"لا يقتصر أمر إهمال المنزل على المرأة العاملة، وإنما حتى غير العاملة أيضاً"، كما تقول الموظفة أحلام 36 عاماً وملامح الغضب واضحة على قسمات وجهها. وتدافع عن نفسها من دون أن تترك مجالاً للاستماع إلى رأي يخالف ما تقوله. تأخذ نفساً طويلاً كمصارع يستعد لمعركته، وتقول:"عدم كون المرأة موظفة لا يعني أن حياتها متوجة بالنجاح، وأنها تصب كل اهتمامها على العناية بأسرتها". وترى أن ذلك يعود إلى عدم موازنة المرأة لأعمالها المنزلية، وعدم سيرها ضمن ضوابط تحكم خططها اليومية، ما يعود على حياتها بالفشل سواء كانت موظفة أم غير موظفة. ويعتبر الفشل في التنسيق بين الوظيفة عند المرأة وأعمال المنزل، احدى القضايا التي تخلق صراعاً بين الزوجين السعوديين. وفيما تجهد بعضهن للتوفيق بين الأمرين، نجد من يهمل أحدهما على حساب الآخر. وتجسد منال 31 عاماً حالة عدم التوفيق بين عملها ومنزلها، ولحفاظها على وظيفتها تلقي أعمال المنزل على الخادمة، تاركة زوجها وأبناءها يحلمون بلقائها، وما إن تعود من العمل حتى تخرج إلى زيارة صديقاتها أو أهلها، أو التوجه إلى السوق. وتبرر ذلك"بضغوط العمل الكثيرة وحاجتها إلى الراحة بعيداً من مشكلات الأطفال". وعلى رغم ذلك، لا تتجاهل منال حب زوجها لما تطبخه، لذلك تعد له طبخة يومياً. ويقول زوجها:"المهم الطبخة لأنني أشعر بأن طبخ المرأة لزوجها يعطي نوعاً من الاهتمام أكثر من أي شيء آخر". وفي ما يتعلق بأولاده، يضيف:"أمرنا لله". وتسير مجموعة من النساء على نهج معين، يسوق إلى أهمية التنظيم بين العمل والمنزل، والاهم من ذلك الوعي بالمسؤوليات المناطة بكل امرأة عاملة أو غير عاملة. لكن يعتقد بعضهن بأنّ الأنظار تتّجه غالباً الى المرأة العاملة فقط، فهي موضع النقد. وترى سلمى 31 عاماً الموظفة الإدارية أن العمل له أثر كبير في طبيعة حياة المرأة العاملة. وتضيف إن"ساعات العمل تحكم عملية الموازنة بين عمل المرأة وبيتها وأطفالها". وتوضح أن"الوضع يختلف إذا كانت ممرضة أو طبيبة عن كونها معلمة". ولا يخفى ما يواجهه عدد من النساء من مشكلات تنشب بين المرأة وزوجها بسبب عملها. وهذا ما يجعل بعض النساء العاملات يصبن بحالة من التعب النفسي، وتعتبر حالات الخلاف بين الزوجين بسبب العمل أحد أسباب الطلاق. وعلى رغم ذلك، ذكرت دراسة نشرت أخيراً، أن 97 في المئة من السعوديين يفضلون الزواج من موظفة، لكن في الوقت عينه يرفضون الزواج من ممرضة أو طبيبة أو صحافية، بسبب طبيعة العمل وما فيه من اختلاط بالرجال. وتوضح وفاء 23 عاماً التي لا تعمل أن"الفشل في الحياة المهنية ناتج من فشل سابق في الحياة الأسرية". وتشير إلى أن"كثيراً من النساء يغطين فشلهن في القيام بواجبات البيت بالنجاح في أعمالهن". ويحاول بعض النساء تجاهل ما يتركه العمل من سلبية على جو الأسرة. لكن أخريات لا يجدن حرجاً في الاعتراف بذلك مع سعيهن الى التخفيف من الآثار السلبية. وتقول تغريد 35 عاماً التي تعمل موظفة في القطاع الصحي إن"عمل المرأة يهدد الأطفال، وفي الوقت عينه يعمل على الارتقاء بمستواهم". وتوضح:"قد تجعل المرأة العاملة حياة زوجها وأبنائها سعيدة، وذلك بالتخفيف من حالات الاحتقان، وإيجاد بدائل لتعويض الأبناء والزوج عن فترة الغياب التي تقضيها المرأة خارج المنزل". وترى أن"الرجل يتعامل بعقلية شرقية وغير متفهمة في بعض الأحيان ما يؤدي إلى مزيد من المشكلات، وربما يجبر المرأة على البقاء في المنزل، ولكن ذلك غير كفيل بالقضاء على المشكلات".