أصبح الأردن الهدف الجديد للإرهابيين على رغم الانطباع الذي ساد في السابق أن هذا البلد هو من اكثر البلدان في المنطقة استقراراً. وجاءت تفجيرات عمان لتوفر مبرراً جديداً لإمعان التفكير في حوادث الشرق الأوسط، وجذور تلك الحوادث. وما لا شك فيه هو أن الوضع في العراق، وسياسة الولاياتالمتحدة الأميركية في هذا البلد والمنطقة عموماً، والنزاع العربي ? الإسرائيلي، كل ذلك يرتد على الأردن المجاور للعراق وإسرائيل. وكان هذا البلد يعد، منذ وقت طويل، ممراً إلى العراق. فانتقلت اليه مكاتب الشركات التي غادرت بغداد بعد بدء العمليات العسكرية. وتستضيف عمان اللقاءات والمحادثات الاقتصادية المتعلقة بالعراق. وعرف عن الأردن دعمه للعراق في جميع الحالات والظروف. والأردن أول بلد عربي أرسل سفيره إلى بغداد. وكانت السفارة الأردنية كانت أول سفارة أجنبية تتعرض إلى عمل إرهابي في بغداد. والأردن أحد الوسطاء في تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وأحد البلدان العربية القليلة التي تقيم علاقات ديبلوماسية بإسرائيل، بالإضافة إلى تطور العلاقات الاقتصادية والإنسانية بين البلدين. وهو حصل في 1996، على صفة الحليف الأساسي لواشنطن من خارج حلف الأطلسي. والمملكة الأردنية الهاشمية، منذ العام 2000، رابع دولة في العالم توقع مع الولاياتالمتحدة اتفاقية للتجارة الحرة. ومع هذا يسعى العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، إلى انتهاج سياسة مستقلة عن الحلفاء الغربيين . ولم تمنع علاقات التحالف الملك عبد الله الثاني من إلغاء زيارته إلى واشنطن في نيسان أبريل 2004، غداة إدلاء الرئيس الأميركي جورج بوش بتصريحات مدوية تناولت دعمه خطة فك الارتباط الإسرائيلية الأحادية. كما يبدي الملك عبدالله الثاني استعداده للتوسط بين واشنطن ودمشق، محاولاً بذلك استبعاد ظهور بؤرة نزاع جديد في المنطقة. ويعد الأردن، إلى حد ما، نموذجاً لحلم الشرق الأوسط الكبير، لأن البراغماتية والتجارة والتعاون حلت فيه مكان الحروب. في ضوء ذلك لا يبدو أن استهداف جماعة الزرقاوي الأردن أول بلد بعد إعلان الجماعة توسيع نشاطها خارج العراق، مجرد صدفة. ودلت التفجيرات التي استهدفت 3 فنادق في العاصمة الأردنيةعمان في التاسع من هذا الشهر أن الجميع معرضون لخطر التهديدات الإرهابية. وعلى رغم وجود أجانب وسط القتلى والجرحى في تلك التفجيرات إلا أن غالبيتهم من المواطنين الأردنيين. إن التفجيرات التي وقعت في عمان لا تعود إلى أسباب أردنية داخلية بقدر ارتباطها بالوضع في المنطقة بشكل عام. وتكمن المشكلة في اشتداد قوة الإسلام الراديكالي. ولم تعتبر بعض البلدان في أوائل التسعينات أن هذا العامل بمثل هذا المستوى من الخطورة. ومن الجدير بالذكر أن تلك البلدان كانت قد غضت النظر لفترة طويلة جداً عن الأعمال الإرهابية التي نفذت تحت شعارات الكفاح ضد المحتلين. وينبغي على البلدان الإسلامية أن تفكر هل فعلت كل شيء من أجل منع تعزيز مواقف الإرهابيين أم لا؟ ولا بد من الاعتراف بأن عمان بذلت الكثير من الجهود في هذا الاتجاه. لكن الأردن لم يتمكن بمفرده من تحقيق هذه الغاية نظراً للعلاقات الإقليمية المتشابكة. ومما لا شك فيه أن العوامل الخارجية تعزز من موقف الإرهابيين، وينبغي على الولاياتالمتحدة أن تدرك أنها بمحاولاتها الرامية إلى تمرير سيناريواتها تجاه العراق أو غيره من بلدان المنطقة تقوم بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط بالكامل. ماريانا بيلينكايا معلقة سياسية، نوفوستي الروسية، 11/11/2005