غالباً ما تواجه مبادرات فردية عراقيل عدة، تجعل صاحبها يتردد ألف مرة قبل أن يقدم على إنجاز ما كان يفكّر به. إلا أن تجربة الشاب اللبناني مروان فرعون، وهو نائب مدير احد فروع مصرف لبناني، بدّلت مشهداً يتكرر كل يوم، خصوصاً انه، وعلى الرغم العراقيل الإنتاجية، استطاع أن يحقق مراده في إصدار أغنيات تتحدث عن شهر رمضان، وتخاطب الصغار والكبار في آن، وتكرّس، في شكل فرح، المفاهيم الإنسانية التي يحملها الشهر الفضيل. بدأت القصة عام 2000، حينما لاحظ فرعون في زيارته إلى معرض حمل عنوان"رمضان والميلاد"، نظراً لتزامن المناسبتين مع بعضهما البعض، أن معظم الأغاني التي كانت تبثّ جسّدت معاني عيد الميلاد، في وقت غابت الأغنيات الرمضانية عن المعرض... وعزا سبب ذلك إلى ارتباط أغاني رمضان بجمعيات وجهات معينة، تفضّل استعمالها في مناسباتها الخاصة من جهة، ولمسة الحزن التي تطغى على جو أغاني رمضان آنذاك. ويقول فرعون:"حضّني ذلك على البدء بكتابة شعر رمضاني، إذا جاز التعبير، موجه إلى الأطفال. عندما سمع أخي الأمر ضحك واستهزأ بقدراتي، كما أنه اعتبرني شخصاً غير منطقي. ولكن الحماسة التي ولدت في داخلي لم تسمح لي بالتراجع، فعرضت الفكرة على ثلاثة من أصدقائي الذين تحمسوا للعمل وعرضوا عليّ المساعدة بدورهم". أولى الخطوات التنفيذية كانت في لقاء مع الفنان أحمد قعبور، صاحب الباع الطويل في كتابة وتلحين الأغاني الرمضانية. وبعد أن رحّب قعبور بالفكرة، جاء دور الجهة التي ستتبنى العمل، فنظم الشاب ورفاقه حملة تبرّعات وصلت إلى مدينة بوسطن الأميركية."في هذه اللحظة، لم تعد الفكرة نشاطاً شخصياً وتحولت إلى عمل جدي يتطلب إيفاء بوعد قدمته إلى كل من وثق بفكرتي"، يقول فرعون. وهكذا تحولت المبادرة الفردية إلى جمعية"هدير"التي انطلقت مع تسعة شبان وشابات لبنانيين، تابعوا مراحل التحضير مع احمد قعبور. أما التوزيع الموسيقي فكان لفراس شاتيلا. في تموز يوليو 2002، أصبحت أغنية رمضان جاهزة على كاسيت. وأعطيت عنوان"حكاية رمضان". بعدها، بدأت مرحلة جديدة وشاقة: رحلة البحث عن شركة إنتاج تتبنى العمل. وبعد بحث وترحيب ورفض، تم الاتفاق مع شركة"الشاهد"للإنتاج الفني على إنتاج أغنية مصورة للأطفال تقدم في رمضان 2002. متابعة المشوار نجاح أغنية"حكاية رمضان - توتة"كان الدافع الأساس وراء تحضير أغنية ثانية مصورة للعام 2003 تحت عنوان"رمضان السنة دي". تميزت هذه الأغنية برصدها للتغيير الذي حدث لأطفال من بلدان عدة خلال شهر رمضان: منهم من تعرف الى الصلاة وآخرون على الزكاة والصوم. واستطاعت"رمضان السنة دي"أن تتوجه إلى الأطفال في كل الأقطار العربية عبر اعتماد لهجة لبنانية وأخرى مصرية، وفصحى إضافة إلى الفرنسية والإنكليزية. وتعاونت جمعية"هدير"في مشروعها الثاني مع شركة الشاهد للإنتاج الفني لتصوير الأغنية خلال أسبوعين، كما تبنت أكاديمية الدوحة في قطر تمويل جزء من تكلفة إنتاج هذه الأغنية وتصويرها. في عام 2004 تابعت"هدير"المشوار من خلال أغنية"يوم العيد"التي تجسد فرحة الأطفال بعيدي الفطر والأضحى بأسلوب مبسط. فهي تصور اليوم الأول للعيد منذ ساعات الصباح الباكر. فتبدأ المشاهد مع صلاة العيد، مروراً بالثياب الجديدة، العيدية، المعمول، زيارة الأهل وحرج العيد الذي بني خصيصاً للمناسبة. ونجاح التجربتين السابقتين أسهم في عرض العمل الأخير، على محطات فضائية عدة هي:"المستقبل"،"الجديد"،"أل بي سي"،"السومرية"، تلفزيون لبنان، قنوات"أوربت"، وغيرها. وفي جعبة فرعون اليوم الكثير من الأفكار التي يأمل بترجمتها على الورق وعلى صورة الشاشة الصغيرة، لكن المشكلة من جديد إنتاجية. مروان فرعون، يؤكد أنه لن ييأس. ومن يزور موقع جمعية"هدير"على الإنترنت www.hadeer.com يلمس محاولاته وزملائه في خلق مناخ جديد للأطفال يزرع الابتسامة على وجوههم ويقرّبهم أكثر من المفاهيم والرسائل التي يحملها الشهر الفضيل.