منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، اعتاد الفنان الموسيقي أحمد قعبور على تقديم أغان تحمل هماً اجتماعياً وانسانياً في شهر رمضان المبارك، وأغنيته لهذه السنة سمّاها "وتطلع هالتنهيدة" من كلماته وألحانه. وكما درج قعبور في أغاني رمضان، وضع عمله الجديد ليغنيه أطفال مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية ويخرجه تلفزيون "المستقبل". "بيروت يا بيروت" هي أول ما غنى قعبور لشهر رمضان بصوت الأطفال دار الأيتام الاسلامية ويحمل معها ذكرى عميقة، يقول: "رمضان تحت الاحتلال الاسرائىلي، كان حينها الصائمون يحارون على دوي أي مدفع سيفطرون". الاغنية الثانية "علو البيارق علوها" اتت لتعبر عن حكاية قعبور الحميمة مع جده والصيام وتهليل الاطفال للمسحر. واليوم اغنية "وتطلع هالتنهيدة" التي حملها موقفاً ضد ما اصاب العالم بعد أحداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر. ويشرح قعبور علاقته بشهر برمضان فيقول: "حكايتي معه لها شقان الاول انني احب شهر الصوم، وأغنية "علو البيارق" حملت "حدوتة" هذا الشهر، والثاني انني أحمل اغاني رمضان مواقف للصمود كما حصل مع "بيروت يا بيروت"، وما يختلف هذه السنة هو انني ضمنت الاغنية الجديدة موقفاً. فبعد احداث الحادي عشر من ايلول وما اصاب العالم من هلع، شعرت بضرورة ان اقول انني قوي بلسان الاطفال وبصوغ شعري وموسيقي بسيط جداً يحترم معادلة السهل الممتنع". تروي اغنية "وتطلع هالتنهيدة" قصة طفلة ترسم على الجدار بيتها وأهلها على الحائط كما يفعل اطفال العالم حتى يأتي "الأشرار" ويشوهوا الرسوم ويغيروا اسم الفتاة ويقيدوا يديها ويمنعوها عن الرسم عندها تطلق صوتها وتقول: "انا بدي غني عاطول/ واذا بعدا ايدي زغيرة/ بكرا/ بتكبر وزندي بيكب". مدة الاغنية دقيقة وخمسون ثانية. وأوضح قعبور انه لا توجد مقاربة مباشرة لشهرة رمضان فيها، انما توحي بمناخ موسيقي مستوحى من هذا الشهر، وهي تراوحت بين الغناء الفردي والإنشاد الجماعي، وهذه توليفة رافقت معظم أغاني قعبور الرمضانية شرحها بالقول: "عندما يكون هناك موقف يعبر عن شعور عام في الاغنية من الافضل ان تؤدى في شكل جماعي لأن الغناء الجماعي أقوى، اما الغناء الفردي فهو يعكس حالاً ربما تكون خاصة وحميمة". اختيار قعبور شهر رمضان مناسبة للغناء والتلحين يحمل اكثر من معنى على حد قوله: "لهذا الشهر صبغة اجتماعية وجمالية يجب أن تتجلى في الاغاني التي تترك في الاذن وقعاً ومعنى مختلفين عندما يؤديها الاطفال، كما انها مناسبة حميمة وجميلة لاطلاق فكرة جديدة". ويستدرك قعبور بالقول: "رمضان يذكرني بحروب وأزمات، واليوم نعاني ازمة اقتصادية في لبنان وثمة حروب في أفغانستان، وفي هذه الظروف رغبت بتسجيل موقف، وتوسل مقاومة ذات طابع انساني". لقعبور عمل موسيقي آخر في مسلسل "البحث عن صلاح الدين" للمخرج السوري نجدت انزور يطل على الجمهور خلال ايام رمضان ايضاً عبر اكثر من فضائية عربية وعنه يقول قعبور: "هي المرة الثانية التي اتعامل فيها مع انزور بعد المقدمة الموسيقية لمسلسل "بقايا صور". مدة موسيقى المسلسل ساعة، استغرق اعدادها نحو اربعة اشهر. وعلى رغم توخيه "التواضع" فقد اعتبرها نقلة نوعية في عالم الموسيقى اليوم، ذلك انها تنطوي على مناخات موسيقية مختلفة. يحضر المناخ الأوروبي مع مشاهد الصليبيين وحروبهم زاخراً بالطابع الكنسي والأكليركي والسلطوي، ويرافق المناخ العربي الاسلامي معارك صلاح الدين وانتصاراته كأغنية "طلع البدر علينا". "هذا عمل موسيقي متعب للغاية، نفذته بقلبين وأذنين، آمل ان يعجب الجمهور، لا سيما انه سيطبع على قرص مدمج ويوزع في الأسواق".