أحمد قعبور، حاضر في شكل دائم في ذاكرة الجمهور على رغم غيابه نسبياً عن دائرة الضوء. فأغنية "أناديكم" التي اعتبرها ذات مرة "أجمل ورطة" في حياته، يرددها الناس حتّى اليوم بعد سنوات طويلة من تقديمها للمرّة الأولى، كأنها تعويذتهم السحرية. هو حاضر أيضاً عبر "لعيونك" و"يا ليل يا عين"، ومقطوعاته الموسيقية القصيرة التي ثبت عبر شاشة تلفزيون "المستقبل"، ومن خلالها أطل على جمهور أوسع، كاسراً عنه طوق "الأغنية الوطنية" و"الالتزام"، وهما من العناوين التي يرفض قعبور أن يظل حبيسها أو يعلب في بوتقتها، فهو يغني للإنسان أي إنسان قبل كل شيء. وقد عاد قعبور مساء أول من أمس، بعد غياب عشر سنوات، ليواجه في قصر الأونيسكو في بيروت، جمهوراً مشتاقاً إلى "سماع صوته". وإلى والدته التي كانت بين الحضور أهدى أغنية "يا رايح صوب بلادي". جمهور قعبور كان حاشداً ومتنوعاً. يساريون سابقون، شباب من الجيل الجديد يحملون صور غيفارا ويعتمرون الكوفيات الفلسطينية... عائلات أتت مع أولادها الصغار ليتعلموا "حب بيروت" عبر أغنيات قعبور... عرب وخليجيون لا يعرفون قعبور إلا عبر أغانيه أتوا للتعرف إليه من قرب. ولاحظ كثيرون جلوس النائبة بهية الحريري إلى جانب الأمين العام الجديد للحزب الشيوعي خالد حدادة، وهو المنظر الذي علق عليه قعبور مداعباً: "إنني حققت الليلة إنجازاً لم يسبقني إليه أحد!" الحضور وقف على رجليه احتراماً، وقعبور بكى أكثر من مرة، عندما غنى "أناديكم"، التي ابتدأها بمقدمة جديدة وضعها لهذا الغرض بدأها ب"ناديني ولا تناديني" حاول من خلالها أن يختصر المسافة بين بداية غناء "أناديكم" قبل حوالى 27 عاماً، وبين اليوم الذي لم يجد فيه قعبور من يناديه سوى هذا الجمهور. "أم سعد"، "يا نبض الضفة"، "شرم برم"، "صبح الصباح"، "شو بدك"... كانت ضمن ما غنى قعبور، وكان من جديده أغنية للفرنسي ميشيل بيرجيه "بدي غني للناس"، وهي الأغنية التي أحبها منذ زمن. وكانت أغنية "اللي بيغني بصوت الناس"، من أجمل ما قُدم في الحفلة، وفيها حيا قعبور كلاً من سيد درويش وعبدالحليم حافظ وزكي ناصيف، معترفاً بفضلهم عليه وتأثره بهم موسيقياً. كما أدت نادين حسن "بيروت يا بيروت... يا قصة بصندوق فرجة كبير" بصوت رائع لم تقل فيه جمالاً عن أداء قعبور ذاته. ولم يغب عن الحفلة مسرح الدمى، وأغاني الأطفال التي اشتغل عليها قعبور طويلاً.