اثار وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في بكين أمس، تساؤلات في شأن حجم القوة العسكرية للصين، متهماً الاخيرة بعدم الإقرار بالحجم الحقيقي لنقفاتها الدفاعية، في حين طالبها بمساعدة بلاده في كبح البرامج النووية لكوريا الشمالية ومكافحة الإرهاب. ووصل رامسفيلد إلى الصين أمس، في زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه عام 2001، وتهدف إلى تعزيز العلاقات العسكرية مع القوة الآسيوية الصاعدة التي ينظر إليها البعض على أنها خصم محتمل للولايات المتحدة. وتأمل واشنطن أيضاً في زيادة حجم التعاملات العسكرية بين القوات المسلحة الأميركية والصينية التي تراجعت للانشغال بالقضايا الاقتصادية والسياسية، وسط قلق متبادل سلط الضوء عليه تصادم طائرة تجسس أميركية ومقاتلة صينية في الجو عام 2001. مدح وذمّ وفي تصريح أدلى به وهو على متن الطائرة التي اقلته من واشنطن إلى بكين، تساءل رامسفيلد عن دوافع الصين، بعد تقديمها رقماً أقل من الواقع في ما يتعلق بنفقاتها العسكرية. وكان أعلن في خطاب في سنغافورة في حزيران يونيو الماضي، أن الصين، وبعد سنوات من نمو موازنتها العسكرية بنسبة لا تقل عن عشرة في المئة، باتت تخلّ بميزان القوى في آسيا حيث تقيم الولاياتالمتحدة تحالفات مهمة مع كوريا الجنوبية واليابان. وعرضت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون في تموز يوليو الماضي، بواعث القلق بالتفصيل، في تقرير حذّر من أن النمو العسكري الصيني. ورفض رامسفيلد أمس، الإسهاب في الحديث عن خطابه في سنغافورة أو تقرير البنتاغون، ولكنه قال إن الولاياتالمتحدة ليست وحدها التي تراقب النمو العسكري الصيني. وقال:"من المثير للاهتمام أن تتساءل الدول الأخرى عن سبب زيادة قدراتهم الصينيون العسكرية إلى حد لم يعترفوا به بعد". وكان البنتاغون قدر الصيف الماضي، حجم النفقات العسكرية للصين ب90 بليون دولار، وهو ثلاثة أمثال الرقم المعلن عنه. وردّ الناطق باسم الخارجية الصينية كونغ تشوان على رامسفيلد، قائلاً إن بكين تأمل من زيارته"زيادة الفهم والثقة المتبادلة"بين الجانبين. وأضاف أن بلاده ترفض المزاعم بأن إنفاقها العسكري سري للغاية. وأشار الى أن الصين نشرت خلال السنوات الأخيرة سياستها وموازنتها العسكرية من خلال سلسلة من الأبحاث الشفافة. وقال:"تفهم العالم الخارجي للدفاع الوطني الصيني، آخذ في الاتساع". وخلص الى القول:"نأمل من زيارة رامسفيلد تعزيز فهم أميركا لسياسة الصين التي تتمسك باتباع درب السلام". اهمية الصين وقال وزير الدفاع الأميركي إن الإدارة الأميركية ترحب بنمو الاقتصاد الصيني، إلا أنه اعتبر ان ذلك شكل"نوعاً من التوتر"لدى زعمائها الشيوعيين خلال محاولاتهم التعامل مع أفكار وتأثيرات جديدة تدخل البلاد لا محالة برفقة الاستثمارات الأجنبية". وأضاف:"الصين دولة مهمة في المنطقة، إنها دولة تزداد أهميتها في العالم... دولة نرغب في أن نراها تنخرط في العالم، كما هي بالفعل، بطريقة سلمية وبناءة". وبالنسبة إلى العلاقات العسكرية، قال:"نرغب في أن نراها تتحسن واعتقد بأن الصين ترغب في ذلك أيضاً. السؤال هو ما إذا كان في إمكاننا توفير وسائل مريحة للجانبين لتحقيق ذلك". ووصف رامسفيلد زيارته التي تستمر يومين بأنها تأتي"في إطار نموذج"لعلاقات ثنائية آخذة في التعمق، وأشار إلى أن الرئيس الأميركي جورج بوش يعتزم أيضاً زيارة الصين في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وأعرب عن أمله في التعرف الى وجهة نظر نظيره الصيني تساو كانغ تشيوان ازاء زيادة التبادلات والزيارات العسكرية. وقال:"أهتم بمعرفة ما سيرغبون في عمله". برنامج الزيارة ومن المقرر أن يلتقي رامسفيلد اليوم الرئيس الصيني هو جينتاو الذي يترأس اللجنة العسكرية المركزية التي تدير الجيش الصيني. كما يقوم بجولة في مقر فيلق المدفعية الثاني الصيني، وهو منشأة صواريخ استراتيجية في تشينجي خارج بكين، وهي الجولة الأولى من نوعها لمسؤول أميركي. وذكرت مصادر أميركية أن طلبات الوفد الأميركي لزيارة"البنتاغون الصيني"في التلال الغربية خارج العاصمة الصينية، رفضت. ويتوقع أن يكشف رامسفيلد عن وجهة نظره إزاء الصين في خطاب يلقيه اليوم في مدرسة الحزب المركزي وهي منشأة تدريب للقيادات الشيوعية. وسيلقي أيضاً خطاباً أمام مدرسة عسكرية غداً الخميس. وأعلن الوزير أنه يريد مناقشة الوسائل التي يمكن للصين المساعدة من خلالها في الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة على الإرهاب، وكيف يمكن أن تضمن بكين التزام كوريا الشمالية بتعهداتها التي تم التوصل إليها في المحادثات السداسية الشهر الماضي، والتي جرت بهدف إنهاء برامج بيونغيانغ النووية. وقال:"نعتقد بكل وضوح بأن نفوذ جمهورية الصين الشعبية على كوريا الشمالية هو الأكبر بين المشاركين في المحادثات ونأمل في أن يكونوا قادرين على استخدام نفوذهم في شكل بناء". وتأتي زيارة رامسفيلد قبل خمسة أسابيع من زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى الصين، في ظل تصاعد المخاوف في واشنطن من تنامي حجم الجيش الصيني وزيادة نفوذ بكين في المنطقة. وينوي رامسفيلد بعد زيارته الصين، الانطلاق في جولة تشمل كوريا الجنوبية ومنغوليا وكازاخستان وليتوانيا. اعتقال"ارهابيين" وتزامنت زيارة رامسفيلد للصين، مع اعلان بكين اعتقال 19 اجنبياً بتهم الارهاب في اقليم شينغيانغ ذي الغالبية الاسلامية شمال غربي البلاد. وقال وانغ ليتشوان أمين الحزب الشيوعي في شينغيانغ في مؤتمر صحافي في العاصمة الاقليمية أورومكي امس:"اعتقلنا هذه السنة 19 شخصاً من الخارج أرسلوا الى شينغيانغ للقيام بأعمال تخريب عنيفة". وأضاف:"اعتقلناهم فور دخولهم أراضي الاقليم"المحاذي لطاجيكستان وافغانستان. كذلك قال وانغ ان السلطات أبلغت أبناء المعارضة من اقلية الايغور المسلمة ربيعة قدير التي تعيش في الولاياتالمتحدة، بعدم قدرتهم على مغادرة البلاد الى حين دفع ديونها.