتبديد الشكوك والمخاوف التي تنتابهم منذ الإعلان عن ميثاق السلم والمصالحة. وتهدد قيادة"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"بزعامة"أبو مصعب عبدالودود"واسمه الحقيقي عبدالمالك دردقال بتصفية الناشطين الذين يتخلون عن العمل المسلح. وتقول عائلات مسلحين ان لها أبناء يرغبون في النزول من الجبال لكن"الجماعة"عزلت أخيراً المسلحين في شكل كامل وبادرت إلى تصفية من تشتبه في كونهم يرغبون في التخلي عنها. ويقول"تائبون"حديثاً ان"الجماعة السلفية"حظرت على عناصرها قراءة ميثاق السلم والمصالحة الذي ألقته قوات الجيش بكميات كبيرة في الجبال، كما منعت عنهم قراءة الصحف أو الاستماع الى الإذاعات، فضلاً عن منع الزيارات العائلية أو استعمال الهواتف الجوالة، في خطوة تهدف إلى عزلهم بالكامل عما يحدث في البلاد. الفئة الثانية وبالنسبة الى الفئة الثانية في المسعى الرئاسي، تؤكد مراجع على صلة بالملف أن السلطات وضعت تدابير وإجراءات لمصلحة عناصر"الجماعة الإسلامية المسلحة"وغالبيتهم يوجدون حالياً في السجون وبعضهم ما زال ينشط ضمن تنظيم"كتيبة الأهوال"المنشقة عن"الجماعة"في غرب البلاد. وهؤلاء تعتقد السلطات أنهم كانوا وراء جرائم خطيرة نفذت في شكل مذابح جماعية أو انتهاك الحرمات أو استعمال المتفجرات في الاعتداءات على الأماكن العمومية ضمن ما يُسمّى في الأدبيات السياسية ب"الإرهاب الأعمى"الذي طال على وجه الخصوص الأبرياء والعزل. وستتخذ الحكومة لمصلحة هؤلاء إجراءات سواء بالعفو في شكل كلي عن العقوبات لمن تجاوز أو يكاد نصف فترة العقوبة أو بتخفيف بعض الأحكام القضائية أو استبدالها كلياً بهدف السماح لهم بالعودة إلى المجتمع في آجال قريبة من دون تجاوز"الخطوط الحمر"التي وضعها"ميثاق السلم والمصالحة الوطنية". وتخص هذه الإجراءات أساساً عناصر"سرية المجازر"التي كانت وراء المذابح الجماعية في العاصمة العام 2001 و2002 أو المتورطين في مجازر بن طلحة والرايس جنوب العاصمة وحد الشكالة في ولاية غليزان 300 كلم غرب الجزائر والأفراد المتورطين في المذابح أو التفجيرات أو انتهاك الحرمات والذين تمكنت السلطات من اعتقالهم وإحالتهم على القضاء الجزائري. ويذكر في هذا الشأن أن السلطات كانت أكدت أخيراً أن عدد عناصر"الجماعة الإسلامية المسلحة"لا يتجاوز حالياً 26 عنصراً ينشطون حالياً في ولاية البليدة 50 كلم جنوب والمدية 90 كلم جنوب. لكن غالبية عناصر"الجماعة"يوجدون في السجون سواء بسبب استثنائهم من قانون الوئام المدني كون غالبيتهم لم تصدر ضدهم أحكام قضائية في تلك الفترة، أو لأنهم مرتبطون بجرائم كبيرة يصعب على القضاء تجاوزها. وقد تسبب منهج"الجماعة"وأسلوبها في إدارة العنف في خروج غالبية الكتائب والسرايا عنها بدءاً من العام 1996 خصوصاً بعدما مزقتها الصراعات الداخلية التي راح ضحيتها في مواجهات داخلية عام 1995 ما يزيد على 500 عنصر مسلح في مرتفعات ولاية عين الدفلى 150 كلم شرقاً. الفئة الثالثة أما الفئة الثالثة والتي تخص قيادات وإطارات"الجبهة الإسلامية للإنقاذ"المحظورة في الخارج والذين كان لبعضهم دور مشبوه في تغذية أعمال العنف، فإن الرئيس بوتفليقة سيعلن في حقهم إجراءات إبطال كل الأحكام القضائية الصادرة في حقهم ووقف ملاحقاتهم على المستوى الدولي. وفي مقابل هذا سيضطر هؤلاء إلى دفع"ضريبة المصالحة"وهي التخلي عن ممارسة النشاط السياسي إلى أجل غير محدد سواء ضمن الحزب المحظور أو ضمن أي تنظيمات شرعية في البلاد. ويجري الحديث في هذا الشأن عن تقدم الاتصالات التي تقوم بها السلطات مع بعض قيادات"جبهة الإنقاذ"مثل السيدين رابح كبير وأنور هدام اللذين رحبا بمضمون الميثاق الذي ينتقده بعض قيادات الحزب المحظور في الداخل مثل السيدين عبدالقادر بوخمخم وكمال قمازي. حسان حطاب.. داعية السلام واستناداً إلى مراجع موثوق بها فإن السلطات الجزائرية تراهن كثيراً على دور حسان حطاب المدعو"أبو حمزة"الأمير السابق ومؤسس"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"لإقناع ناشطي هذا التنظيم الأهم بين الجماعات عدد أفراده حالياً يفوق الألف مسلح بحسب مصادر رسمية بالتخلي عن العمل المسلح في مقابل الاستفادة من تدابير العفو. ويستقر حطاب حالياً في إحدى مرتفعات جبال برج منايل على الحدود بين ولاية تيزي وزو وبومرداس 80 كلم شرقاً حيث يتولى مهمة إقناع المسلحين بشرعية"الجنوح إلى السلم". ويسانده في مسعاه هذا عدد من مؤيديه الذين خرجوا عن القيادة الحالية التي يصفونها ب"المنحرفة". وكان حطاب تحدث قبل أسبوعين هاتفياً مع مسؤولين في الدولة وجدد لهم رغبته في دعم كل ما من شأنه"إطفاء نار الفتنة"و"حقن دماء الجزائريين"، وتلقى في مقابل ذلك ضمانات أكيدة في شأن رغبة السلطات في المساهمة إيجابياً وبكل الوسائل في إنجاح مسعى السلم والمصالحة. وتقول مراجع موثوق بها إن عودة حطاب إلى ذويه ستكون في غضون أسابيع قليلة فقط وهذا بمجرد استكمال لقاءاته مع ناشطي"الجماعة"الذين يزورونه من مختلف المناطق وسط تسهيلات غير مباشرة توفرها قوات الأمن في الجبال أو المعابر الأساسية لإنجاح المسعى ككل. وكان حطاب من قيادات"الجماعة الاسلامية المسلحة"ثم انشق عنها بعدما تولى إمارتها عنتر زوابري في 1996. وفي 1998 أسس حطاب"الجماعة السلفية". وترددت أنباء في السابق عن مقتله، لكن تبيّن انها غير موثوقة.