أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي أمس عن ارتياحه للتعاون الذي تبديه الجمهورية الاسلامية في إيران في شأن ملفها النووي في وقت صعدت طهران لهجتها حيال الاوروبيين الذين تتهمهم بعدم"الجدية"في التعاطي مع هذا الملف. وأشاد البرادعي في مؤتمر صحافي عقده على هامش المنتدى الاقتصادي في دافوس في سويسرا ب"التعاون الطيب"الذي تبديه طهران في المسألة النووية. وأكد أن الوكالة الدولية لا تملك في الوقت الراهن أي دليل على أن طهران تستخدم برنامجها النووي المدني للحصول على سلاح نووي كما تتهمها الولاياتالمتحدة. وقال:"طالما هناك تعاون من جانب طهران وطالما لم نكتشف سلاح الجريمة فإن المجتمع الدولي يجب أن يثق بنا... لا يمكننا أن نعمل على أساس الشكوك وإنما على أساس الوقائع". وهذه الشهادة الطيبة إزاء ايران تتناقض مع ما عبرت عنه كل من واشنطن وإسرائيل من تحذيرات في شأن توجه إيران إلى إنتاج أسلحة نووية. وكان وزير الدفاع الاسرائيلي شاوول موفاز حذر أول من أمس من أن إيران بلغت"نقطة اللاعودة"في مشروعها النووي، فيما لم يستبعد الرئيس جورج بوش في تصريحات أدلى بها في 17 الشهر الجاري عملاً عسكرياً أميركياً ضد إيران إذا فشلت الجهود المبذولة مع طهران لوقف برامجها النووية. وكان تقرير سري نفته طهران تحدث قبل فترة عن عودة التوتر إلى المحادثات النووية بين إيران والاتحاد الأوروبي ممثلاً بكل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وفي حين يسعى البرادعي إلى تهدئة الأجواء، صعد المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي من لهجته ضد الأوروبيين واتهمهم بأنهم يفتقرون إلى"الجدية"وإلا ستعيد طهران النظر في قرارها بالتعاون معهم. ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن خامنئي قوله إن"الأوروبيين الذين يتفاوضون مع ايران يجب ان يعرفوا انهم يتعاملون مع امة كبرى متمدنة ... واذا ما شعر المسؤولون الايرانيون ان الاوروبيين غير جديين في هذه المفاوضات فان مجرى الامور سيتغير". وأعرب البرادعي عن أمله في أن يسفر الحوار الأوروبي-الايراني المباشر عن نتائج طيبة واقترح أن تفعل الولاياتالمتحدة الشيء نفسه مع طهران. وقال:"من المهم أن تشارك الولاياتالمتحدة في هذا الحوار والمشكلة لن تحل من دون مفاوضات تجرى وجهاً لوجه"، مشيراً إلى ما تقوم به واشنطن إزاء كوريا الشمالية في شأن نشاطها النووي. وأكد البرادعي"إننا حققنا خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية تقدماً في فهم طبيعة ومدى البرنامج"النووي الإيراني. وأضاف:"إذا كان لدى البعض معلومات يستندون إليها للحديث عن برامج تسلح فإننا نود أن يصار إلى إبلاغنا بها". وكان مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية زاروا منتصف كانون الثاني يناير موقعاً للجيش الإيراني في بارشين جنوب شرقي طهران للتأكد من أن الايرانيين لا يعملون هناك سراً في نشاطات عسكرية نووية وهو ما أكده الاميركيون. وأعلن المفتشون أنهم سيقومون بزيارة ثانية لهذا الموقع. من جهة أخرى، أعرب البرادعي عن الأسف أن تكون جهود منع انتشار الأسلحة النووية"تمر في مرحلة صعبة"خصوصاً مع تنامي الاتجار بالصواريخ التي يمكن أن تصل إلى أيدي الجماعات الإرهابية، مطالباً بمنح الوكالة الدولية مزيداً من السلطات في هذا المجال. ورأى أن أي بلد يعقد العزم على صنع أسلحة نووية سيمكنه ذلك"في خلال أشهر أو سنة"ما يترك القليل من الوقت للوكالة لكي تتدخل في ظل الأوضاع الراهنة.