لا يزال طريق الآلام طويلاً بدارفور وبعيداً من السلام. فاليوم تعوق"حركة تحرير السودان"السلام ومفاوضاته في العاصمة النيجرية، أبوجا. والخلافات الداخلية بين قادة هذه الحركة، ومهاجمتها قوافل المساعدات الإنسانية، والاشتباك المسلح مع"حركة العدالة والمساواة"، أفقدت الحركة صدقيتها السياسية على طاولة المفاوضات. وعلى رغم انخفاض العنف بين الحكومة وهاتين الحركتين، لم يستتب الأمن بدارفور. ولم تلتزم الحكومة السودانية تعهدها لجم الجنجويد، وهم يدها اليمنى ومرتكبو مجازر أودت بحياة الآلاف. وفاقم توسع حركة تحرير السودان السريع وانقساماتها الداخلية، عجز بنيتها السياسية الهشة. وتعرقل العداوة الشخصية بين رئيسها عبدالواحد، وأمينها العام ميني آركو مينّاوي توحيدها، وتؤجج الخلاف بين قبائل الفور وزاغاوا ومساليت. وتحول انقسامات المتمردين السودانيين دون انتزاعهم تنازلات سياسية في مفاوضات السلام بنيجيريا. وتستغل حكومة الخرطوم هذه الخلافات لإثارة الخلاف بين القبائل وتأجيل التسوية السياسية. وتتجنب تالياً تحميل المجتمع الدولي إياها مسؤولية فشل مفاوضات السلام، ويتيح لها إبرام اتفاقات محلية متفرقة مع بعض القبائل والمتمردين. فانقسامات المجموعات المسلحة الداخلية قد تحبط المجتمع الدولي، وتدفعه الى تفضيل استقرار هش وفوري بالسودان عوض السعي الى حل شامل. ويفترض في هذا الحل أن يعالج السبب في أزمة دارفور التي نتج منها موت الآلاف ونزوح مليوني شخص. ولكن الجهود مستمرة لتوحيد حركة التحرير، والتوصل الى حل شامل ممكن. والخطوات التالية أساسية لنجاح هذه الجهود. أولاً، ينبغي على قادة التمرد تحديد مطالب سياسية مشتركة، وطرحها في مفاوضات السلام التي يرعاها الاتحاد الأفريقي. وثانياً، ينبغي الضغط على عبدالواحد زعيم حركة تحرير السودان للعودة الى السودان، على ما فعل ميناوي زعيم حركة العدالة والمساواة. فلا يسع قادة التمرد الإلمام بما يجري ميدانياً وعملياً بينما قيادة حركة التمرد، من المنفى. وثالثاً، يجب عقد مؤتمر في أسرع وقت ممكن للتوافق على بنية حركة التمرد، وتوزيع الصلاحيات السياسية على الأعضاء. ويجب القيام بإجراءات لإصلاح القيادة، وضبط العسكر، ووضع حد لأعمال عصابات السرقة والنهب. ورابعاً، على المجتمع الدولي دعم انعقاد هذا المؤتمر لوجيستياً، أي تأمين وسائل النقل والمساعدات الغذائية والأمن. وعلى هيئات المجتمع الدولي، أي الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة، التنسيق في ما بينها لتجنب تأليب فصائل التمرد المجتمع الدولي بعضه على بعضه الآخر. وليس تأجيل المفاوضات على الدوام، خامساً، نزولاً عند رغبة المتمردين، مقبولاً. فعلى"حركة تحرير السودان"تحييد النزاعات الشخصية، وتمثيل المدنيين الذين تحملوا ويلات النزاع في دارفور ونزحوا عن أرضهم. عن غاريث ايفانز وزير الشؤون الخارجية الاوسترالي سابقاً وسليمان بالدو مدير البرنامج الافريقي في منظمة انترناشينول كرايزس، لوفيغارو الفرنسية، 20/10/2005