انتقدت الأممالمتحدة تشديد الجمعية الوطنية العراقية البرلمان شروط رفض مسودة الدستور المقبل للبلاد والذي سيجري الاستفتاء عليه منتصف الشهر الحالي، وتوقعت أن يعيد البرلمان العراقي النظر في قواعد الاستفتاء على الدستور. وقال خوسيه اراناز المستشار القانوني لفريق الاممالمتحدة للانتخابات في العراق:"عبرنا عن موقفنا للجمعية الوطنية والحكومة وأبلغناهما بأن القرار الذي اتخذ غير مقبول ولا يفي بالمعايير الدولية". وأصدر البرلمان العراقي الأحد قراراً عرف فيه كلمة"ناخب"بطريقتين مختلفتين، في خطوة اعتبرت تشديداً لشروط رفض مسودة الدستور الذي سيجري الاستفتاء عليه، على أساس انه لا يمكن رفضه إلا في حال صوت ضده"ثلثا الناخبين المسجلين"في ثلاث محافظات. وتحدد المادة 61 من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية، الذي وضعه مجلس الحكم 2003-2004، قواعد التصويت في الاستفتاء باستخدام تعبير"الناخب"غير الواضح من دون ان تحدد ما اذا كان الامر يتعلق بالمسجلين او الذين يدلون بأصواتهم. وبموجب هذه المادة، فإن"الاستفتاء العام على الدستور سيكون مقبولاً في حال وافقت عليه غالبية الناخبين في العراق ولم يرفضه ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات". ووافقت الجمعية الوطنية الاحد على وثيقة للجنة القانونية تنص على الاخذ في الاعتبار عدد الذين يدلون بأصواتهم للموافقة على الدستور والمسجلين لرفضه ما يجعل الامر الاخير صعباً للغاية. وجاء في النص الذي تبناه النواب ان"الكلمة الواردة في الشطر الأول من المادة 61 تعني المسجلين في سجل الناخبين الذين ادلوا بأصواتهم فعلاً في الاستفتاء، اما كلمة الناخب الواردة في الشطر الثاني من الفقرة فتعني المسجلين في سجل الناخبين". بمعنى آخر، فإن كلمة"ناخب"في الدستور الموقت يجري تفسيرها بطريقتين مختلفتين في البند ذاته. وقال اراناز:"لا يمكن ان يكون لديهم تعريف مزدوج في الجملة ذاتها. التفسير الذي طلبناه منذ شهرين ونصف الشهر جاء متأخراً وخاطئاً". ولفت الى انه اذا لم تتم تسوية المشكلة التي دفعت بالفعل بعض السنّة الى الدعوة الى مقاطعة الاستفتاء فسيؤثر ذلك في شرعية الاستفتاء. وقال:"عادت القيادة وقدمت تفسيراً للجمعية الوطنية ونأمل توضيح ذلك. لكن اذا مضى هذا الامر قدماً ستكون له آثار خطيرة على هذه الممارسة". واضاف:"سيكون مثل تحريك عوارض المرمى في نهاية المباراة". وكان مصدر في المنظمة الدولية فضل عدم كشف اسمه قال ان الأممالمتحدة"اعربت للحكومة العراقية عن قلقها لاجراء هذه التغييرات"على الفقرة 61 من قانون الاستفتاء. واضاف"قلنا لهم لا يمكنكم ان تضعوا تفسيرين مختلفين للفقرة ذاتها، فهذا يعني انكم وضعتم تفسيراً لما فيه منفعتكم الشخصية". وتابع"اعربنا لهم عن قلقنا وما زلنا نتباحث معهم للوصول الى تسوية". وبعدما دعا عدد كبير من القادة السياسيين والدينيين الى التصويت ب"لا"على الدستور، معتبرين ان الفيديرالية الواردة في النص ستؤدي الى تقسيم البلاد، أثار قرار البرلمان العراقي ردوداً غاضبة لدى السنة في البلاد، وأعلن حارث العبيدي عضو الهيئة التحضيرية ل"مؤتمر أهل العراق"بزعامة عدنان الدليمي ل"الحياة"ان البيان الصادر عن الجمعية يفرض حضور جميع الناخبين شرطاً لحساب أصواتهم في الوقت الذي تشهد فيه غالبية المناطق السنية مشاكل أمنية كبيرة لا يمكن تجاوزها في الأيام القليلة المتبقية على موعد الاستفتاء"واعتبر هذه الخطوة"في إطار محاولات تمرير الدستور بكل السبل". واعتبر صالح المطلق تفسير الجمعية الوطنية لنص المادة 61"محاولة جديدة لتمرير الدستور والتفاف خطير على القانون". وطالب الجمعية الوطنية بإعادة النظر بما وصفه"الصياغة الخاطئة للقوانين"ولفت الى"الجدية في منع سكان المناطق الساخنة من التصويت على الدستور"متهماً الحكومة ب"السيطرة على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والجمعية لتمرير الدستور والعودة الى السلطة في الدورة الانتخابية المقبلة عن طريق توجيه ضربات متلاحقة الى السنّة". وأعربت"هيئة علماء المسلمين"عن تشاؤمها من التطورات، وقال عصام الراوي عضو الهيئة ل"الحياة"ان"استخفاف قوات الاحتلال والحكومة والجمعية الوطنية بالقضية يمكن ان يفضي الى أزمات جديدة ويزيد من حدة العنف السياسي في كل الاتجاهات"ووصف الاجراء الأخير للبرلمان بأنه"يؤكد زيف الادعاءات الذي اطلقه حول التوافق بين جميع الأطراف على مسودة الدستور"وأكد"عدم إمكان إجراء الاستفتاء بشكل جدي خصوصاً في المحافظات السنية بعدما تحولت الى ساحة حرب". ويشكل السنّة الغالبية في ثلاث محافظات في العراق. في غضون ذلك، اصدر المرجع الشيعي آية الله كاظم الحائري فتوى اشار فيها الى عدم وجوب المشاركة في الاستفتاء على الدستور العراقي، مؤكداً انه لا يلبي طموحات الشعب العراقي المسلم. وافتى الحائري، الذي يعد الاب الروحي للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، بعدم حرمة التصويت، لكنه رفض"وجوب"التصويت. الى ذلك، دعت ايرانالعراقيين الى المشاركة بكثافة في الاستفتاء على الدستور وتعهدت احترام نتيجته.