ترى الاختصاصية الاجتماعية فتحية صالح أن عمل المرأة أصبح ضرورة يفرضها التقدم والوعي الحضاري في المجتمعات، فهي عنصر رئيس في مسيرة التنمية، والفشل الأسري لا يرجع دوماً لعمل المرأة، فهناك ربات بيوت لا يعملن وفشلن أسرياً، من حيث عدم عنايتهن بشؤون المنزل ومراعاة الأبناء والاعتماد كلياً على العاملة المنزلية، بينما هناك عديد من النساء العاملات يحرصن على التوفيق بين المنزل والعمل، وهناك دراسات أثبتت أن للأمهات العاملات طرقاً أفضل للتربية؛ إذ أن غير العاملات يعشن في أوساط تغلب عليها الطرق البدائية في التربية، بينما الأم العاملة عادة تستفيد من محيط عملها لتحسين وعيها وإدراكها، ما ينعكس بدوره على طبيعة تعاملها مع أطفالها بطريقة منطقية ومنظمة ومتطورة. وبينت صالح أن عدد الساعات التي تقضيها الأم مع أبنائها ليس هو المقياس للرعاية، بل المقياس هو التعامل والأسلوب في التربية والتغذية، مشيرة إلى أن بعض الدراسات النفسية دلت على أنه لا أثر سلبياً على نفسية وسلوك أطفال النساء العاملات إذا توفر البديل المناسب لهن. وترجع السبب وراء فشل بعض النساء العاملات أسرياً إلى عدم استعداد كثير من الرجال لتخفيف الأعباء المنزلية عن زوجاتهم، وهذا ما يقف عائقاً أمام طموح المرأة لتحقيق إنجازات أعلى في مشوارها المهني، ويجبر نساء عديدات يطمحن للوصول إلى مراكز عالية إلى الاختيار بين أمرين إما الأسرة والأطفال أو المشوار المهني، والتوفيق بين الأمرين ممكن لكنه صعب. «الشرق» اطلعت على آراء ربات البيوت وبعض العاملات حول الأمر، حيث تقول المعلمة أسماء محمد «نجحت خلال 17 عاماً من العمل في أن أوفق بين عملي وبيتي بمساعدة زوجي، فهو لم يتنصل يوماً من مسؤولياته، بل كان يقوم بواجباته كاملة، وكان يتابع الأبناء دراسياً»، مشيرة إلى أن الفشل الأسري غير مرتبط بالمرأة العاملة، بل إنه يشمل حتى ربات البيوت، فالعمل ليس فيصل الحكم؛ لأن الظروف المترتبة على عمل المرأة وأثرها على الحياة أيضاً تقف على حسن التدبير وتحديد الموقف والشراكة بين الزوجين، وعلى الزوج تقبل ظروف عمل زوجته». فيما تخالفها الرأي الممرضة نورا محمد، مبينة أن المرأة العاملة لا تستطيع أن توفق بين بيتها وعملها، خاصة مع وجود أطفال وزوج لا يدرك معاناتها، وعندما يفتقر الزوج للمرونة والتعاون تكون الزوجة أمام خيارين إما الحياة بعمل مصحوب بمتاعب ومشكلات أسرية قد تنجم عنها أضرار جسيمة، أو العودة للمنزل وترك العمل بشرط أن يوفر الزوج لزوجته وأبنائه كل ما يحتاجونه، وهذا ما قامت به هي بالفعل، حيث تركت العمل وتفرغت لأسرتها، مبينة أنه طالما لا توجد حاجة للعمل فالأسرة أولى وكيان المرأة الأول في أسرتها. بينما تؤكد مريم عبدالرحمن أن عدم تعاون الرجل لا يعني فشل المرأة العاملة، ولكنه يعني رفع مستوى جهدها ومعاناتها في التوفيق بين البيت والمنزل، منوهة إلى أن المطلوب من الزوج تجاه الأسرة ليس أكثر من التزامه بواجباته كأب وزوج.