لم يتوقف الجدل بشأن الدستور العراقي حتى بعد انتهاء الاستفتاء عليه السبت واعلان نتائج جزئية ثم تأجيل الاعلان عن النتائج النهائية لتدقيق نسب تصويت وصفت بأنها لا تطابق المواصفات الدولية، وبقيت العيون شاخصة في اتجاه ما ستؤول اليه النتيجة في محافظة نينوى 465 كلم شمال بغداد التي تضاربت التكهنات بشأنها بعد حسم النتائج الاولية في محافظتي صلاح الدين والانبار واجماع اكثر من ثلثي سكانهما على رفض مسودة الدستور حسب مصادر رسمية. وكان لتأخير عملية فرز الاصوات واعلان النتائج في نينوى أثره في تكريس التضارب في الاراء بين من يجزم بأن المحافظة لحقت بصلاح الدين والانبار في تحقيق النسبة المطلوبة قانوناً من الرافضين لاسقاط الدستور بحسب قانون ادارة الدولة العراقية، وبين تسريبات من مفوضية الانتخابات في العراق تؤكد ان نينوى لم تحقق سوى نسبة 60 في المئة من الرافضين وهي تقل عن نسبة ثلثي الناخبين المطلوبة. ويؤكد عضو لجنة المفاوضين عن العرب السنة الدكتور حسيب العبيدي ل"الحياة"ان الدستور"اسقط بالفعل لان التأخير في اعلان نتيجة محافظة نينوى يدل الى ما يحاك في الخفاء لتغيير نتيجة واضحة للعيان برفض الدستور". ويضيف ان تقارير مراقبي الكيانات السياسية الذين توزعوا في مراكز التصويت في الموصل وضواحيها اكدت تحقيق نسبة الثلثين من الرافضين"لكننا فوجئنا بوقف عملية الفرز ثم تسريب معلومات عن نجاح الدستور ما يثير الريبة في الموضوع برمته". إلى ذلك يؤكد محمود العزاوي رئيس مجلس الحوار في محافظة نينوى ل"الحياة"ان الدستور رفض بغالبية المشاركين، ويشدد على ان"القرار الذي اصدرته المفوضية بنقل صناديق الاقتراع لفرزها في بغداد يعمق الشكوك حول نية مفوضية الانتخابات في تزوير النتائج... لذلك طالبنا الاممالمتحدة بالاشراف الكامل على فرز الاصوات وعدم السماح بنقل صناديق الاستفتاء إلى بغداد خشية التلاعب والتزوير". وشهدت مراكز الاقتراع في محافظة نينوى وعددها 339 مركزاً، اقبالاً كبيراً وصل إلى 88 في المئة لكن النتيجة النهائية ظلت موضع تكتم لدى المسؤولين عن ادارة عملية التصويت في الموصل وبغداد، فيما امتنع مسؤول مكتب تصويت الموصل ظاهر الجبوري عن الادلاء بأي تصريحات أمس، مكتفياً بالاشارة إلى ان مكتبه لم يلب طلب مفوضية الانتخابات بنقل صناديق الاقتراع إلى بغداد. ونفى ما تناقلته بعض وسائل الاعلام عن نقل الصناديق إلى مطار الموصل الدولي بواسطة القوات الاميركية، مؤكداً ان الصناديق ما زالت في الموصل وتم التحفظ عليها باشراف لجنة دولية تابعة للامم المتحدة. وقالت مصادر مطلعة في مكتب مفوضية الانتخابات في الموصل ان نتائج فرز الاصوات في المناطق الرئيسية في المحافظة اشارت إلى رفض الناخبين الدستور بغالبية الثلثين. واشارت المصادر إلى ان ما بين 90 و95 في المئة صوتوا ضد المسودة في احياء سومر والموصل الجديدة والرسالة والزنجيلي والمحلبية وحمام العليل، فيما تراوحت نسبة التصويت ب"لا"في احياء الكرامة وبعشيقة والنبي يونس بين 45 و50 في المئة وبلغت نسبة التصويت بالرفض في حي الرشيدية 65 في المئة. لكن مفوضية الانتخابات في بغداد رفضت هذه الارقام واعلنت انها في صدد تدقيق معظم صناديق الاقتراع بعد ارسالها إلى بغداد إثر ظهور نتائج تفوق ال99 في المئة في محافظات شيعية وكردية، ما يعتبره معارضون للمسودة طريقة تتبعها المفوضية لجلب كل صناديق الاقتراع إلى بغداد ومن ضمنها صناديق الموصل التي تعد الهدف الرئيسي من وراء قرار المفوضية تأجيل البت بنتائج الاستفتاء، بحسب صالح المطلك الناطق باسم مجلس الحوار الذي اكد ل"الحياة"وجود أدلة موثوقة على رفض المسودة في نينوى تحاول الحكومة الالتفاف عليها من خلال منع اعلان النتائج واجراء عملية تزوير ستشمل اضافة آلاف العسكريين والمجندين من الجيش والشرطة والبيشمركة إلى محافظة نينوى بحجة ان هؤلاء كانوا يحرسون مراكز الاقتراع وبالتالي إنجاح المسودة. ويدعم التفسير الاخير فرضية المشككين في النتائج، خصوصاً وان الاف الجنود في الموصل من حقهم التصويت بنعم للدستور على الرغم انهم اساساً من سكان محافظات الجنوب العراقي او اقليم كردستان.